الاتفاق النووي الإيراني هو المغير لقواعد اللعبة بالشرق الأوسط

الاتفاق النووي الإيراني هو المغير لقواعد اللعبة بالشرق الأوسط

الاتفاق-النووي

قبل عامين، بدا أنه من المحتمل جدا اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط. وبالرغم من تحمل أقصى العقوبات الدولية التي يمكن أن تفرض على الأطلاق على قوة غير قتالية، أصرت الحكومة الإيرانية على زيادة برنامجها النووي.

وكان عدد أجهزة الطرد المركزي لديها والقادرة على تخصيب اليورانيوم قد ازدهر في أقل من عقد من مجرد حفنة قليلة إلى ما يقرب من 20 ألف. وكان مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ينمو سريعا. ورغم إصرار إيران على أن برنامجها كان مخصصا لأغراض سلمية، كانت الولايات المتحددة والعالم متشككين، خاصة عندما عاملت إيران إٍسرائيل وجيرانها بعدائية.

وفي عام 2014، ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة برسوم كاريكاتيرية تظهر إيران وهي تقترب من الخط الأحمر النووي. وأشار إلى أن إسرائيل لا يمكن أن تتجاهل ما كان ينظر إليه على أنه يشكل تهديدا وجوديا. وكانت هناك دعوات في بلاده للقيام بعمل عسكري.

وخلص المحللين العسكريين المخضرمين إلى أنه، بغض النظر عمن بدأ، فلن يقتصر الصراع على عدد قليل من الضربات الجراحية. وقد تكون حرب عظمى.

واليوم، فمعظم مشكلات الشرق الأوسط لا تزال قائمة. ولكن يرى البعض أن خطر نشوب حرب كبرى مع إيران قد توارى تقريبا. إن الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع الأعضاء الآخرين الدائمين في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا، وتحت رعاية الاتحاد الأوروبي، تفاوضوا على واحدة من أعقد وأشمل اتفاقات عدم الانتشار في التاريخ مع جمهورية إيران الإسلامية. ويقال أن هذه الاتفاقية قد أزالت معظم المخاوف الحالية حول البرنامج النووي الإيراني. والتصديق عليها من قبل دول القوى العالمية الرائدة منحها سلطة استثنائية.

وبموجب الاتفاق، قطعت إيران وأزالت ووضعت مخزونها من أجهزة الطرد المركزي المثبتة تحت رقابة دولية قصوى. وصرحت إيران بأنها أنهت تخصيب اليورانيوم وأزالت جميع المواد النووية في منشأة فوردو سرا. وخفضت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 98 في المئة. وأزالت قلب (أرك)، وهي محطة مفاعل أبحاث الماء الثقيل. وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بانتظام أن إيران توفي بالتزاماتها.

وقد قبلت إيران أيضا بنظام للتحقيق لم يسبق له مثيل، يشمل الرصد المستمر لمنشآتها النووية. وبالإضافة لذلك أعلنت إيران أنها لن تمتلك أسلحة نووية. وبعض القيود الاستثنائية على الأنشطة النووية الإيرانية ستزول خلال من عشر إلى خمسة عشر عاما، ولكن المراقبة الدولية والتعهد غير النووي الإيراني دائمين.

ويعتقد البعض أن الاتفاق كان ناجحا لأنه ركز على هدف واحد، وهو قدرة إيران على تصنيع قنبلة نووية. والاتفاق لا يغير الحكومة الإيرانية. وإنه لا إجبار لإيران على تغيير سياستها الخارجية. كذلك الاتفاق لا يؤثر على إيران في مجال حقوق الإنسان، ولا يحظر تطوير إيران لصواريخ غير نووية.

وهناك قضايا هامة. ولكن يظن البعض أن الاتفاق النووي يفتح الطريق للمرة الأولى لمناقشات في بيئة خالية من التهديد النووي.

وهناك آراء تقول أن الولايات المتحدة وشركائها يجب عليهم ضمان أن إيران ستتلقى المنفعة الاقتصادية من وراء الاتفاق النووي، لأن الولايات المتحدة تحافظ على كلمتها.

وعلاوة على ذلك هناك مطالبات بتوفير حوافز لإيران كي تفي بوعدها. وهناك إيرانيين معارضين للاتفاق، والعديد منهم يريد إذلال المفاوضين.

إن إيران تمر بمرحلة انتقالية. حيث يحمل سكانها من الشباب ذوي التعليم العالي وجهات نظر مختلفة كثيرا عن القيادة الدينية الحالية. فالكثير منهم يكن احتراما كبيرا للشعب الأمريكي. والكثير منهم يريد أن تتحرك بلادهم مع التيار الرئيسي للمجتمع الدولي، وتحترم حقوق الإنسان، وأن يكون هناك تسامح ديني وحرية تعبير. والكثير منهم أيضا كان يريد حل الخلافات السابقة مع الولايات المتحدة.

جدير بالذكر أن الشرق الأوسط على صفيح ساخن، وإيران متورطة بشكل مباشر في أفغانستان والعراق وسوريا والخليج ولبنان واليمن. فكيف ستعالج إيران مشاكل المنطقة، بما في ذلك علاقتها مع إسرائيل، وكيف تتعامل حكومتها مع الشعب، كل ذلك له أهمية بالنسبة للولايات المتحدة. وهناك أقوال أنه لا مفر من ضرورة التعامل مع إيران، أكثر من تجنب الولايات المتحدة للتعامل مع القوى الكبرى في أي مكان آخر في العالم.

وفتحت الولايات المتحدة الباب أمام إيران. وسيصل ذلك للإدارة القادمة كي تكمل المسيرة للأمام.

وللقيام بذلك، يجب الإصرار على أن تعيش إيران بسلام مع جيرانها وأن تحترم المعايير المقبولة دوليا للسلوك. كذلك يجب إقناع إيران أن الأعمال العدائية مثل اختبار الصواريخ لا تتفق مع وجهات نظر المجتمع الدولي. وبمرور الوقت، وفي مقابل التصرفات الإيرانية الإيجابية، سيتم فتح الباب أمام التجارة والاستثمار والتبادل التعليمي والثقافي.

ويرى البعض أن الاتفاق النووي يجعل هناك إمكانية لفتح صفحة جديدة بعد 37 عام من العداء. وأن الولايات المتحدة وإيران متجهين نحو تكوين صداقة فيما بينهما. وبالقضاء على تلك العداوة، سيكون لهم تأثير على الأحداث بالشرق الأوسط المضطرب للغاية والذي يتطلب عمل مع إيران.

التقرير