معركة الموصل طوق النجاة الأخير لحكومة العبادي

معركة الموصل طوق النجاة الأخير لحكومة العبادي

_84821_aba3

مثّل خبر استعادة قاعدة القيارة الجوية بشمال العراق، الخبر الوحيد السارّ لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في متوالية من الأنباء السيئة تتالت عليه الأسبوع الماضي وزادت وضع حكومته حرجا في مواجهة شارع عراقي أرهقته الأزمات والمصائب فبات متوثّبا للغضب والاحتجاج، ومستعدا لتجاوز كلّ الخطوط الحمر في سبيل الخروج من الوضع الكارثي بما في ذلك الانتفاض ضدّ الحكم القائم بقيادة الأحزاب الدينية.

ولا تخلو الساحة السياسية العراقية من أعداء وخصوم للعبادي مستعدين للاستثمار في الأزمة لانتزاع الحكم منه.

ومن هؤلاء الخصوم من هو من داخل العائلة السياسية الشيعية الموسّعة، مثل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحالم بزعامة البلاد استنادا إلى المكانة الدينية لعائلته.

ومنهم من هو من داخل حزبه، حزب الدعوة الإسلامية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي لم يهضم إلى حدّ الآن انتزاع المنصب الأهم في الدولة منه على يد عضو أقلّ مكانة في الحزب الذي يولّى قيادته.

وكان المالكي عبّر الأسبوع الماضي عن استعداده للعودة إلى رئاسة الوزراء في حال فشل العبادي في الخروج من الأزمة الحالية، فيما أنذر مقتدى الصدر الحكومة من إطلاق موجة جديدة من المظاهرات سعيا إلى إقالة الوزراء الذين وصفهم بالفاشلين.

وفي غمرة من أجواء الحزن السائدة بالعراق بعد سقوط المئات من القتلى والجرحى في هجمات دامية كانت قد استهدفت شارعا مكتظا بحيّ الكرادة في العاصمة بغداد ومرقدا شيعيا في قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، خرج حيدر العبادي على العراقيين “مبشّرا” باستعادة القاعدة الجوية المذكورة الواقعة على بعد حوالي ستين كيلومترا جنوبي مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى التي يحتلها تنظيم داعش منذ صيف العام 2014.

ولم يتردّد عراقيون في انتقاد “مبالغة” الخطاب السياسي والإعلامي الرسمي في الترويج لأهمية استعادة قاعدة القيارة وتصويرها كمنعرج في مسار الحرب على تنظيم داعش.

وحذّر هؤلاء من استخدام الحرب وسيلة لإشغال الرأي العام العراقي وصرف نظره عن الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية المستفحلة.

قالوا إنّ هذا التكتيك يعتبر مقامرة من حكومة العبادي، لأن أي انتكاسة في الحرب، وأي تعثّر في معركة الموصل المرتقبة، والتي تلوح صعبة ومعقّدة، سيقضيان بالكامل على ما بقي للحكومة من مصداقية لدى فئات محدودة من العراقيين.

وذهب البعض حدّ القول إنّ العبادي المندفع باتجاه إطلاق معركة الموصل بصدد لعب أوراقه السياسية الأخيرة.

وفي كلمة له بثها التلفزيون الرسمي العراقي، السبت، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عن استعادة السيطرة على قاعدة القيارة الجوية، مؤكدا تقدم القوات نحو 100 كلم في عمق المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش.

وكانت الحكومة العراقية قد شرعت في مايو الماضي بالدفع بحشود عسكرية قرب الموصل، ضمن خطط لاستعادة السيطرة عليها من داعش. ووصل المئات من الجنود وناقلات الجند المدرعة والدبابات إلى قاطع مخمور الذي تتخذه قيادة عمليات نينوى مقرا بديلا لها.

وقال العميد، يحيى رسول، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة التابعة للجيش العراقي، الأحد، إن قاعدة القيّارة الجوية، التي استعادتها القوات الأمنية السبت من قبضة تنظيم داعش، ستستخدم خلال فترة قصيرة لتقديم الإسناد الجوي للوحدات البرية في عملية استعادة الموصل.

وشرح لوكالة الأناضول أن “المدارج الخاصة بالطائرات في قاعدة القيارة العسكرية، لم تدمر باستثناء شيء بسيط، وباستطاعتنا إعادة تأهيلها سريعا”.

وأضاف المسؤول الأمني أن “البنى التحتية والمرافق الأخرى الخاصة بالقاعدة مدمرة”، لافتا إلى أنه “سيكون للقاعدة تأثير استراتيجي كبير على سير العمليات العسكرية المزمع إطلاقها باتجاه الموصل”.

ورغم هذه التطمينات الرسمية، يقول خبراء عسكريون، إن معركة الموصل ستكون أصعب من سابقاتها في تكريت والرمادي والفلّوجة، وأنّ تنظيم داعش حشد كل مقدّراته في المدينة وسيدافع عنها بشكل انتحاري لأنّها معقله الأخير في العراق.

صحيفة العرب اللندنية