روكار.. الاشتراكي الفرنسي صاحب “نعم لتركيا”

روكار.. الاشتراكي الفرنسي صاحب “نعم لتركيا”

501

ميشيل روكار سياسي فرنسي اشتراكي، تولى رئاسة الوزراء خلال رئاسة الرئيس فرانسوا ميتران، وقضى 15 عاما في البرلمان الأوروبي، وسبق له أن حث بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك قبل عامين من استفتاء 2016 الذي اختارت فيه أغلبيةالبريطانيين الخروج من الاتحاد، ودعا في المقابل إلى قبول تركيا عضوا بالاتحاد الأوروبي.

المولد والنشأة
ولد ميشيل روكار في 23 أغسطس/آب 1930 في بلدة كوربفوا (شمال فرنسا) على الضفة الغربية لنهر السين لعائلة بروتستانتية، والده كان متخصصا في الفيزياء النووية.

الدراسة والتكوين
درس ميشيل روكار في المدرسة الوطنية للإدارة المشهورة بتخريخ النخبة السياسية في فرنسا، وبعد انتهاء فترة دراسته هناك تم اختياره للاتحاق بالمفتشية والرقابة المالية العليا.

الوظائف والمسؤوليات
تولى ميشيل روكار عددا من الوظائف والمسؤوليات، منها وزير الزراعة من 22 مارس/آذار 1983إلى الرابع من أبريل/نيسان 1985.

وخلال الفترة من 22 مايو/أيار 1981 إلى 22 مارس/آذار 1983، تولى وزارة التنمية الإقليمية.

عيّن رئيسا لوزراء فرنسا من العاشر من مايو/أيار 1988 إلى 15 مايو/أيار 1991، وكان السكرتير الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي من 1993 إلى 1994.

قضى في دواليب البرلمان الأوروبي 15 عاما بين العضوية وترؤس لجان عدة، منها لجان التنمية والتعاون، والشؤون الاجتماعية والتوظيف، والثقافة والشباب والتعليم، ووسائل الإعلام والرياضة.

التجربة السياسية
دخل ميشيل روكار عالم السياسة وهو في سن مبكرة، عندما كان طالبا، وأصبح رئيسا لرابطة الطلبة الاشتراكيين الفرنسيين المنبثقة عن الحزب الاشتراكي الفرنسي، وبوصفه من مناهضي الاحتلال سافر روكار إلى الجزائر وكتب تقريرا حول مخيمات اللاجئينهناك خلال ثورة التحرير الجزائرية في الفترة من عام 1954 وحتى عام 1962.

لكن التقرير تسرب آنذاك إلى صحيفتي لوموند وأوبسرفاتور الفرنسيتين، الأمر الذي تسبب في فقدان روكار وظيفته في أبريل/نيسان 1959.

وشغل روكار منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران على مدى ثلاث سنوات (1988-1991)، وذلك بعد إعادة انتخاب شيراك لولاية رئاسية ثانية.

قبل تولي روكار منصب رئيس الوزراء سادت في فرنسا مرحلة عرفت بمرحلة “التعايش” خسر خلالها  فرانسوا ميتران الأغلبية في البرلمان واضطر إلى تسمية رئيس وزراء من المعارضة هو جاك شيراك، وذلك بين عامي 1986 و1988.

وبعد فترة وجيزة من توليه مهماته، وقع روكار اتفاقيات ماتينيون التي وضعت حدا للاضطرابات في كاليدونيا الجديدة ومنحت هذه الجزيرة الفرنسية الواقعة في المحيط الهادئ حق تقرير المصير.

ومن بين إنجازات ميشيل روكار التي حققها خلال توليه المنصب إقامة برنامج للرعاية الاجتماعية.

كان ميشيل روكار من أشد المؤيدين للتكامل الأوروبي منذ تأسيس التكتل خلال العقد الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، وأمضى 15 عاما عضوا في البرلمان الأوروبي بعد أن ترك العمل بالسياسة في فرنسا عام 1997.

وفي الرابع من يونيو/حزيران 2014 اتهم ميشيل روكار بريطانيا بأنها لم تنضم إلى الاتحاد الأوروبي إلا لخدمة مصالحها التجارية، وطالبها بالرحيل “قبل أن تتسبب في حدوث المزيد من الأضرار”.

وكتب روكار في تعليق نشرته صحيفة لوموند الفرنسية مخاطبا بريطانيا “بينكم وبيننا نحن الأوروبيين ثمة خلاف يتحول إلى شيء قبيح، أوروبا تحتضر بسببه. ارحلوا إذن قبل أن تدمروا كل شيء، فقد كان هناك وقت عندما كانت بريطانيا مرادفة للكياسة. دعونا نعيد بناء أوروبا. استعيدوا كياستكم حتى تستعيدوا احترامنا”.

وتزامنت تصريحات روكار في ذلك الوقت مع قيادة بريطانيا المعارضة ضد تولي رئيس وزراء لوكسمبورج السابق جان-كلود يونكر رئاسة المفوضية الأوروبية، وهو منصب يدعمه فيه عدد من الدول الأعضاء بالاتحاد بما في ذلك ألمانيا.

في المقابل، دعا إلى قبول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وألف في هذا الخصوص كتابا بعنوان “نعم لتركيا” جاء فيه “نعم لتركيا، أقول ذلك دون مواربة، لأنني مقتنع بالأمر، مستقبل الاتحاد الأوروبي يمر عبر تركيا، وعلى الاتحاد أن يدمجها في محيطه. إن انتماء هذه الأمة الإسلامية، القوية، التي تتمتع بتوسع اقتصادي، لن يخدم فقط مصالحها بل إنه ضمانة حياة لأرووبا”. وانتقد بالخصوص الموقف الفرنسي الرسمي بشأن الموضوع.

في ملف السلام بالشرق الأوسط، انتقد ميشيل روكار التكتيكات التي تنتهجها إسرائيل في التعامل مع فلسطين قائلا إنها “تتسم بانعدام الضمير والتطرف”، وكان يرى أن “قادة إسرائيل لا يهتمون بالفعل بإقامة سلام حقيقي، ويرغبون بدلاً من ذلك في حل يذكرنا بإيرلندا في القرن الـ19،  وإسرائيل تطالب عملياً بزوال الهوية الفلسطينية. ولا ينبغي لبقية العالم أن يتسامح مع هؤلاء الجهود، حتى لو تسامحت معها الولايات المتحدة“.

و في مقال له نشره عام 2011 لم يتردد في القول “صحيح أن كل دولة تدرك أن الدخول في خلاف صريح مع الولايات المتحدة أمر مكلف وبالغ الصعوبة، ولكن عندما تتقاعس الولايات المتحدة عن الاضطلاع بدورها كزعيمة عالمية بسبب سياساتها الداخلية الهشة، فلا ينبغي لأي دولة أخرى أن تقتدي بها. لقد خسر الأميركيون حقهم الأخلاقي في المشاركة في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والآن حان وقت دخول أوروبا إلى المعترك”.

الوفاة
توفي ميشيل روكار في الثاني من يوليو/تموز 2016 في باريس، عن عمر ناهز 85 عاما، وكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تغريدة عبر حسابه الرسمي، على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” حيّا فيها “قامة كبيرة من قامات الجمهورية تجسد اشتراكية عملت على المصالحة بين الطوباوية والحداثة. وكان روكار يحلم بواقعية، وأحد رجال الإصلاح، من خلال حركة الأفكار التي يقودها، التي تهتم بمصير الكوكب ومصير الإنسان”.

الجزيرة