نتائج الخبراء والبرلمان الإيرانيَّيْن.. هل سقطت نظرية أوباما؟

نتائج الخبراء والبرلمان الإيرانيَّيْن.. هل سقطت نظرية أوباما؟

150904084921_ali_larijani_624x351_mehr_nocredit

بعد فوز الأصولي (المحافظ) المتشدد آية الله أحمد جنتي برئاسة “مجلس خبراء القيادة” قبل أيام، أعلن اليوم (29/05/2016) عن فوز الأصولي المعتدل علي لاريجاني برئاسة البرلمان الإيراني، وقد سبق ل لاريجاني المقرّب من تحالف خامنئي والحرس الثوري أن شغل منصب رئاسة البرلمان طيلة السنوات الثمان الماضية، لكنه هذه المرة عاد إلى المؤسسة التشريعية عبر قائمة معتدلة إلى جانب مرشحين محسوبين على الإصلاحيين المعتدلين.

وتعني هذه النتائج أن الأصوليين احتفظوا عملياً برئاستي “مجلس الخبراء” والبرلمان، وأن أصوات ومقاعد تحالف الإصلاحيين المعتدلين التي أحرزوها في انتخابات فبراير 2016، لم تُمكنهم من قيادة مؤسستين دستوريتين أساسيتين.

من الواضح إذن أن تحالف المرشد علي خامنئي والحرس الثّوري قد نجح في إدارة تعقيدات الانتخابات التّشريعية الأخيرة والتّحكم بنتائجها، فعلى المستوى الداخلي، استطاع إفراغ العملية الانتخابية من محتواها، وبالتالي إحباط أي حراك سياسي أو مدني إصلاحي يُمكن أن يَحدث من داخل المؤسسات. وعلى المستوى الخارجي، استطاع إلى حد ما، إقناع جزء من الرأي العام الدولي بوجود حقيقي لتداول السّلطة في إيران، وبالتالي تسريع وتيرة عودته إلى المنظومة الدولية.

وقد كشفت انتخابات فبراير 2016 عن تحولات غير مسبوقة طالت تقاليد الاصطفاف السياسي في المشهد الانتخابي الإيراني. والتي وصفها علي لاريجاني نفسه ب “تدوير القوى السياسية”.

هذا “التّدوير” اعتبرته بعض المقاربات الإعلامية المتسرعة، حينئذ، عودة للتيار الإصلاحي إلى المشهد السياسي الإيراني، وهو أمر غير صحيح، لأنه لم يعد هناك في إيران ما يسمى ب “التيار الإصلاحي” بالمعنى التاريخي المعروف، إذ تعرض هذا التيار لعملية تفكيك بدأت قبيل خروجه من السلطة سنة 2005 ولا زالت مستمرة إلى الآن، ولايزال مُتّهما بخيانة مبادئ ثورة 1979 من طرف تحالف خامنئي والحرس الثوري، ومعظم قياداته التاريخية السياسية والفكرية موزعة بين المنافي الخارجية والسجون، أو تحت الإقامة الجبرية والحصار الإعلامي، مثل حالة الزعيمين مهدي كروبي، وحسين موسوي، والرئيس الأسبق محمد خاتمي.

أما ما يُشار إليه ب “التيار الإصلاحي المعتدل” والفاعل حاليا في الساحة السياسية، فهم “إصلاحيون” تقودهم شخصيات كانت تحتل الصف الثاني أو الثالث في التيار الإصلاحي التاريخي، بعضهم مقرب من القوى الأصولية (المحافظة)، وقد قبلوا بقواعد اللعبة كما رسمها تحالف خامنئي والحرس، ومنها العودة إلى الحياة السياسية بضمانة الولاء المطلق لمبدأ ولاية الفقيه، والابتعاد أو التبرؤ من الخط التاريخي الإصلاحي وأحداث الثورة الخضراء سنة 2009.

وتكشف النتائج النهائية لأهم عمليتين انتخابيتين في عهد حكومة “الاعتدال” التي يقودها حسن روحاني أن تحالف خامنئي والحرس الثوري لايزال يمثل مركز القوة في النِّظام الحاكم، وأن هذا المركز لايزال يَعتبر أيّ تَحوّل داخلي يقود إلى تعديل موازين القوى داخل النظام، خيانة لأيديولوجية الثورة، ولو كان هذا التّحول ناعماً، وفي إطار واقعية المصالح المتبادلة.

إن رهان القوى الغربية على “تيار الاعتدال” ورئاسة حسن روحاني لإحداث التّحول المطلوب داخل إيران غير واقعي، لأنه لم يُقدِّر بدقة حجم قوة تحالف خامنئي والحرس، والتي عزّزتها نتائج الاتّفاق النووي، بالإضافة إلى مشهد الارتباك الحاصل في عملية إعادة ترتيب النظامين الإقليمي والدولي.

ويبدو واضحا أن منهجية الصراع بين الاعتدال والتّشدد أصبحت جزءًا جوهرياً من السلوك الاستراتيجي الإيراني، فهي التي كانت داعماً للاختراق الإيراني في ملف المفاوضات السّرية مع الولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي، ثم غطاءً مناسبا للمفاوض الإيراني في مفاوضات الملف ذاته مع مجموعة 5+1. كما ساهمت هذه المنهجية في إعادة التيار العام للمعارضة السياسية والمجتمعية داخل إيران إلى سقف النظام، بعد أن اتّجه هذا التّيار نحو مسار المعارضة الجذرية من خارج النظام سنة 2009 إبان أحداث “الثورة الخضراء”.

وختاماً، تبدو خيارات الرئيس حسن روحاني وحلفائه محدودة أمام قوى التّحكم التي يقودها تحالف خامنئي والحرس الثوري، فنجاح روحاني في الملف النّووي، لم يَعد يعني أنه قادر على التأثير في معادلة الحكم القائمة داخليا، أو إمكانية تعديل السلوك الاستراتيجي للنظام في الخارج، فهل تعني هذه النتيجة أن نظرية الرئيس باراك أوباما والتي أسس عليها فكرة الاتفاق النووي مع إيران قد سقطت بالفعل؟

رشيد يلوح

العربية نت