ماذا حدث في قاعدة “بلد”؟

ماذا حدث في قاعدة “بلد”؟

الحشد الشعبي ـ الامريكان ـ قاعدة بلد

من الأسباب التي دعت الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال العراق في نيسان/إبريل عام 2003م، تأسيس قواعد عسكرية ثابته فيه، وهذا ما تحقق إذ يوجد لها عدة قواعد عسكرية منها قاعدة أسد وقاعدة في مطار بغداد وقاعدة في مطار أربيل وقواعد أخرى. ولعل أهم القواعد العسكرية الأمريكية في العراق هي قاعدة “بلد” لأن في هذه القاعدة مطار كبير وطائرات “إف16” كما يوجد بقاعدة “بلد” قوات أمريكية وشركات غربية وعالمية مهمة وعلى رأسهم شركة “لوكهيد مارتن” تعتبر الشركة أكبر شركات العالم على الإطلاق في مجال الصناعات العسكرية ، ففي عام 2009 م شكلت مبيعاتها العسكرية 74% من مجمل مبيعاتها ، وكانت 7.1% من مجموع مدفوعات البنتاغون لهذه الشركة حيث بلغت مبيعات الشركة لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون في عام 2009 م 38.4 مليار دولار .تعمل شركة لوكهيد مارتن في أربع مجالات رئيسية هي الصناعات الجوية (Aeronautics) بنسبة (27%) ، و الأنظمة الإلكترونية (Electronic Systems) بنسبة (27%) ، و تكنولوجيا المعلومات و حلول الأعمال (Information Systems & Global Solutions) بنسبة (%27) ، و صناعات الفضاء (Space Systems) بنسبة (19%) .تنتج الشركة طائرات النقل العسكرية و الطائرات المقاتلة و أنظمة الرادار و الأقمار الصناعية و الصواريخ بأنواعها المختلفة ومنها صاروخ أرض جو و صاروخ قصير المدى و صاروخ باليستي) بالإضافة للعديد من التجهيزات العسكرية المتقدمة .بعض صناعات الشركة :صاروخ ترايدنت طائرة بيه-3 أوريون الطائرة المقاتلةإف-16 فايتنغ فالكون صاروخ تايتان.

فالشركات العاملة في قاعدة “بلد” تعمل على تدريب وصيانة “إف16″العراقية، وذلك في سياق اتفاقية “سوفا” التي وقعت في العام 2008م، بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فهي اتفاقية استراتيجية بين الجانبين تهدف إلى تنظيم وجود القوات الأمريكية في العراق ودعم القوات العراقية في مختلف المجالات العسكرية. وبحسب معلومات توافر عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وبخطوة غير متوقعة أقدمت في السادس من الشهر الحالي مجموعة من المليشيات يقدر عددها 200 عنصر باقتحام قاعدة”بلد”  بأمر من إيران، هذا الاقتحام غير محسوب عواقبه أدى إلى توقف الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها العاملة في القاعدة عن تقديم خدماتها للطئرات العراقية “إف 16” كما أدى توقف الطلعات الجوية الأمريكية.

كما استاءت الشركات الأمريكية من هذا الاقتحام وأبلغوا السفير الأمريكي في العراق “ستيورات جونز” بما حدث داخل القاعدة، ومن جانبة أبلغ السفير الأمريكي   رئيس الوزراء العراقي حيدر عبادي بذلك الاقتحام، وأبلغه بضرورة انسحاب تلك العناصر من القاعدة، ومن جانبه تواصل رئيس الوزراء مع قيادات الحشد الشعبي بصفته المسؤول الأول عنه وتبين من خلال المباحثات بأن المليشيا المسؤولة عن هذا الاقتحام تعرف بإسم “كتائب الإمام علي” والذي يقودها “شبل الزريجاوي”، وبعد مفاوضات طويلة بين رئيس الوزراء العراق والسفير الأمريكي من جانب ومليشيا الحشد الشعبي من جانب إلا أنهما لم يتوصلا إلى حل ينهي هذه الأزمة الكبيرة، بمعنى أن المليشيا لم تصغ لأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمغادرة القاعدة وعلى الفور. هذا الرفض يعتبر إخلالا صريحا لاتفاقية “سوفا”  وإخلال لمشروع”إف16″ التي صرف عليها العراق مليارات الدولارات، إذ يعتبر هذا المشروع  حاسم جدا لكسر شوكة التنظيم الإرهابي في العراق.

ومن جانبها هددت الولايات المتحدة الامريكية باتخاذ عدة اجراءات فورية ما لم تنسحب مليشيا ” كتائب الإمام علي” من القاعدة ومن هذه الاجراءات أولاً” أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية عمل الطائرات الحربية ضد مواقع “داعش” في العراق، ثانيا طالبت الإدارة الأمريكية من موظفيها العاملين في القاعدة والذين هم حاليا “مجازين” في دول الخليج العربي بعدم العودة إلى العراق، وهددت الإدارة الأمريكية إذا لم تخرج مليشيا “كتائب الإمام علي” اليوم، من قاعدة البلد فإن باقي الأمريكيون العاملون فيها سيغادرونها.  وهذ إشارة خطيرة من قبل إيران للولايات المتحدة الأمريكية بأننا أي الإيرانيون أصحاب القرار ببقائكم أو خروجكم من العراق. وعليه نؤسس لنقول كيف يمكن إحتواء هذه الأزمة، فهل الذي خطط لاقتحام قاعدة “بلد” كان مُدركا لنتائجها السلبية، باعتبار هذه القاعدة كغيرها من القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في أماكن مختلفة من العالم تعد امتداداً لسيادتها، لعل الساعات أو الأيام القادمة ستكون كاشفة لأبعاد هذه الأزمة؟ يبدو أن السفير الإيراني في العراق كان محقاً عندما توقع للعراق قبل شهر بصيف شديد الحرارة. لكن هذا الصيف الحار وانعكاساته السلبية لن تطال القواعد العسكرية الأمريكية في العراق إذ نتوقع انسحاب مليشيا “كتائب الإمام علي” من قاعدة “بلد” الجوية”، قبل نهاية الموعد المحدد للتهديد الأمريكي، لأن استفزاز دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية ليس بالأمر الهين ولن يمر مرور دون عقاب سواء على من خطط أو نفذ لعملية الاقتحام.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية