العراق وضياع فرص التنمية

العراق وضياع فرص التنمية

cbjc-qjdx

يمر الاقتصاد العراقي في هذه المرحلة من عمر العراق الحديث بأقسى وأدق مراحله ، فالاقتصاد اليوم يواجه تحديات تنذر بخطر كبير جدا ، وهو امر لايمكن تغافله .

الحكومات العراقية السابقة ، وما تخللها من فساد ومحسوبية وتجاوز على المال العام ، وتحايل على القانون من اجل مصالح شخصية ، افرزت اقتصاد مشوه كليا ، بالتالي ترهل الادارة في مفاصل الدولة مع اهمال باقي الشركاء الاقتصاديين من قطاع خاص وغيره فكانت النتيجة ان صنف من الدول الفاشــلة .

لو نظرنا الى حالات التجاوز والفساد التي المت بالدولة العراقية خلال السنوات الماضية ، سنلاحظ بأن اكثر من 95% من حالات الفساد والسرقة كانت داخل اروقة القطاع العام ، لا سيما الوزرات والهيئات ذات الاختصاص المالي والاقتصادي، وعلى رأسها النفط الذي يشكل 95% من ايرادات العراق، وما تبقى هو في القطاع الخاص.

تشير الدراسات والتقارير ان عدد العاملين في القطاع العام قد وصل الى اكثر من 4.5 ملايين موظف ويتقاضون ما يزيد على 51 تريليون دينار عراقي أي نحو 42 بليون دولار» وهذه يثير تساؤلات حول الحجم الحقيقي للأيدي العاملة في العراق ، وهل فعلا جميع هؤلاء هم عاملين ام انها يمكن قياسها على ظاهرة الجنود الفضائيين ؟؟

ويترافق الفشل الاقتصادي مع عجز في الموازنة العامة وبطبيعة الحال وصلت البلاد الى حالة من الافلاس حتى باتت غير قادرة على دفع رواتب موظفيها ، ولا سداد الالتزامات المفروضة عليها سواء داخليا او خارجيا .

ويقدر الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حجم الازمة المالية التي يمر بها العراق بـ50 بليون دولار بين عامي 2016 و2019 ، والحقيقة ربما يكون هذا الرقم غير كافي لخروج العراق من الضائقة المالية ، خصوصا مع سيل الفساد الذي لم يتوقف ، والاوضاع الداخلية ،من حرب على الارهاب ودعم المليشيات والجيش العراقي ، ناهيك عن تجاوزات دول مجاورة على العراق ومقدراته ، ولا ننسى حجم الدمار الذي خلفته الحرب على الارهاب ،والكثير من البنود التي تجعل من هذا الرقم غير كافي حقا .

لقد اهدرت الحكومات السابقة لا سيما الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي الكثير من الفرص لانتشال الاقتصاد العراقي من مستنقع الافلاس ، كان ذلك ممكناً من خلال اشراك القطاع الخاص بجهود التنمية ، والوقوف بجانب القطاع العام لتخفيف الضغط على موازنة الدولة ، الا ان تلك الحكومة وغيرها كانت عبارة عن ملاذ آمن للفاسدين والمتجاوزين على المال العام ، وبالتالي افرزت لنا موازنة خاوية واقتصاد منهك على شفا الانهيار ،حتى مر عام 2014على العراقيين بلا موازنة  وانعكس هذا الحال على مجمل مناحي الحياة في الدولة العراقية اليوم فقد وصلت مؤشرات  الفقر والبطالة الى معدلات مرعبة ، يرافق ذلك ارتفاع الدين العام .

في الحقيقة تعد الرؤية السليمة والادارة الرشيدة جوهر العملية الاقتصادية في اي بلد ، لكن في النموذج العراقي كان الامر مختلف تماما فقد كان المحاصصة والشخصنة هي من تطبق على مفاصل الاقتصاد ، دون ان يكون هناك استشراق للمستقبل ، فكان ان ذهبت الاموال الى غير رجعة ،وأضاع ساسة العراق فرص التنمية من خلال وفرة الواردات التي افرزتها سنوات الانتعاش النفطي ، لكن انهيار اسعار النفط كشف عورة المسؤولين العراقيين بأن لم تكن تلك الاموال موجدة اصلا في الخزينة العراقية !!

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية