6 حقائق عنيدة وأساسية عن الشرق الأوسط

6 حقائق عنيدة وأساسية عن الشرق الأوسط

جنود-امريكان

القادة يتغيرون، ويستطيع الشرق الأوسط أن يحمل المفاجآت على الدوام. ولكن، وبغض النظر عن التفضيلات والوعود الرئاسية، ثمة نصف دزينة من الأمور التي تطارد ذهن أي زعيم أميركي، بدءاً من دونالد ترامب وحتى هيلاري كلينتون -تماماً مثلما شوشت الرئيس باراك أوباما وأسلافه.
هل تريد نهايات هوليوودية؟ اذهب إلى السينما
أتحدى أي شخص أن يشخص موضوعاً واحداً مفرداً في هذه المنطقة اليوم، والذي يتجه نهاية مستدامة وذات معنى. فمن الحرب الأهلية السورية، إلى سياسة العراق؛ ومن الحرب ضد “داعش” إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نحن نتعامل مع مشاكل أكثر احتمالاً لن تكون لها محصلات، وإنما ليس حلولاً.
وحتى إنجاز إدارة أوباما الأبرز في السياسة الخارجية -الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)- لا يعدو كونه اتفاقاً محدداً في الوقت والمدى، والذي لا يضمن بأي طريقة دفن تطلعات إيران النووية، ناهيك عن ضمان سلوك الجمهورية الإسلامية في المنطقة.
إننا في حاجة إلى التوقف عن التفكير في حل المشاكل في الشرق الأوسط  فيما أسميه -إضافات فترة الإدارة من أربعة إلى ثمانية أعوام- والبدء بالتفكير في زمن أكثر طولاً -مدة عقد على سبيل المثال. ويدرك حتى الاتفاق النووي البعيد تماماً عن الكمال هذه الحقيقة.
لك أن تلوم أميركا، لكن عليك أن تلوم المحليين أكثر
ارتكبت الولايات المتحدة العديد من الأخطاء في الشرق الأوسط. وكان غزو العراق في العام 2003 خطأ فادحاً. وتبعته أخطاء إضافية مثل الدعم الأميركي للحكومة القمعية والفاسدة برئاسة نوري المالكي، والانسحاب الأميركي المتسرع من البلد. لكن حصة الأسد من المسؤولية عن حالة الشرق الأوسط المحطم وغير العامل تقع على كاهل المحليين أنفسهم.
هناك سبب يجعل هذه المنطقة منيعة على التغير الإيجابي والتقدمي. إن العناصر المطلوبة للمساعدة في ذلك التغيير لا توجد حالياً. ويحتاج إشعال جذوة هذا التغيير إلى قادة يكونون مستعدين أصلاً وقادرين على التسامي فوق انتماءاتهم الطائفية والسياسية والمصالح الخاصة من أجل صالح بلادهم؛ وإلى وجود مؤسسات فعالة ومأذونة؛ وحرية التعبير والمساواة الجندرية، وهكذا. لكن الموجود بدلاً من ذلك هو الخصومات الطائفية والإقليمية الكامنة وراء دول فاشلة، لتضمن عدم الاستقرار، وتفضي في بعض الأحيان إلى التقسيم والفوضى.
العقائد كارثية
الاستقامة، كما قال إميرسون، هي بعبع العقول الصغيرة. ومن المؤكد أنها ذات قيمة محدودة بالنسبة للقوى العظمي التي تعمل في الشرق الأوسط. وفي بعض الأحيان، قد يكون من المعقول التحلي بالثبات إزاء ما تقول وما تنوي عند التعامل مع الأصدقاء والخصوم. ومع ذلك، سيكون من الحماقة حشر القيم والمصالح والسياسات الأميركية في داخل سترة مجانين عقائدية. لقد دعمنا ربيعاً عربياً في مصر وتونس. فلماذا لا نفعل الشيء نفسه في الدول القمعية الأخرى؟ وقد غزونا العراق وجلبنا نتائج كارثية على أساس إزاحة نظام شرير. والآن ما نزال هناك منذ أكثر من عقد. أما كان يجب علينا إذن تكرار تلك الممارسة في ليبيا وسورية؟ فهما أيضاً كان لديهما قادة أشرار، فلماذا لم نمارس سياسة الغزو والاحتلال؟
تتصرف القوى الكبرى بطرق غير سوية ومتناقضة، مدفوعة أحياناً بالنفاق المحض وأحياناً بالسياسة المحلية، وغالباً بما تعتبره مصالحها النخبوية. وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، يكون من الصعب رؤية كيف يمكن أن تقف المصالح والقيم الأميركية معاً في الخط نفسه.
هل تريد صديقاً رائعاً؟ عليك بكلب
ما لم تخطط الولايات المتحدة للذهاب وحدها إلى منطقة توجد لها فيها مصالح حيوية، وتحديات ضخمة، والكثير من الأعداء، فإن عليها الاستفادة من الأصدقاء الذين لديها هناك. وهؤلاء الأصدقاء هم أبعد ما يكون عن الكمال. وفي بعض الأحيان، تتقاسم واشنطن القليل من القيم معهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمبادئ الديمقراطية. لكن بعض المصالح تتداخل بالرغم من ذلك.
في حالات أخرى مثل إسرائيل، ثمة صلة بين القيم والعديد من المصالح المشتركة. وحتى مع ذلك، تبقى هناك اختلافات خطيرة حول مواضيع مثل المستوطنات الإسرائيلية، وشروط حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والمبادرات الأميركية تجاه إيران -وخاصة استحقاقات الاتفاق النووي في العام الماضي.
تبقى فرص دفع هؤلاء الشركاء البعيدين عن الكمال إلى رؤية الأشياء بالطريقة الأميركية حول قضايا تعد عزيمة عليهم قليلة. وبغض النظر عن مدى قوة إصرارنا، فإن لديهم قدرا أكبر من القضايا المعرضة للخطر مما لدينا. فحظاً طيباً في محاولة فرض اتفاق مع الفلسطينيين على الإسرائيليين، أو الطلب من المصريين أو السعوديين أن يتدمقرطوا. إننا عالقون في مصيدة استثمار عندما يتعلق الأمر بهؤلاء الشركاء، خاصة مع تحلل الشرق الأوسط.
لا تدع الخطاب يتجاوز الواقع أو القدرة
المؤسف أن الولايات المتحدة أصبحت خبيرة في فعل ذلك على وجه التحديد. فالأقوال ليست أفعالاً، لكنها تهم. وفي كثير جداً من الأحيان، لم تتابع الولايات المتحدة تطبيق كلماتنا الخاصة. وإما أن تكون أميركا قد قالت الكثير جداً أو أنها لم تفسر بوضوح كافٍ ما الذي تحاول إنجازه في المنطقة.
انظر إلى سورية وحسب. فقد دعت واشنطن مراراً إلى إزاحة بشار الأسد، ويبدو الآن أنها تقبل أن يكون جزءا من عملية انتقالية مطولة. وكان الرئيس أوباما حدد أي استخدام أي نظام للأسلحة الكيميائية على أنه خط أحمر لا يجوز تجاوزه؛ ولكن تم تجاوزه. وقد دعونا إلى تدمير “داعش” من دون أي أمل واقعي بتحقيق ذلك، وحذرنا الروس من دعم نظام الأسد من دون امتلاكنا الوسائل لوقفهم. والأحدث أن وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، تحدث عن أننا نصل إلى “ساعات حاسمة” في السعي إلى وقف لإطلاق النار في سورية، والذي يبدو مسعى بلا نهاية. ثمة الكثير من الأشياء التي لا نستطيع ضبطها. أما خطابنا، فنستطيع السيطرة عليه.
انسَ أمر تحويل المنطقة
تعامل مع الأمور وأدرها بأفضل ما تستطيع. السبب في أن الولايات المتحدة تعتقد بأنها تستطيع فرض أحلامها ومخططاتها على قبائل صغيرة؛ حيث فشلت قوى كبرى أخرى، هو أمر غير واضح كلية. إننا لا نستطيع وضع حد للحرب الأهلية السورية، أو إعادة العراق إلى ما كان عليه. ولا نستطيع جلب الديمقراطية إلى العالم العربي، ولا حل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية. إنك تحتاج قبولاً إقليمياً لعمل تلك الأشياء. لكن أميركا تفتقر إلى شركاء في هذه المنطقة يستطيعون النهوض بهذه الأعمال التحويلية.
ما تستطيع واشنطن عمله هو التركيز على إبقاء أميركا آمنة ومزدهرة؛ وإلى المدى الذي نستطيعه، ضرب “داعش” وفروع تنظيم القاعدة والجهاديين الآخرين الذين يريدون مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا؛ والاستمرار في فطم أميركا عن النفط العربي، وضمان أن لا يحدث انقطاع لهذه الإمدادات خلال ذلك؛ والعمل على وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وليس ذلك جميلاً، ولا كاملاً ولا بطولياً. لكنه معقول بشكل كبير وذكي في منطقة لا تستطيع أميركا إصلاحها ولا مغادرتها.

آرون ديفيد ميلر

صحيفة الغد