كيفَ اختفتْ الـ 250 مليارَ دولار؟

كيفَ اختفتْ الـ 250 مليارَ دولار؟

this-is-what-a-trillion-dollars-looks-like_169719_large

نحن الآن في أزمة حادّة.. دعكم من الأزمة السياسية التي يُراد لها أن تبقى عصيّة على الحلّ، فالأزمة الاقتصادية والمالية ليست أدنى وطأة ولا أقلّ ثقلاً.. إنها تطحن الأرواح وتسحق الآمال والأحلام، حتى المتواضع للغاية منها.

منذ أشهر تنخرط حكومتنا في مباحثات مُضنية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لاقتراض 15 مليار دولار منهما، فنحن في مسيس الحاجة إلى هذا المبلغ كيما تواصل قواتنا المسلحة الحرب ضد داعش بنجاعة، وحتى لا تنهار دولتنا من الأساس. حتى الآن وافق صندوق النقد على إقراضنا 5.4 مليار دولار، وثمة طريق طويلة للحصول على المتبقي من مبلغ الـ 15 مليار دولار.

في الأثناء تعمل الحكومة على إصدار سندات خزينة بقيمة سبعة تريليونات دينار (أقل من 6 مليارات دولار) لسدّ عجز الموازنة البالغ نحو 22 تريليون دينار، وستُطرح خمسة ترليونات منها في السوق المحلية والباقي في السوق الدولية.

تعالوا نتخيل معاً أنّ جهة ما في العالم – مجموعة من الحكومات الغنية أو من المؤسسات المالية الكبرى المتخمة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمصارف الكبرى – قد رأفت بحالنا واجتمعت إرادتها على تقديم قرض لدولتنا بقيمة 250 مليار دولار.

هو مبلغ فلكي مهول بالطبع، ولكن لا تنسوا أننا نتخيّل هذا.

ما الذي يمكن أن يفعله هذا المبلغ الأُسطوري؟
أقلّ ما يمكن أن يفعله هذا المبلغ، إذا ما استثمر في مجالات الاستثمار المختلفة، هو تحقيق عائدات بقيمة 25 مليار دولار سنوياً. هذا المعطى يستند إلى واقع أنّ نسبة الربح من هذا الاستثمار تبلغ 10 بالمئة، وهذه نسبة تُعدّ متدنّية في مجال الاستثمار.

لكن، بمبلغ 250 مليار دولار يمكن أيضاً إنشاء 4000 مشروع زراعي وصناعي وتجاري وفي مجالات الكهرباء والنقل والاتصالات وسواها.

تخيّلوا ما يُمكن أن ينجم عن هذا العدد من المشاريع .. على صعيد العمالة وحدها، ونحن نعاني الأمرّين من البطالة ومن الفقر الناتج عنها، يمكن لهذه المشاريع أن تُشغّل 400 ألف عامل وموظف (بمعدل 100 عامل وموظف لكل مشروع كحدّ أدنى)، أي أنها ستوفّر الحياة الكريمة لمليوني فرد عراقي، ناهيكم بالطبع عما ينتجه هذا العدد الغفير من المشاريع من السلع والخدمات وما توفّره هذه السلع من عائدات ماليّة.

لأكشف لكم الآن عن أنّ هذين الرقمين (250 مليار دولار و4000 مشروع ) ليسا افتراضيين في الواقع. إنهما وردا على لسان المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح الذي أعلن منذ أيام قلائل أنّ عدد المشاريع المُعطّلة في البلاد يزيد على أربعة آلاف مشروع، هي بقيمة إجمالية تصل إلى 250 مليار دولار.

كيف تعطّل كلّ هذا العدد من المشاريع؟ وكيف تبدّد مع هذا التعطّل هذا الرقم الفلكي للدولارات (250 ملياراً)؟
اسألوا عن سوء الإدارة في دولتنا التي تديرها أحزاب الإسلام السياسي، وفتّشوا عن الفساد الإداري والمالي الذي تجاوز كلّ الحدود وتخطّى كلّ الخطوط الحمراء على مدى السنين العشر الماضية.

هذا العبث الجنوني بثروة الشعب هو ما حوّلنا إلى شحّاذين على أبواب العالم، وأكبر المسؤولية عنه يقع على عاتق حكومتي نوري المالكي (2006 – 2014). ومَن يرى خلاف هذا ليُثبته لنا.

عدنان حسين

المدى