واقع الزراعة في العراق وضرورة الإستثمار

واقع الزراعة في العراق وضرورة الإستثمار

محاصيل-زراعية

تعد مرحلة ما بعد دخول قوات الاحتلال الاميركي عام 2003 للعراق ،علامة فارقة في تاريخ القطاع الزراعي حيث تدهورت الزراعة، واسهم الاهمال الحكومي والتهميش المتكرر وسيطرة تنظيم داعش على عدد من المدن ،في انهيار هذ القطاع الحيوي والذي يمر اليوم بأسوأ مراحله.

العراق كبلد ريعي  يعتمد على النفط بنسبة تفوق 92% من ايراداته ، فباتت باقي القطاعات ومنها الزراعة تعتمد على ايرادات النفط سواء كان باستيراد وسائل الانتاج او المواد الغذائية الجاهزة ،وهو ما يعمق من معاناة القطاع الزراعي وتراجعها الى ما نراها عليه اليوم.

 يعد سوء الادارة والتخطيط السبب الرئيسي في تدهور القطاع الزراعي وخسارة البلاد لكثير من الايرادات من هذا القطاع  ، حاله كباقي القطاعات في العراق، حيث سقط الملف الزراعي منذ عام 2003 في ايدي حكومات فشلت عن تسيير شؤون البلاد العامة ، وبذلك وقع الملف الزراعي ضحية الاهمال والفساد ، وخسر العراق اموال طائلة نتيجة هذه السياسات والتجاوزات .

تشير التقارير الى ان العراق باعتماده على استيراد المنتوجات الغذائية وبنسبة تزيد عن 10بالمئة  من احتياجات السوق في بعض المحاصيل، فيما يفقد العراق سنويا 100 ألف دونم من مساحة أراضيه الزراعية بسبب مشاكل مختلفة في القطاع الزراعي والاقتصاد العراقي ككل.

في العراق اليوم نرى بأن الاقتصاد منهك والايرادات لا تغطي النفقات، وهو ما يدعو الى ضرورة ادخال الاستثمار الزراعي  ،وادخال الات الحديثة في الزراعة لتتمكن من مواكبة التطورات في هذا المجال لتحقيق الأمن الغذائي واستيعاب الأيدي العاملة ، وهو الامر الذي من الممكن ان يسهم في دعم الاقتصاد ورفده ،ما يعود بالنفع على الاقتصاد الكلي للبلاد .

في اقليم كردستان العراق يبدو الوضع افضل منه لدى الحكومة المركزية ،وقد شرعت محافظة السليمانية مؤخرا في تنفيذ اجراءات لتسهيل تمليك الأراضي للعراقيين.

ويرى خبراء في هذا الشأن أن هناك فرص استثمارية كبيرة لقطاع الزراعة في كوردستان يقابله جدية في التعامل مع هذا الملف في كوردستان وعليه فقد اقامت العديد من المؤتمرات والمعارض الزراعية كخطوة جادة نحو النهوض بالقطاع لكن على الجانب الاخر نرى حكومة بغداد قد اهملت القطاع واعتمدت على واردات النفط بكل شيء.

وبالحديث عن تعثر القطاع الزراعي في العراق ،فأن هذا القطاع يعاني من مشاكل عديدة شكلت بمجملها سدا منيعا امام اي تطور او تقدم في هذا القطاع ،وهي كمايلي

– محدودية المياه نتيجة تجاوزات دول الجوار تفرض على دولة العراق ، وكذلك سيطرة ايران على كل المنافذ الاروائية للأنهر العراقية التي مصدر مياهها ايران وسد منافذ هور الحويزة في ميسان ادى الى جفاف الاراضي وهجرة السكان وكذلك ضعف الخطة الاروائية في توزيع الحصص المائية على الفلاحين. وقد وصل نصيب الفرد إلى (2,400 م³/ فرد/ سنة) في عام 2010، ومن المتوقع أن تصل إلى (1,700 م3/فرد/سنة) في عام 2025.

– ارتفاع نسبة ملوحة الاراضي نتيجة شحة المياه وتلوثها بسبب قطع ايران لمياه الانهر والروافد والجداول الواردة من ايران وكذلك من نهر الكارون الايراني المياه الملوثة في شط العرب .

– غياب  الخطط والاستراتيجيات الزراعية  وعدم اهتمام القائمين على هذا الملف وعدم خبرة المسئولين.

– انقطاع التيار الكهربائي.

 – ارتفاع اسعار البذور و السماد الكيمياوي و المبيدات واللقاحات.

– منافسة المنتج الاجنبي ومزاحمته للمنتوج المحلي.

– هجرة الفلاحين الى المدينة وتركهم الاراضي الزراعية مما سبب انخفاض الانتاج الزراعي.

وبالرغم من استعراض الحكومات المتعاقبة لإنجازاتها ، الا انها لم تنهض بهذا القطاع بل طالته ملفات فساد كبيرة ، حاله كباقي القطاعات ، طالت العقود وسحوبات مالية كبيرة مشكوك في قانونيتها من المصرف الزراعي .

العراق بلد زراعي أصلا قبل أن يكون بلدا نفطيا لكن مازال قطاع الزراعة في العراق يعاني من الاهمال والتراجع ،والانحسار المستمر في الاراضي الصالحة للزراعة ، ولم تقدم الحكومات المتعاقبة المشاريع الحقيقة لتنمية القطاع الزراعي، بل اهدرت الاموال ولم تعمل على تطوير هذا القطاع الحيوي، لكن العراق اليوم بحاجة ماسة لاستغلال موارده وفي مقدمتها الزراعة ليتمكن من تجاوز الازمة التي تعصف باقتصاده ، وليتمكن من بناء ما حطمته السنين، لان استمرار هذا الاهمال  سيؤدي إلى عواقب سلبية على العراق.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية