معركة حلب.. صراع على روح الإسلام وقلب المشرق

معركة حلب.. صراع على روح الإسلام وقلب المشرق

maxresdefault
كفانا زعيم حزب الله الإرهابي حس نصر الله، مؤونة التأكيد على الأهمية الكبرى التي يُوليها حلفه لمعركة حلب التي وصفها بالكبرى والاستراتيجية، وأنها ستحدد مصير المشرق، بيد أنه تواضع قليلاً هذه المرة حين استثنى فلسطين من أهدافها، فقال إنها للدفاع عن الأردن والعراق ولبنان وسوريا. هذه الإشارة من قبل الغزاة الجدد للشام تؤكد أهمية حلب، وتعيد الأذهان إلى تاريخ مجيد لقنته حلب للغزاة والقتلة على مدى تاريخها، كما يستذكر معها الباحثون والمؤرخون دلالة حلب التاريخية وانعكاسات هذه المعركة على معركة الشام والمنطقة كلها..
تذكر كتب التاريخ أن مدينة حلب خلال الإقلاعة الحضارية للعالم الإسلامي أيام الزنكيين، كانت الرافعة الأساسية للإقلاع يوم تصدت للحلف الصليبي- العبيدي «الفاطمي»- الصهيوني، فكانت أن أسقطت إمارة الرُّها الصليبية في تركيا حالياً، وكانت أول من تمرد على سلطة العبيديين، فخرج منها الزنكيون وخاضوا معاركهم مع إخوانهم في دمشق والقاهرة، ثم نقلوا هذه الانتصارات إلى القدس فحرروها لاحقاً على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، ومن قبل ثمة ثارات تاريخية للصليبيين الأروثوذكس كون مهد كنيستهم من حلب، فقد تعرض الجيش الصليبي الروسي من قبل إلى ضحايا بالآلاف نتيجة غزوه للمنطقة الممتدة من حلب إلى سهول تركيا حالياً..
فهذه المنطقة متداخلة جيوبولوتيكياً وسياسياً وتاريخياً، ولا يمكن فصل ما يجري في حلب عما يجري في الموصل ودمشق وأنطاكيا واسطنبول، ولذا فقد أفصح حسن نصر الله عن ذلك بقوله إنها معركة استراتيجية كبرى لتقرير مصير سوريا ولبنان والعراق والأردن، أما مجاهدو الشام فهم يعتبرونها حلقة من معاركهم المتواصلة في سوريا اليوم وسوريا بالأمس وغداً بإذن الله، وهم ذرية من ذرية انتصارات الأمس، كما كان غزاتهم ذرية من ذرية العدوان والهزيمة..
يقول الميجور ج_ب_ كلوب في محاضرة ألقاها في «تشاتام هاوس» في الخمسينيات من القرن الماضي: «إن حلب هي رأس المثلث، العراق وسوريا يلتقيان في حلب، ولهذا فإن أي قوة حربية يمكنها الدفاع عن حلب سوف تقطع خط الرجعة على أي جيش يسير من العراق إلى سوريا وبالعكس، وأي قوة من الأناضول إلى حلب يمكنها قطع المواصلة بين القطرين».
ولذا، لم يكن غريباً أن تخوض طلائع مجاهدي الصحابة بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه معاركها على تلة العيس في الريف الحلبي، والتي كانت تُسمى «قنسرين» يومها، ومن بعده كانت الحروب الصليبية التي أطلقها الغزاة من ساحتها في تلك المنطقة وتحديداً الريف الجنوبي والحلبي إلى امتداده في السهل التركي، وريف إدلب الصامد حتى اليوم..
التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة فقط من جانب المعتدين والغزاة الذين اجتمعوا من روسيا القيصرية الأرثوذكسية إلى العبيدية الجديدة في طهران وقم وبغداد وجبل عامل وباميان، ولكن للأسف حتى الآن لم يُعد نفسه على صعيد الأصدقاء وحلفاء الثورة السورية، التي يعرف من يفهم أبجديات العمل السياسي أنها لم تعد ثورة سورية وإنما ثورة المشرق كله وثورة ستحدد مصير روح الإسلام، فيما إذا كان الإسلام الذي نزل على محمد عليه السلام، وهو ما تواصل الدفاع عنه منذ ذرية خالد وأبي عبيدة، أم أنه إسلام خزعبلات وكذب واحتيال وتزييف ودفاع عن مراقد مزعومة كاذبة كحال السردية الصهيونية في خزعبلات المبكى ونحوه، وإن كان حال الصهاينة أفضل بمرات، فهم لم يخترعوا إلا مبكى واحدا، بينما في الشام يكذبون كل ساعة ويخترعون العشرات من أمثاله، وهم على مدى نصف قرن تقريباً لم يبتلعوا ربع أراض ابتلعها الصهاينة، ولم يقتلوا أو يشردوا أو يحرقوا إلا عُشر معشارهم.

د.أحمد موفق زيدان
صحيفة العرب اللندنية