ما الذي يقوله رعب إسطنبول عن القتال ضد “داعش”؟

ما الذي يقوله رعب إسطنبول عن القتال ضد “داعش”؟

0,,19363310_303,00

باريس، بروكسل، والآن إسطنبول. وقد أشار الهجوم المرعب على مطار أتاتورك في إسطنبول في مساء يوم الثلاثاء الماضي، والذي قتل ما لا يقل عن 44 شخصاً وجرح مئات آخرين، إلى أن قدرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على شن غارات كبيرة ضد أهداف دولية استراتيجية ما تزال كبيرة، على الرغم من خسائره للأراض والناشطين الرئيسيين في سورية والعراق. وتفضل ما تُسمى “الخلافة” الاحتفاظ بالغموض حول عملياتها في تركيا ذات الأغلبية المسلمة، ولم تدع المسؤولية عن الهجوم الذي شنه عدة مسلحين يرتدون سترات انتحارية ملغومة. لكن المسؤولين الأتراك كانوا على حق في قولهم بأن الهجوم حمل كل بصمات حملة “داعش” لزرع الفوضى في المدن الكبرى المتحالفة ضده.
الآن، تقف جميع الحكومات عبر أوروبا والشرق الأوسط في حالة تأهب قصوى بسبب المهاجمين الإرهابيين الانتحاريين، وقد تم تفكيك الكثير من الخلايا قبل أن تتمكن من التصرف. وكان أحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق في هجوم إسطنبول هو أنه نجح على الرغم من الإجراءات الأمنية التركية المحكمة. وقد تم رصد المهاجمين مباشرة بعد خروجهم من سيارة الأجرة على باب المطار؛ وأطلقت قوات الأمن النار على اثنين منهم على الأقل، واستطاع واحد فقط الوصول إلى داخل قاعة المطار. لكن المتفجرات التي فجروها كانت مع ذلك قادرة على ذبح العشرات من الناس، الذين كان بعضهم ينتظرون في طوابير الفحص الأمني. ويشير ذلك إلى أن سلطات المطار ربما تحتاج إلى إعادة مراجعة إجراءات فحص الناس بمجرد وصولهم.
على نطاق أوسع، يُظهر هجوم إسطنبول أن خطر قيام “داعش” بشن هجمات إرهابية رئيسية منسقة لم يقل كثيراً بسبب النجاحات من نوع استعادة مدينة الفلوجة العراقية في الفترة الأخيرة، أو قتل كبار قادة ومنظمي “الدولة الإسلامية” في الغارات الجوية الأميركية والضربات بالطائرات من دون طيار. وما يزال القضاء على قواعد الإرهابيين الأساسية، الموصل في العراق والرقة في سورية، أمراً ضرورياً –ليس لتحرير العراقيين والسوريين فحسب، وإنما أيضاً لحماية مواطني الديمقراطيات الغربية وحلفائها مثل تركيا.
وما يزال التقدم نحو هذا الهدف بطيئاً للغاية –خاصة عندما يتعلق الأمر بالاتفاق على الترتيبات السياسية التي ستكون ضرورية لتشكيل تحالف عراقي يستطيع استعادة الموصل متعددة الأعراق ويحكمها سلمياً بعد ذلك.
ربما لم يكن من قبيل الصدفة أن ما شكل الهجوم الأحدث فقط من سلسلة من هجمات “داعش” في داخل تركيا قد جاء فقط بينما كان زعيم البلد المتسرع والاستبدادي يتحرك تواً لإصلاح علاقات نظامه الخارجية الرثة. وقد أعلنت تركيا وإسرائيل هذا الأسبوع أنهما يقومان بإصلاح فتق على مدى ست سنوات، والذي كان قد نجم عن دعم الرئيس رجب طيب أردوغان المتهور لمحاولات كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، اعتذر الرئيس التركي عن إسقاط طائرة حربية روسية كانت قد دخلت المجال الجوي التركي من سورية في تشرين الثاني (نوفمبر)، مما قد يفسح المجال لحدوث تقارب مع فلاديمير بوتِن. وسوف تستطيع تركيا أقل خلافاً مع زملائها من أعداء “داعش” أن تزيد الضغط على الإرهابيين؛ ويؤكد رعب إسطنبول الأخير على إلحاح الحاجة إلى ذلك فحسب.

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

صحيفة الغد الأردنية