الحرب الباردة: الدولة والحشد الشعبي في العراق

الحرب الباردة: الدولة والحشد الشعبي في العراق

أدَّى انخراط الحشد الشعبي في العراق حاليًّا في مشروع إيراني عابر للدول، إلى رفضه لنشوء دولة عراقية مستقلة عن الإرادة الإيرانية.

3079271e871041f3b0ab961114b4e422_18

ملخص

تتناول الورقة ظروف نشأة (الحشد الشعبي) وطبيعة القوى المتحكِّمة بفصائله، وعلاقته المعقدة بالدولة العراقية. وتجادل الورقة بأن الجزء الأكبر من هذا التشكيل، وتحديدًا الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، تعبِّر عن اتجاه شيعي فوق-وطني ينافس الاتجاه الشيعي-الوطني، ويسعى لإضعاف منظومة ومؤسسات الدولة حيثما استعصى عليه فرض نفوذه داخلها، وأن هذا الصراع سيتنامى في المرحلة المقبلة، وستتأثَّر مخرجاته كثيرًا بالكيفية التي ستُحسم بها المعارك الرئيسية القادمة ضد تنظيم ما يُعرف بـ”الدولة الإسلامية”. 

مقدمة

تأسَّست ميليشيات “الحشد الشعبي” إثر اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” لمدينة الموصل وتهديده بالزحف على بغداد. ورغم أن بعض الفصائل التي انضوت في مظلة الحشد بدأت تنشط، تحديدًا في محيط بغداد، قبيل الإعلان رسميًّا عن تشكيله، إلا أن الفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، وقُرِئت على لسان ممثله في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بتاريخ 13 يونيو/حزيران 2014، اعتبرت على نطاق واسع شرارة الانطلاق لعملية تشكيل “الحشد الشعبي”. وتضمنت خطبة الكربلائي دعوة للمواطنين الذين يتمكَّنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين إلى التطوع للانخراط في القوات الأمنية. 

لكن بقدر الأهمية التي احتلتها تلك الفتوى في استيعاب الصدمة التي خلَّفها حدث اجتياح الموصل وانهيار العديد من وحدات الجيش العراقي، إلا أنها كانت أيضًا موضوعًا لصراع التفسيرات المختلفة وللتوظيف السياسي من قبل أطراف تتجاوز مصالحها هدف تنظيم الدفاع الشعبي ضد تهديدات تنظيم “الدولة الإسلامية”، خصوصًا بعد أن أصبح “الحشد الشعبي” تشكيلًا عسكريًّا قائمًا بذاته، تربطه علاقة معقدة وغير مستقرة بالدولة العراقية.

وتسعى هذه الورقة إلى متابعة وتحليل أبعاد تلك العلاقة، وصلتها بالدور الإيراني، وبشكل خاص التنافس بين إيران وخصومها، تحديدًا الولايات المتحدة الأميركية، ومدى تأثرها بالتنافس الشيعي البيني، سواء بين مرجعية النجف وطهران، أو بين القوى الشيعية العراقية(1).

ظروف التشكيل

خلت فتوى السيستاني من أية إشارة لتشكيل باسم “الحشد الشعبي”، ومعظم خطب ممثليه تشير إلى “المتطوعين” ولا تستخدم المصطلح المذكور، فالمصطلح تم تبنِّيه من قِبل حكومة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، الذي أعلن عن تأسيس “مديرية الحشد الشعبي”(2) كمؤسسة خاضعة لسلطة الدولة. وهناك بعض المؤشرات المهمة التي تدلُّ على أن فكرة تأسيس قوة عسكرية شبه رسمية، تتألَّف نواتها من الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، كانت محل الاعتبار أشهرًا عديدة قبل إعلان السيستاني فتواه، وقبل اجتياح ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية لمدينة الموصل، وهو ما كشف عنه رئيس منظمة بدر، إحدى كبرى فصائل الحشد في لقاء جمعه وبقية زعماء الفصائل مع رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي في يونيو/حزيران 2016(3). وحسب الباحث نبراس الكاظمي، فإن رئيس الوزراء السابق تحدث خلال اجتماع للتحالف الشيعي، عُقد في 15 إبريل/نيسان 2014، عن خطة لتأليف قوة عسكرية تضم الميليشيات الشيعية تحت اسم “سرايا الدفاع الشعبي”، وإن قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، لعب دورًا بارزًا في عملية التشكيل التي كانت قد دخلت مراحلها الختامية حينذاك. وبحسب ما تسرَّب من معلومات عن الاجتماع المذكور، فإن المالكي أشار إلى تحديات كبيرة قادمة خصوصًا في ظل تفاقم الصراع السوري، موحيًا بأن جبهتي الصراع في العراق وسوريا مترابطتان بشكل مصيري، وهو الأمر الذي يتطلب العمل على إنشاء قوة من هذا النوع؛ لأن الجيش العراقي ليس مؤهلًا للتعامل مع هذه التحديات وهو منقسم على أساس إثني وطائفي(4).

كان ذلك النقاش يجري تحت تأثير تصاعد الاستقطاب الجيوسياسي في المنطقة وعملية التطييف المتزايدة له؛ حيث اتجهت كبرى الدول السنِّية إلى دعم الانتفاضة السورية وبعض تشكيلاتها المسلحة، في حين وطَّدت إيران شبكة التحالفات الشيعية فوق-الوطنية لدعم نظام الأسد، وانعكس ذلك تعميقًا للانقسام الطائفي داخل العراق خصوصًا مع السياسات التي تبنَّاها المالكي، والذي عبَّر في أكثر من مناسبة عن خشيته من امتداد “التمرد السُّنِّي” عبر الحدود وتشكيله تحدِّيًا للحكومة التي تهيمن عليها القوى الشيعية في بغداد. وبدا أيضًا أن صراعًا متعدد الجبهات من هذا النوع، يتولى الحرس الثوري عملياته التنسيقية، يتطلب تطوير وتوسيع البنى الميليشياوية القادرة على تشكيل مضاد نوعي في الصراع مع التشكيلات العقائدية السنِّية، خصوصًا تلك التي تتبنى الأيديولوجية السلفية، وقادرة على الانتقال بين الجبهات وخوض حرب العصابات وتعويض الضعف أو نقص الإمكانيات البشرية أو المادية لدى الجيوش الرسمية في العراق وسوريا. ولأن جزءًا كبيرًا من عبء هذا الصراع تركَّز على حزب الله اللبناني، يبدو أن الجانب الإيراني استشعر الحاجة لإمدادات قتالية بشرية في الساحة السورية؛ حيث بدأ بعض التشكيلات والفصائل المسلحة من المقاتلين الشيعة العراقييين بدخول ساحة الصراع السوري. وأول تلك التشكيلات كان لواء أبي الفضل العباس ولواء عمار بن ياسر ولواء ذي الفقار، وهي تشكيلات حديثة أو ملحقة بفصائل ناشطة في العراق كانت تحاول تجنُّب دخول الصراع باسمها الصريح. لكن تدريجيًّا ومع هيمنة السردية الطائفية في تفسير ما يحصل في سوريا، وتحول القتال هناك إلى عنصر في صناعة رأس المال الرمزي للمقاتلين الذين تم تصوير قتالهم باعتباره دفاعًا مقدسًا، لم تعد تلك الفصائل تتردد في الإعلان عن مشاركتها الصريحة بالقتال السوري، كما هي الحال مع عصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله وقوات الشهيد محمد باقر الصدر التابعة لمنظمة بدر(5).

كان الشحن العقائدي لعملية التجنيد ضروريًّا من أجل نجاحها، وقد برَّر أغلب تلك الفصائل انخراطه في الصراع السوري باعتباره يستهدف الدفاع عن مرقد السيدة زينب في ريف دمشق والمهدَّد من القوى السلفية الجهادية، في حين ذكر قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، أن الهدف توسَّع تدريجيًّا إلى حماية القرى الشيعية في محيط دمشق وحلب وإدلب(6). ولم يعد سرًّا أن مقاتلين شيعة عراقيين كانوا يُرسَلون للقتال في سوريا، خاصة أن مجالس الفاتحة كانت تقام علنًا لمن يُقتل منهم، وقد تم تأمين مشاركتهم عبر شبكة معقَّدة من التنظيمات التي لعب الحرس الثوري دورًا محوريًّا في تشكيلها والتنسيق بينها.

يمكن الافتراض، إذن، أن الاتجاه لجمع الفصائل الشيعية في مظلة تنظيمية واحدة، كان يستهدف تحسين السيطرة على نشاط تلك الفصائل وإخضاعه لمركزية أكبر، والاستعداد لاحتمال تمدد الصراع إلى العراق. لكن فتوى السيستاني أتاحت تبريرًا شرعيًّا أكثر صدقية لتحقيق هذا الهدف أو الانتقال به إلى العلن، خاصة أنها أتت في سياق صدمة كبيرة وتهديد وجودي للعاصمة والمدن الشيعية المقدسة. وأدركت المرجعية الشيعية أن الفتوى قد وُظِّفت لتوطيد نفوذ الحرس الثوري في العراق وتوسيع سطوة الفصائل المرتبطة به على حساب القوات الحكومية العراقية، وهو ما عمَّق الخلاف المنهجي والسياسي بين التيار الشيعي-الجهادي المتمحور حول سلطة المرشد الأعلى، علي خامنئي، وبين المؤسسة الدينية في النجف. وانعكس ذلك في اختلاف الخطاب ونوع السياسات التي يدعمها كل طرف؛ ففي حين ذهبت مرجعية النجف إلى التأكيد بعد أسبوع واحد من إعلان الفتوى، عبر كلمة لممثلها في الحضرة العباسية، الشيخ أحمد الصافي، أن دعوتها للجهاد الكفائي لم تكن من منطلق طائفي وأنها تؤكد على جميع السياسيين ضرورة أن “تُراعَى حقوق كافة العراقيين من جميع الطوائف والمكوِّنات على قدم المساواة”، وأن “دعوة المرجعية الدينية إنما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية، وليس لتشكيل ميليشيات مسلحة خارج إطار القانون، فإن موقفها المبدئي في ضرورة حصر السلاح بيد الحكومة واضح، ومنذ سقوط النظام السابق، فلا يَتوهَّم أحد أنها تؤيد أي تنظيم مسلح غير مرخص له بموجب القانون”(7).

سياسيًّا، تطورت هذه المواجهة إلى صراع حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؛ فقد رمى الحرس الثوري والفصائل المدعومة منه بثقلهم خلف رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي (الذي كان قد قطع شوطًا كبيرًا في التنسيق مع هذه الأطراف التي خاض بعض أجنحتها السياسية الانتخابات ضمن ائتلافه، كما هي الحال مع منظمة بدر وعصائب أهل الحق والتيار الرسالي العراقي)، بينما دعم السيستاني اختيار رئيس وزراء جديد أقل تأثرًا بنفوذ الحرس الثوري. وبعد تولي حيدر العبادي منصب رئيس الوزراء، تمحور التنافس بين سعي “الحشد الشعبي”، وتحديدًا قواه المدعومة من الحرس الثوري، لتأكيد وجوده كمؤسسة عسكرية مستقلة تُرصَد لها تخصيصات مالية في موازنة الحكومة العراقية، وبين تأكيد مرجعية النجف على ضرورة أن تستعيد القوات الرسمية سيطرتها على العمل العسكري ونشاط المتطوعين، وسعْي حيدر العبادي إلى إبراز سلطته كقائد أعلى للقوات المسلحة في البلد، بما فيها قوات الحشد الشعبي.

العلاقة المعقدة

يجري غالبًا تعريف قوات “الحشد الشعبي” بأنها ميليشيات موالية للحكومة Pro-Government، لكن هذا التعريف يغفل حقيقة أن هذه الميليشيات ترتبط بعلاقة أكثر تعقيدًا مع الحكومة، فهي من جانب علاقة تنافس؛ حيث تطرح نفسها كبديل عن القوات الحكومية الرسمية، ومن جانب آخر علاقة تغلغل؛ حيث تسعى إلى السيطرة على ماكينة الدولة وإعادة تشكيلها بما يخدم أهدافها وعقيدتها. وحيثما تعذَّر الوصول إلى الهدف الثاني، جرى التركيز على الهدف الأول.

وحاولت هذه الفصائل طرح نفسها كبديل أكثر موثوقية من القوات الرسمية العراقية، مستفيدة من حالة الضعف والانهيار والفساد الذي استشرى في مؤسسة الجيش، وصحب عمل “الحشد الشعبي” حملة دعائية كبيرة لكسب الدعم له في الشارع الشيعي وإظهاره بمظهر القوة التي أنقذت الشيعة من تهديد تنظيم الدولة، والتي ستستعيد وحدة الأراضي العراقية، وفي الغالب جرى هذا الترويج لصالح الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري، وهي الأكثر تنظيمًا والأفضل تسليحًا، على حساب الفصائل الأخرى التي لا تخضع لتوجيه الحرس الثوري كسرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر والمجموعات الممولة من العتبات الشيعية المقدسة. تم على نطاق واسع تداول صور هادي العامري، زعيم منظمة بدر، وأبي مهدي المهندس (جمال جعفر محمد علي)، المقرَّب من الحرس الثوري والقائد العملياتي للعديد من الفصائل، والذي يُشار إليه عادة بنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وهما يفترشان الأرض مع المقاتلين أو ينظران لخريطة العمليات. وتضمَّن بعض هذه الصور قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الذي بدأ دوره المباشر في العمليات يأخذ منحى أكثر دعائية وعلنية منذ معارك جرف الصخر.

راكمت مشاركة “الحشد الشعبي” في المعارك، والحملة الدعائية المرافقة لها، رصيدًا شعبيًّا له في الشارع الشيعي؛ فقد ارتفعت الأسهم السياسية لهادي العامري، الذي كان وزيرًا للنقل في حكومة المالكي السابقة، بحيث صار يراه البعض كقوة سياسية قادمة قد تتصدر المشهد الشيعي(8). ظهر العامري في زيارة لمرقد الإمام الحسين في كربلاء وقد أحاطته جموع المصلين بالهتافات والدعاء(9)، كما أصبحت صوره وصور أبي مهدي المهندس تُعلَّق على الدبابات(10). ومسايرةً لعقيدة ولغة الحرس الثوري، اجتمعت تلك الفصائل تحت التسمية الفضفاضة، فصائل المقاومة، لتميز نفسها عقائديًّا وتتناغم مع النهج الشيعي الثوري، دون أن يمنع ذلك ظهور نوع من التنافس بين تلك الفصائل، وبينها وبين الفصائل غير المدعومة من الحرس الثوري، حول الدور الذي لعبه كل منها في المعارك، خصوصًا أن تضخيم الدور لا يخدمها فقط في التعبئة وتحقيق المكاسب الشعبية، بل أيضًا في الحصول على التمويل والدعم العسكري.

وجد رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، نفسه في مواجهة وضع معقَّد، فهو من جهة لم يكن ليجازف بمواجهة تلك الفصائل التي نجحت إلى حدٍّ كبير في السيطرة على رواية الصراع، وتمكَّنت من بناء نفوذ فعلي على الأرض، ومن جهة أخرى كان عليه أن يعيد هيكلة وتقوية الأجهزة الأمنية الرسمية ويحررها من نفوذ الفصائل غير المنضبطة، وهو شرط أميركي لدعم الحكومة العراقية في الصراع مع تنظيم “الدولة الإسلامية”. ولم يكن أمام العبادي سوى البناء على الأمر الحكومي السابق لسلفه بإنشاء مديرية الحشد الشعبي، فأصدرت حكومته قرارًا، في إبريل/نيسان 2015، بربط هيئة الحشد الشعبي بمكتب رئيس الوزراء و”توجيه الوزراء والمؤسسات كافة عند تعاملها مع هيئة الحشد الشعبي على التعامل معها على أنها هيئة رسمية ترتبط برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة”(11). وأراد العبادي من هذا القرار استعادة زمام السيطرة على حركة “الحشد الشعبي” وإلزامها بالتنسيق مع القوات الحكومية، وبنفس الوقت عدم الدخول في صراع مباشر مع فصائلها التي كانت تتبنى في الأصل موقفًا متشددًا تجاهه إلى حدِّ اعتباره جزءًا من المحور الأميركي(12). لكن هذا التأطير خدم تلك الفصائل أيضًا لأنه أعطاها الحق، كمؤسسة تابعة للدولة، في المطالبة بالاستحقاقات المالية وصرف الرواتب وتخصيص ميزانية للتسليح من الحكومة العراقية، خصوصًا مع الاستنزاف التدريجي لموازنة الحرس الثوري الإيراني بفعل الانخراط في الصراعين السوري والعراقي. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2015، نشر بعض وسائل الإعلام رسالة شديدة اللهجة بعث بها أبو مهدي المهندس إلى العبادي يطالب فيها بإعادة النظر بالميزانية المخصصة لـ”الحشد الشعبي”، مقترحًا إقامة هيئة عمليات مشتركة تضم وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي لتوزيع التخصيصات المالية بينها، بدل التقتير على الفصائل التي تقاتل العدو في خطوط التماسِّ(13). وبالمثل، قال النائب أحمد الأسدي، الناطق الرسمي للحشد الشعبي والأمين العام لحركة جند الإمام: إن الميزانية التي خُصِّصت للحشد عام 2016 (تريليون و160 مليار دينار عراقي) “لاتتناسب مع ما يقدمه الحشد الشعبي من تضحيات جسيمة” مقدِّرًا الحاجة الحقيقية بأربعة تريليونات دينار(14). كذلك صرَّح حامد الجزائري، القيادي في سرايا الخراساني، لوكالة أسوشيتد برس، بأن “أولئك الذين ضحَّوا أكثر يستحقون أكثر”، داعيًا إلى تحويل الحشد الشعبي إلى قوة ثالثة إلى جانب وزارتي الدفاع والداخلية، على غرار الحرس الثوري الإيراني(15). وهذا المطلب يعكس مسعى مَأْسَسَة تلك الميليشيات العقائدية وتأكيد دورها في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، كقوة مستقلة تتبع إرادة المرشد الأعلى الإيراني وتتلقى جزءًا من تمويلها من ميزانية الدولة العراقية. بعبارة أخرى، إن هذا المطلب ينطوي ضمنيًّا على محاولة إقامة قوة رقابة وضبط تابعة للولي الفقيه داخل الدولة العراقية، قادرة على التأثير وربما التحكُّم بخيارات هذه الدولة وعقيدتها.

ومن الواضح أن الأزمة المالية التي يمر بها العراق نتيجة تراجع أسعار النفط حدَّت من قدرة الحكومة على تخصيص ميزانية أكبر، لكن تقليل الميزانية المخصصة للحشد من 6 تريليونات في العام 2015، إلى حوالي سدس هذا المبلغ، استهدف أيضًا تحجيم نفوذ “الحشد الشعبي” وقياداته الميدانية، خصوصًا في ظل تنافس دعائي وعملي بين فصائله والقوات الحكومية. ولنفس السبب، قام العبادي بتعيين الفريق الركن المتقاعد، محسن الكعبي، نائبًا لرئيس الحشد الشعبي للشؤون الإدارية والمالية، ساحبًا جزءًا من صلاحيات أبي مهدي المهندس الذي اقتصرت مسؤوليته بموجب ذلك على الشؤون العملياتية(16).

الدولة في مواجهة الميليشيات

رغم الإطار الرسمي الذي ينظِّم علاقة الدولة مع الحشد حيث يتولى وزير الأمن الوطني، فالح الفياض، بطريقة اسمية على نحو كبير، رئاسة هيئة الحشد الشعبي، فإن الفصائل المنضوية في هذا التشكيل ظلت تحافظ على استقلالية كبيرة في إدارة عملياتها، كما اتضح بشكل خاص في معركة تكريت حينما اتخذت تلك الفصائل قرار البدء بالمعركة بدون موافقة العبادي، ما دفعه إلى اللجوء إلى الإدارة الأميركية التي اشترطت عدم دخول الفصائل المدعومة من الحرس الثوري مدينة تكريت مقابل توفير التغطية الجوية للمعركة(17). بعد تلك المعركة، تطور التنسيق بين الحكومة وفصائل الحشد بشكل أفضل وانعكس على الطريقة التي أُديرت بها معركتا الرمادي والفلوجة؛ حيث التزمت تلك الفصائل بترك عملية اقتحام المدن لقوة مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، مقابل الانتشار في أطراف تلك المدن. لكن ذلك لم يمنع بعض تلك الفصائل من ارتكاب انتهاكات وأعمال انتقامية ضد المدنيين، وهو ما أقرَّ به العبادي، مشيرًا إلى أن حكومته ستتخذ إجراءات ضد بعض الفصائل التي تدَّعي انتماءها للحشد، مُدينًا التصريحات الطائفية لبعض قيادات تلك الفصائل(18).

ولم تمنع إجراءات التكيف والضبط والتنسيق استمرار حالة الشك المتبادل بين الحكومة والفصائل المسلحة، رغم تصريحات لبعض قادة الحشد يؤكدون فيها خضوعهم لقرارات رئيس الوزراء وتفهمهم لطبيعة سياسته. ويصر قادة الحشد على أن فصائلهم لعبت الدور الأكبر في حماية بغداد وعمليات تحرير المدن التي كان يستولي عليها تنظيم الدولة، وقد حذَّر أبو مهدي المهندس من مسعى أميركي لسرقة انتصارات الحشد، مشكِّكًا بالأهداف الأميركية وبالدور الأميركي في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”(19). وذهب أبو آلاء الولائي، الأمين العام لكتائب سيد الشهداء، إلى أن “داعش هي أداة أميركية”، تستهدف بشكل خاص حركات المقاومة في المنطقة(20). ورغم تأكيده المستمر على تعاونه مع العبادي، أطلق هادي العامري تصريحًا قويًّا بعد معارك الفلوجة مفاده أن الحشد الشعبي سيشارك في معارك الموصل رغم أنف من يعترض، وفي ذلك إشارة إلى التحفظ الأميركي واعتراض قوى سُنِّيَّة عديدة على مثل هذه المشاركة(21).

الأكثر من ذلك، يميل قادة تلك الفصائل إلى التقليل من دور القوات الحكومية العراقية، ويوجهون نقدًا لضعفها أو طريقة انخراطها في القتال، وهو ما فعله قيس الخزعلي في حوار تليفزيوني ذكر فيه أن الرمادي قد دُمِّرت بالكامل بسبب الإدارة السيئة للمعركة من القوات الحكومية المدعومة من الطيران الأميركي(22)، بينما أشار هادي العامري إلى أن “الحشد الشعبي” هو الذي قام بعملية تحرير بيجي مقابل مشاركة محدودة جدًّا من القوات الحكومية(23). وكانت كتائب حزب الله قد اشتبكت قتاليًّا مع قيادة عمليات بغداد في سبتمبر/أيلول 2015، بعد محاصرة قيادة العمليات لأحد مقرَّات الكتائب، بسبب اختطاف كتائب حزب الله لعمال أتراك بحسب بعض التقارير(24).

المنافسة الأميركية-الإيرانية

لا يمكن عزل قضية “الحشد الشعبي” عن التنافس الإيراني-الأميركي الذي انطلق منذ العام 2003، تحت سقف اتفاق الطرفين على توزيع مناطق النفوذ والحيلولة دون انهيار المنظومة السياسية التي تشكَّلت بعد العام 2003. فبعد سقوط نظام صدام حسين، طُرحت فكرة تشكيل جيش مهني ومحايد وغير مُسَيَّس، لكن الفكرة بدت غير عملية إلى حدٍّ كبير بسبب واقع الصراع المفعم بعدم الثقة والنزعات التآمرية. ولا يقتصر الأمر على غياب الثقافة السياسية الداعمة لمثل هذه الفكرة، بل وأيضًا يخص قوة وتجذر الفكرة النقيضة، القائلة بأن من يسيطر على الجيش يسيطر على الدولة. وهذه الفكرة تُرجمت إلى تنافس على مستويي الصراع اللذين شهدهما العراق منذ العام 2003: مستوى الصراع بين القوى الخارجية حول صناعة الوجهة السياسية والعقيدة العسكرية لـ”العراق الجديد”، ومستوى الصراع بين القوى الداخلية حول امتلاك السلطة وأدواتها. فهمت القوى الإسلامية الشيعية أن الولايات المتحدة تسعى في الحقيقة إلى بناء جيش بعقيدة عسكرية متصالحة مع الغرب ومعادية لإيران، وهو ما قاد بالنتيجة إلى اتباع الحكومات التي قادتها تلك التيارات لسياسة مضادة تقوم على عنصرين:

الأول: هو عدم الثقة بالمؤسسة العسكرية التقليدية التي خضعت طويلًا لهيمنة الضباط السُّنَّة، وبالتالي العمل على تقوية تشكيلات عسكرية موازية، رسمية وغير رسمية، للحدِّ من ظهور الجيش كقوة عسكرية بطموح سياسي، وهنا لعب الحرس الثوري الإيراني دورًا رئيسيًّا.

الثاني: العمل على إعادة تركيب الجيش بحيث يتم إنهاء الهيمنة السنية التاريخية عليه، وصناعة عقيدة عسكرية جديدة تتجسد فيها مصالح وتوجهات تلك القوى، وهي عملية تسارعت خلال الدورة الثانية لرئيس الوزراء، نوري المالكي، بعد تحرره من القيود الأميركية، لكنها أفضت إلى وجود مؤسسة عسكرية ضعيفة تخترقها السياسات الزبائنية والفساد وضعف المهنية.

ومن الواضح أن الحرس الثوري الإيراني، الذي يمثِّل عمليتيًّا عقيدة شيعية فوق-وطنية ومعادية للغرب، وجد أن خروج حليفه المالكي من سُدَّة السلطة ومجيء رئيس وزراء أكثر قربًا من الجانب الأميركي، سيُترجم إلى محاولة إعادة هيكلة الجيش واستعادة جزء من النفوذ الأميركي في إطار عملية إعادة الهيكلة هذه، ولذلك سعى الحرس الثوري إلى مواجهة جهود من هذا النوع بتقوية وتوسيع التشكيلات غير الرسمية، والاستفادة من نفوذ القوى الإسلامية الشيعية في الدولة لإجبارها على المساهمة في تمويل تلك التشكيلات. ورغم أن الحرس الثوري يدعم بقاء المنظومة السياسية لما بعد العام 2003، وتحديدًا حُكم الأغلبية الشيعية، إلا أنه أيضًا يخشى من استعادة الدولة العراقية لقوتها وسيطرتها استنادًا على دعم أميركي، وهو ما سيحوِّل تلك الدولة إلى خصم جديد للحرس الثوري. ولم يتردد أكرم الكعبي، قائد حركة النجباء، في التصريح بأن الحشد الشعبي سينتقل من مهمة حماية الحكومة إلى إسقاطها لو تم توجيهه لعمل ذلك من قبل الفقيه الجامع للشرائط(25).

وبحسب فالح الفياض، وزير الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي، فإن الحكومة تخطط لربط (الحشد الشعبي) بوزارة الدفاع ودمج 30-40 ألف مقاتل سُنِّي فيه، ليتحول إلى قوة بتعداد 120 ألف مقاتل ترتبط تمامًا بالمؤسسة الحكومية(26). ويبدو أن هذه الفكرة طُرحت كتسوية تنزع الصفة الطائفية عن “الحشد الشعبي”، وتعوِّض عن فشل القوى السياسية بالتوافق على مشروع الحرس الوطني الذي طُرح كوسيلة لتشكيل قوات محلية في المناطق السنية. لكن من المستبعد لقادة فصائل الحشد، وللقوى السياسية التي لديها فصائلها المسلحة كـ(سرايا عاشوراء التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى وسرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر وفصائل أخرى تابعة لحزب الدعوة وحزب الفضيلة)، أن تتخلى عن سيطرتها على مقاتليها، خصوصًا في أجواء احتدام التنافس الشيعي الداخلي على خلفية الحركة الاحتجاجية ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية عام 2017.

أفق الدولة وأفق الميليشيات

سيحدد سير المعارك المتبقية والطريقة التي يتم بها دحر تنظيم “الدولة الإسلامية” الكيفية التي سيدخل بها “الحشد الشعبي” المرحلة المقبلة، فمطالبة قادة الحشد بلعب دور في عملية تحرير الموصل يرتبط بشعورهم بأن جرد الحساب سيبدأ بعد تلك العملية وأن عليهم عدم التفريط بأبوَّة النصر المحتمل. وبالقدر الذي تستفيد به الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري من ضعف الجيش العراقي والمؤسسة الأمنية الرسمية، فإنها ستظل تعمل على ضمان أن لا يصبح ذلك الجيش قويًّا بما يكفي، ومقبولًا على المستوى الشعبي بالدرجة التي تمكِّنه من احتكار “العنف الشرعي” داخل البلد. وسيكون على العبادي النجاح في إدارة التوازنات المتعلقة بالمعارك القادمة، وتحديدًا معركة الموصل، وضمان أن تخرج المؤسسة العسكرية من هذا الصراع وقد استعادت ثقتها بنفسها، من أجل أن يكون قادرًا على التعامل من موقع القوة مع تلك الفصائل.

وبأية حال، فإن هناك احتمالًا كبيرًا لتفاقم المواجهة بين مشروع بناء الدولة الذي يرى أن انتشال العراق من أزمته يعتمد على قدرته على بناء مؤسسات الدولة واحتكارها للعنف الشرعي وتخطيها للتمييز الإثني والمذهبي، وبين المشروع الميليشياوي الذي يرى الساحة العراقية جزءًا من معركة أكبر تتخطى الحدود وتنطلق من عقيدة ثورية متمحورة حول سلطة الولي الفقيه فوق-الوطنية، وهو تنافس قائم في إيران نفسها بين تيار بناء الدولة البراغماتي وتيار الثورة العقائدي. وعلى الأرجح، فإن إخفاق مشروع بناء الدولة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والاستقطاب الجيوسياسي والمظالم الداخلية، سيخدم رغبة المشروع الميليشياوي، ويخلق شروط استمرار نشاطها وتأثيرها وقدرتها على التعبئة.

_________________________________

حارث حسن- باحث في الشؤون السياسية العراقية.

مراجع

1.  يُنظر موقع مكتب المرجع الديني الأعلى، علي الحسيني السيستاني، ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة:  

 http://www.sistani.org/arabic/archive/24918/

2. رائد، الحامد، الحشد الشعبي: القوة النظامية البديلة في العراق، مركز الجزيرة للدراسات، 24 مارس/آذار 2015: http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/01/201511141532221465.html

3. “الأستاذ هادي العامري يشيد بجهود السيد المالكي في الدفاع عن الحشد الشعبي”، قناة آفاق الفضائية، 28 يونيو/حزيران 2016: إضغط هنا.

 4. Kazimi, Nibras, “The Origins of the PMUs”, Talsiman Gate Again, 1 July 2016:

 https://talisman-gate.com/2016/07/01/the-origins-of-the-pmus/

5. Smyth, Philip, “The Shiite Jihad in Syria and its Regional Effect”s, The Washington Institute for Near East Policy, 2005:

https://www.washingtoninstitute.org/uploads/Documents/pubs/PolicyFocus138_Smyth-2.pdf

6. مقابلة مع الشيخ قيس الخزعلي، قناة السومرية، 6 مارس/آذار 2014:

 https://www.youtube.com/watch?v=lwkwsgMhqNc

انظر أيضًا، أحمد أبا زيد، “الميليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا”، الشبكة السورية لحقوق الإنسان:

 http://sn4hr.org/public_html/wp-content/pdf/arabic/shia’a-arabic.pdf

7. موقع مكتب المرجع الديني الأعلى، علي الحسيني السيستاني، نص ما ورد بشأن الأوضاع الراهنة في العراق في خطبة الجمعة التي ألقاها فضيلة العلَّامة السيد أحمد الصافي في 20 يونيو/حزيران 2014:

 http://www.sistani.org/arabic/archive/24915/

8. من حوار مغلق مع مسؤول في الإدارة الأميركية ضمن فريق عمل الأتلانتيك كونسيل المعني بمستقبل العراق، 16 يونيو/حزيران 2016.

9. انظر فيديو الاستقبال على الرابط التالي:

 https://www.youtube.com/watch?v=fBat1MXWmuY

10. “من هو أبو مهدي المهندس القائد في الحشد الشعبي؟”، مجلس عشائر الجنوب، بتاريخ 25 إبريل/نيسان 2015:

من هو ابو مهدي المهندس القائد في الحشد الشعبي !! تفاصيل

11. مجلس الوزراء يربط هيئة الحشد الشعبي بمكتب العبادي، وكالة أين نيوز للأخبار، بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2015: 

http://www.alliraqnews.com/modules/news/article.php?storyid=935

12. مقابلة مع الشيخ قيس الخزعلي، قناة السومرية، مصدر سبق ذكره.

13. “أبو مهدي المهندس للعبادي: ميزانية الحشد الشعبي هزيلة”، الميادين نت، بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2015: http://www.almayadeen.net/news/politics/2354/%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D8%AF%D8%B3-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A–%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A-%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%84%D8%A9

14. رووداو، الأسدي، “ميزانية الحشد الشعبي لعام 2016 لا تناسب حجم التضحيات”، بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016:

http://rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/261020155

15. Hamza Hendawi and Qassim abdul-Zahra, “Fears in Iraqi government, army over Shiite’s militias’ power”, The Associated Press, 20 March 2016:

http://www.sandiegouniontribune.com/news/2016/mar/20/fears-in-iraqi-government-army-over-shiite/all/?print

16. “العبادي يعيِّن محسن الكعبي نائبًا لرئيس الحشد للشؤون الإدارية والمالية”، صحيفة المدى، بتاري: 17 فبراير/شباط 2016: إضغط هنا.

17. من حوار غير مفتوح مع مسؤول في الإدارة الأميركية ضمن فريق عمل الأتلانتيك كونسيل المعني بمستقبل العراق، بتاريخ 16 مارس/آذار 2016:

18. “العبادي: بعض فصائل الحشد الشعبي غير منضبطة”،  الجزيرة نت، 25 مايو/أيار 2016: إضغط هنا.

19. حوار مع أبي مهدي المهندس، قناة الاتجاه الفضائية، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2015:

 https://www.youtube.com/watch?v=_RTAZX0quC8

20. مقابلة مع أبي آلاء الولائي، قناة السومرية، 3 ديسمبر/كانون الأول 2015:

https://www.evernote.com/Home.action#n=d6479592-ef4d-40c8-aa43- f50681645fac&t=83fa94af-94bc-4d57-9507-794d1d492251&ses=4&sh=3&sds

21. انظر تسجيلًا للتصريح على الرابط التالي:

https://www.evernote.com/Home.action#n=40f00198-4696-4a62-aade-92147289dba8&t=83fa94af-94bc-4d57-9507-794d1d492251&ses=4&sh=3&sds

22. مقابلة مع قناة السومرية، مصدر سبق ذكره.

23. مقابلة مع هادي العامري، شبكة الإعلام العراقي، 19 ديسمبر/كانون الأول 2015: 

 https://www.youtube.com/watch?v=tbyqNjtb9sM

24. معارك بين قوات عمليات بغداد وحزب الله بشارع فلسطين في بغداد، آرا نيوز، 4 سبتمبر/أيلول 2015: http://aranews.org/2015/09/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A

25. مقابلة مع الشيخ أكرم الكعبي، قناة السومرية، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2015:

https://www.youtube.com/watch?v=z2c7jpQahkg

26. حوار مع مجموعة باحثين، بغداد، بتاريخ 20 مارس/آذار 2016.

حارث حسن

مركز الجزيرة للدراسات