أردوغان يلتحق بخطة بوتين في سوريا

أردوغان يلتحق بخطة بوتين في سوريا

_84491_tur4

ساد لغط حول إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن فتح قاعدة إنجرليك أمام الطيران الروسي، وسرعان ما تراجع عن ذلك، الأمر الذي يكشف عن ضغوط أطلسية على أنقرة تعيق رغبتها في التقرب من موسكو وتطبيع العلاقة معها.

وتتزامن هذه الضغوط مع برود في موسكو تجاه الهرولة التركية لتطبيع العلاقات الثنائية.

وبدت تركيا وكأنها كانت تنتظر قبول بوتين لاعتذارها لتمر إلى سلسلة من التصريحات والمواقف التي تعلن فيها الاستعداد الكامل لتكون إلى جانب روسيا في الحرب على داعش، وأن تدعم بالكامل خطتها للحل في سوريا.

ويستعجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استرضاء نظيره الروسي ويريد أن يسلمه مهمة إدارة الملف السوري بشكل نهائي، تماما كما تفعل الولايات المتحدة، على أن تكون مهمة تركيا هي وضع خبراتها الأمنية ومطاراتها على ذمة روسيا.

وكان لتصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بشأن احتمال فتح تركيا لقاعدة إنجرليك الجوية أمام سلاح الجو الروسي صدى لدى دبلوماسيين أوروبيين، والذين رأوا فيه سابقة لافتة توفّر لطائرات الناتو والطائرات الروسية قاعدة واحدة لانطلاق عملياتها، بما يجعل من تركيا ميدان التنسيق المعلن بين واشنطن وموسكو في الميدان السوري.

وقال وزير الخارجية التركي في مقابلة مع محطة (تي.آر.تي.خبر) الأحد “سوف نتعاون مع أي شخص يقاتل داعش ونحن نقوم بذلك منذ فترة طويلة وفتحنا قاعدة إنجرليك لهؤلاء الذين انضموا للقتال النشط ضد داعش”.

وأضاف “لم لا نتعاون مع روسيا كذلك في هذا الإطار؟”.

وأشار مراقبون أتراك إلى أن تجربة العقوبات التي فرضها الروس على بلادهم جعلت القادة السياسيين يتجهون إلى تقليص الدور الخارجي التركي ليمنعوا أي تأثير مستقبلي له على الوضع الداخلي.

وكان وقع العقوبات الروسية كبيرا على الاقتصاد التركي خاصة أنه تزامن مع وضع أمني مهزوز اتسم بتفجيرات متتالية في أهم المدن التركية واشترك في تنفيذها داعش وأنصار حزب العمال.

وتزامنت الورطة التركية، الناجمة عن التصعيد مع موسكو بعد إسقاط مقاتلة روسية، مع تخلي واشنطن الواضح عن أنقرة ورهانها على أكراد سوريا لمواجهة داعش، ما جعل المسؤولين الأتراك يقتنعون أن الرهان على الأميركيين أمر بلا قيمة، ودفعهم إلى البحث عن استمالة روسيا.

لكن اللافت أن ردّ فعل موسكو على اقتراح أنقرة فتح إنجرليك أمام الطائرات الروسية كان متحفّظا يشوبه اندهاش من العجلة التي تمارسها تركيا لمصالحة روسيا.

فقد وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الاقتراح بأنه “تصريح مهم” لكنه أقر بعدم إجراء أي اتصالات مع تركيا في هذا الشأن حتى الآن.

وكان موقف مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف صادما، إذ أعلن أنه يتوجب على تركيا الانشغال بمسألة إغلاق الحدود مع سوريا والانتباه إلى تدفق المسلحين والأسلحة عبرها.

ورأت أوساط أوروبية أن تصويب جاويش أوغلو لتصريحه، قد يكون مؤشرا على ضغوط داخلية وربما أميركية، للتخفيف من الاندفاعة التركية، وعدم الاستعجال في فتح قاعدة “أطلسية” أمام روسيا.

وقال جاويش أوغلو الاثنين إنه لم يقترح إمكانية فتح تركيا قاعدة إنجرليك الجوية لروسيا وأضاف أن أنقرة منفتحة على التعاون مع موسكو في قتال داعش.

ويعكس موقف أنقرة منذ رسالة الاعتذار التي وجّهها الرئيس رجب طيب أردوغان للرئيس فلاديمير بوتين انتهاء باللقاء العاجل الذي جمع وزيري خارجية البلدين في سوشي في روسيا، استدارة تركية كاملة شملت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل أيضا، بما يفرج عن العناوين الأولى لـ”الانقلاب” الحاصل في السياسة الخارجية التركية.

ويرى باحثون في الشؤون التركية أن منطق هذه التحوّلات يقود إلى الاعتقاد بأن مسار الأمور ذاهبة إلى الاتّساق مع معسكر سياسي صديق لروسيا في المنطقة، بما في ذلك مراجعة سياسة أنقرة مع القاهرة والتي لا شك تشملها رؤية رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم حول إعادة “تصفير المشاكل” وتفعيل ما انقطع من علاقات.

وترى أوساط تركية معارضة أن التحوّلات التي طرأت على استراتيجيات أردوغان الإقليمية والدولية جديّة ونهائية تفرضها ضغوط داخلية أمنية واقتصادية وسياسية، كما تتطلبها عملية انتشال البلاد من عزلة سببتها خيارات أنقرة في السنوات الأخيرة.

ودعت الأوساط إلى تأمل الرسائل التي وجهها أردوغان الاثنين بمناسبة حلول عيد الفطر كمؤشر على انعطاف خطاب الرجل.

وقال أردوغان “نطوّر علاقاتنا مع كل من إسرائيل، وروسيا، وإن الخطوات الإيجابية المتبادلة خلال الأسابيع الأخيرة، تعطي أملا للمستقبل”.

ويعتقد مراقبون أتراك أن التحوّلات التركية ستتداعى مباشرة على موقف أنقرة من مسارات الحلّ في سوريا، وأن اقتراب أنقرة من موسكو وتل أبيب يجعلها مستسلمة للمقاربة التي تقودها روسيا للملف السوري برعاية أميركية كاملة وبالتنسيق التام مع إسرائيل.

صحيفة العربي الجديد