لماذا لم يتم نعت قاتل النائبة البريطانية جو كوكس بـ”الإرهابي”؟

لماذا لم يتم نعت قاتل النائبة البريطانية جو كوكس بـ”الإرهابي”؟

xAP_6795895978621-article-header.jpg.pagespeed.ic.rtddUSZ0YC

قُتلت، يوم أمس، النائبة البريطانية عن حزب العمال، جو كوكس. وعلى الرغم من أن دوافع ارتكاب المشتبه لم تثبت حتى الآن، لكن هناك أدلة متزايدة على أن المشتبه به، الذي اعتُقل، توماس ماير، البالغ من العمر 52 سنة، قام بهذه الجريمة تحت دوافع أيديولوجية سياسية؛ لأن النائبة جو كوكس كانت من المدافعين عن اللاجئين.

وقال اثنان من شهود العيان، إن “ماير” الذي نفذ الهجوم، صاح باسم الحزب اليميني البريطاني المعادي للاجئين “بريطانيا أولًا”.

ووفقًا لتقرير “مركز قانون الفقر الجنوبي”، ينتمي توماس إلى جماعات النازيين الجدد، وله “تاريخ طويل مع القومية البيضاء”. وقد جاءت هذه الجريمة في وقت كانت فيه المملكة المتحدة في خضم مناقشات حادة حول مسألة مغادرة الاتحاد الأوروبي؛ حيث كانت تعارض كوكس وبشدة تخلي بريطانيا عن عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

على الرغم من الدوافع الواضحة لمرتكب هذه الجريمة، إلا أنه بات من الصعب تقريبًا أن تجد أي وسيلة إعلامية تنعت المهاجم “بالإرهابي” وتعتبر هذه الجريمة بالعمل “الإرهابي” بل على العكس وُصف بمثابة “الروح اللطيفة” أو “بالمختل العقلي”.

وتُذكّرنا هذه الحادثة بحادثة مشابهة جدّت في لندن سنة 2010 عندما طعنت امرأة نائب البرلمان البريطاني، ستيفن تيمز؛ لأنها كانت غاضبة بشدّة من تصويته لصالح الحرب في العراق.

وقد أثارت هذه الحادثة جدلًا صحفيًا كبيرًا وكتبت عنها أغلب وسائل الإعلام البريطانية، وقد اتفقت جميعها في تسمية هذا الهجوم بالعمل الإرهابي. وقد كتبت صحيفة “الغارديان” في تلك الحادثة “أول هجوم يستهدف بريطانيا منذ 7 يوليو 2005”. أما العنوان الرئيسي لصحيفة بريطانية أخرى كان “امرأة إرهابية”. وبالأمس فقط، كتبت صحيفة “سان” تقريرًا عن تعليق تيمز حول جريمة مقتل كوكس تحت عنوان “طعنة إرهابي ما زال على قيد الحياة”.

والفرق واضح لأن مهاجمة تيمز كانت مسلمة من أصل بنغلاديشي، بينما قاتل كوكس المزعوم ليس كذلك. ولهذا نكتشف أن كلمة “الإرهاب” ليس لها معنى ملموس حقيقي ولا ثابت. فالغرب يستعملون هذه الكلمة للدعاية وفي تعريف جريمة أوعنف يقوم به مسلم ضد الغربيين أو حلفائهم، حتى إنها تستخدم للمسلمين الذين يهاجمون جنود جيش الاحتلال في بلدانهم.

وكذلك توجد شائعات أخرى تقول إن قاتل كوكس المزعوم كان يعاني من مرض عقلي. ولكن هذه الحالة نفسها كانت لعمر متين، الذي قتل 49 شخصًا في ملهى ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو الأسبوع الماضي، وقد تم تلقيبه على الفور “بالإرهابي” حسب كل وسائل الإعلام، على الرغم من التقارير التي شكّكت في مداركه العقلية وتوجهّه الجنسي.

ومرة أخرى نكتشف الفروق والحقائق المؤلمة التي يتم فيها التفريق حتى بين مرتكبي الجرائم في العالم. وفي هذا السياق، قال المؤلف وعالم الدراسات الدينية، رضا أصلان، اليوم، عن ماير: “إنه يعاني من مرض عقلي ولم يتم اعتباره إرهابيًا لأنه ‘كان غير مسلم” وحتى لو كان نازيًا. وعند هذه النقطة، نستطيع أن نقول ودون مبالغة إن تعريف هذه المصطلحات جاء من قبل الشاشات الإعلامية”.

وبالنسبة لأولئك الذين يدعون على الفور ودون تفكير المسلمين “بالإرهابيين”، فهم يحاولون جاهدين في الوقت الحالي تبرير هذا الهجوم الأخير. كما أشار كاتب صحيفة برايدبارت، دان هودجز، لصحيفة ديلي ميل، أنه منذ أربعة أيام فقط رفضت وسائل الإعلام إلقاء الذنب الجماعي على كل المسلمين بسبب هجوم متين وبدلًا من ذلك يلقون باللوم على مرضه العقلي، في حبن نعتت وسائل إعلام أخرى هذا الهجوم بهجوم “الذئب الوحيد” الذي جاء من طرف شخص غير متزن، متجاهلين بذلك الانتماء الديني الإسلامي للمهاجم.

بينما قال كاتب آخر من صحيفة “برايدبارت” العكس تمامًا عن قاتل كوكس؛ حيث قال: “هل نحن على وشك أن نُصدّق أن عملًا من أعمال العنف قام به شخص معارض سيعطّل المناخ السياسي في بريطانيا؟”.

وهذا يشير إلى نقطة مهمة؛ وهي دور الإعلام و كيفية تحكمه في الدعاية وتوجيهه للرأي العام ضد أو مع المسلمين. وليس هناك أي شك على الإطلاق أنه إذا كانت هوية قاتل كوكس إسلامية، وصرخ “الله أكبر” بدلًا من “بريطانيا أولًا”، فسوف تقوم كل وسائل الإعلام على هذا الكوكب بوصفه بـ”الإرهابي”. وهذا يكشف لنا المعنى الحقيقي للإرهاب في أذهان الغرب.

المصدر

——————————

الإعلام الغربي.. لماذا يتجاهل دين وعقيدة الجاني عندما يكون “أوروبيا مسيحيا”؟

عبداللطيف التركي – التقرير

لم يهتم الإعلام الغربي بديانة قاتل المغنية “كريستينا غريمي”، البالغة من العمر 22 عامًا، التي اشتهرت من خلال برنامج المواهب “ذا فويس”، ولا بعقيدة القاتل “كيفن جيمس 27 سنة”، وقالت شرطة أورلاندو إنه من فلوريدا، ولم تعطِ معلومات أخرى عن جيمس، أو عما قد يكون دفعه لقتل “غريمي”، الأمر نفسه بالنسبة لقاتل عضوة مجلس العموم البريطاني “جو كوكس”، واكتفت بالقول إن “توماس مير” المتهم بقتل “كوكس” رفع شعارات منددة “بالخونة” أثناء مثوله أمام المحكمة، وإن “مير” البالغ من العمر 52 عامًا صاح عندما سأله قاضي محكمة ويستمنستر الابتدائية في لندن عن اسمه “اسمي الموت للخونة…الحرية لبريطانيا”، وقالت الشرطة البريطانية إنه تم توجيه عدة اتهامات من بينها القتل لـ”المشتبه به” الذي ألقي القبض عليه بجوار موقع الحادث لصلته بالهجوم على “جو كوكس”. بل حتى جرائم القتل البشعة التي ارتكبها متطرفون أوربيون بدوافع دينية عنصرية، ضد مسلمين لم يشر إلى ديانة القاتل “المسيحي”، كما حدث مع قاتل المبتعثة السعودية، طالبة الدكتوراه، “ناهد المانع”، والصيدلانية المصرية “مروة الشربيني” التي قتلت على يد متطرف ألماني، داخل محكمة في مدينة دريسدن.

أما إذا كان القاتل ديانته “مسلم”، فسرعان ما يتوجه الاتهام في الإعلام الغربي إلى ديانة الجاني، وتسحب الاتهامات على ديانته وعلى المسلمين، ما يؤجج العداوة والكراهية ضد المسلمين، الذين يعيشون في الغرب وتستهدف مساجدهم ومراكزهم الإسلامية، ويؤجج “فوبيا الإسلام” التي تتصاعد في الغرب ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما أشار اليه مدير تحرير صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، “روبرت شريمسلي”، في مقال له عن تغطية حوادث القتل والاغتيالات التي تعرضت لها شخصيات أمريكية وبريطانية مشهورة، سواءً المغنية “كريستينا غريمي”، التي اغتيلت على يد من وصف بـ”معجب مجنون”، أو النائبة في مجلس العموم البريطاني “جو كوكس” على يد أحد رافضي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

“شريمسلي” تساءل ماذا لو أن القاتل كان مسلمًا أو واحدًا من أبناء المهاجرين، الذي تورط في اغتيال “جو كوكس”؟ وأجاب لو كان “مسلمًا لما اتسمت تغطية الإعلام البريطاني للحدث بهذه الحصافة والتعقل”، وأضاف لو أن القاتل مسلم “لما قرأنا على الصفحات الأولى أن ما حدث من فعل انطوائي مجنون، حتى لو كان ثمة دليل منطقي على ذلك”، وقال إن هناك تقارير تتحدث عن أن قاتل جو كوكس “المزعوم” له صلات بجماعات يمينية ذات نفوذ متطرف، لكن الإعلام يتعامل معها بكل حرص وحذر.

مدير تحرير صحيفة “فايننشال تايمز”، قال إن معظم المشتغلين بالسياسة ووسائل الإعلام يترقبون الحصول على مزيد من المعلومات قبل التسرع في إطلاق الأحكام بشأن دوافع القاتل والمؤثرات التي دفعته لارتكاب جريمته “الشنعاء”، وأضاف قائلًا إن “من المثير للعجب أن صحيفتي “ذي صن”، و”ذي ديلي ميل” -وهما مؤسستان لم يُعرف عنهما التناول الحذر والرزين- كلتيهما أكدتا أن القاتل المزعوم انطوائي مجنون، أو متوحد ومريض عقليًا”، وقال إن الصحيفتين نشرتا تلك الأوصاف في صدر صفحتيهما الأولى، وإن كلتيهما أشارتا إلى أن القاتل صاح أثناء ارتكابه الجريمة “بريطانيا أولًا”، لكن أيًا منهما لم تبرز ذلك الهتاف بشكل واضح.

“شريمسلي” تساءل قائلًا: “غير أن من حق المرء أن يتساءل عما إذا كانت وسائل الإعلام ستتوخى الحرص ذاته في تقييم الأدلة لو كان القاتل من خلفية مختلفة”، وأضاف بلهجة لا تخلو من تعجب “كيف ستكون عناوين الصحف لو أن القاتل ردد عبارة: الله أكبر، أثناء ارتكاب الجريمة؟”، وتوجه بنصيحة في ختام مقاله للإعلام البريطاني بضرورة التعامل بنفس الحرص والحذر عند تناول دوافع وخلفيات مرتكب الجريمة “المنفرد” إذا تبين أنه مسلم.

مقال “شريمسلي” استرجع بالذاكرة ما حدث في تفجير المبنى الفيدرالي، في مدينة أوكلاهوما في 19 أبريل 1995، والذي سارع الإعلام الغربي إلى اتهام المسلمين بتدبير الحادث الإرهابي، وتم الاعتداء على محجبات مسلمات ومساجد ومراكز إسلامية، عقب الحادث مباشرة، واتضح بعد ذلك أن مدبره المسيحي المتطرف “تيموثي مك” هو إرهابي مسيحي تم إعدامه لقيامه بقتل 168 شخصًا عندما انفجرت شاحنة محملة بـ2.2 طن من المتفجرات واقفة أمام مبنى “ألفريد مورا” الفيدرالي في بداية يوم العمل، ولم يشر الإعلام الغربي إلى ديانة “تيموثي” المسيحية، ولا لعائلتة الأيرلندية الكاثوليكية التي تعيش في نيويورك، وبعد طلاق أمه، عكف هو ووالده على ارتياد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وقد صرح أنه يؤمن بالله رغم أنه فقد الاتصال به في بعض المراحل، وتصريحات “تيموثي” أنه فعل هذه التفجيرات انتقامًا من مأساة واكو “تكساس الجنوبي” قبل سنتين عندما شنت عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف.بي.آي” هجومًا على مزرعة لإحدى الطوائف المسيحية الملقبة بالدافيديين قُتل خلاله تسعون شخصًا من بينهم 17 طفلًا في الحريق الذي شب في المزرعة.

نجم يوتيوب، “جوي سالادينو”، أراد أن يعرف ردود فعل الأمريكيين بعد حادث ملهى المثليين، فقام بعمل مقطع فيديو على سيناريوهين أحدها لرجل يرتدي ثوبًا أبيض يصرخ “الله أكبر” بالعربية، ويلقي جهازًا وهميًا قربهم ويهرب، وآخر يرتدي لباسًا عاديًا ويمجد المسيح ويقوم بالأمر ذاته، سالادينو “أراد أن يرى رد الفعل عما أسماه بـ”الإرهاب الإسلامي مقابل الإرهاب المسيحي”.

الفيديو، حقق ما يزيد على مليون مشاهدة، لكن الأمر أحدث ردة فعل عنيفة؛ حيث دعاه منتقدون بـ”العنصري والمثير للاشمئزاز”، كما أثار نشر التسجيل بعد يوم من وقوع هجوم ملهى أورلاندو ضجة كبيرة، وقال “سالادينو” إن سبب قيامه بعمل هذا الفيديو “أنني أريد أن أظهر كيف يرى الأمريكيون الاختلاف بين الديانتين عندما يتعلق الأمر بالإرهاب وكيف يقارن الناس من الذي يخشونه أكثر وأردت أن أبدأ نقاشًا عن أسباب ذلك”.

وبعد الضجة التي أثارها الفيديو، قال “سالادينو” إنه تعرض للهجوم ونشر تسجيلًا يظهر تورم وجهه نتيجة ذلك، وقال: “كنت على وشك مغادرة المركز التجاري وعند سيارتي أحدهم اعتدى علي وهرب مسرعًا، لا أعلم لماذا ولا أعلم ما إذا كان ذلك بسبب هذا الفيديو لكن يمكنني القول إنه بسبب هذا التسجيل لأنني تلقيت تهديدات بالقتل من قبل”، وأكد “سالادينو” أنه سيتوقف مؤقتًا عن إنتاج الفيديوهات عبر يوتيوب، بسبب خشيته على حياته، وخوفًا من أن يلقى مصير نجمة برنامج “ذا فويس” كريستينا غريمي، وأضاف “بكل صدق أعتقد أنني سأكون الشخص التالي الذي يقتل”؟

قاتل عضوة مجلس العموم البريطانية، “جو كوكس”، “توماس مير 52 عامًا” رفع شعارات سياسية، وهتف “الموت لخونة بريطانيا”، وردد الهتاف أثناء مثوله أمام المحكمة، وعندما سأله قاضي محكمة ويستمنستر الابتدائية بلندن عن اسمه، قال: “اسمي الموت للخونة.. الحرية لبريطانيا”، وقالت الشرطة البريطانية إنه تم توجيه عدة اتهامات من بينها القتل للمشتبه به الذي ألقي القبض عليه بجوار موقع الحادث لصلته بالهجوم على النائبة العمالية جو كوكس.

ولم يهتم الإعلام البريطاني بدين “”توماس مير”، ولا الجماعة الدينية التي ينتمي إليها، وقالت شرطة ويست يوركشير إن “مير”، اتهم رسميًا بقتل كوكس التي لقيت مصرعها الخميس بعد هجوم مسلح استهدفها في بلدة بيرستال شمال إنجلترا، رغم بشاعة الهجوم الذي تعرضت له “كوكس”؛ حيث هاجمها القاتل بسلاح ناري وسلاح أبيض، أثناء توجهها لعقد اجتماع مقرر في دائرتها الانتخابية.

ذي إنترسبت – التقرير