كيف صمم “داعش” طرقا جديدة لنثر بذور الوحشية في أوروبا

كيف صمم “داعش” طرقا جديدة لنثر بذور الوحشية في أوروبا

تفجيرات-نيس

مع تقلص “خلافتها”، كثفت مجموعة “داعش” جهودها لتصدير الفوضى العارمة التي درجت على ممارستها في داخل حدودها.
ويجيء الرد في جزء منه من غضب المجموعة الإرهاربية لأنها لم تعد تستطيع الاحتفاظ بالأراضي التي كانت قد استولت عليها قبل عامين. ومع ذلك، وحتى من قبل أن يخسر الأرض، كان “داعش” قد بدأ محاولة زرع الإرهاب في أوروبا –وهي  قارة لطالما قال استراتيجيوها إنها ستكون ميدان المعركة المقبلة في حرب المجموعة الإفنائية.
وثمة عصابة في صفوف الطبقة العليا من المجموعة كانت قد درست الطرق لدى اعدائها، وخاصة اولئك في  أوروبا الغربية والولايات المتحدة واستراليا.  وتضم المجموعة قادة رفيعي المستوى، ينصحون ويتأثرون من جانب أيديولوجيات أجنبية كانت قد انضمت إليهم من أماكن مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا.
ويعتقد بأن اكثر من 40 كانوا قد سافروا من نيس، مشهد الاعتداء في الأسبوع الماضي – الهجوم الثالث الذي سبّب اضراراً جماعية في فرنسا في خلال 18 شهراً.  وكان داعش قد أعلن يوم السبت الماضي مسؤوليته عن الهجوم.  وبالرغم من بقاء الشكوك قائمة حول ما إذا
كان الادعاء حيلة مخادعة أو جاداً فإنه ترك علامات بارزة في ضربات سابقة كانت قد وجهت من جانب المجموعة.  وفي المعنى الظاهري  فعل كذلك هجوم لاحق ليلة الاثنين على قطار في ألمانيا تبنى داعش المسؤولية عنه.
إلى ذلك، عثر على راية لداعش مصنوعة باليد في منزل لاجئ أفغاني متهم بمهاجمة المسافرين على متن قطار بفأس قبل أن يردى قتيلاً. ولم يكن هو ولا مهاجم نيس على رادار وكالات الأمن القومي.
وفي الأثناء يعتقد المدعون العامون الفرنسيون بأن مهاجم نيس مر قبل شنه الهجوم بوقت قصير بعملية تطرف سريعة.  ولطالما حثت الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” على شن هجمات الذئب الوحيد، وقدمت دعماً فعلياً وتعليمات من على منتديات الموقع العنكبوتي، كما أنه يتوافر على أعضاء في المكان في أوروبا لتقديم إرشاد مباشر للجهاديين المستقبليين.
إلى ذلك، صمم قادة داعش والتابعون له طرقاً لمحاولة إضعاف المجتمعات الغربية من الداخل.  وشملت خططتهم تغييراً في الأشكال التقليدية للإرهاب مثل مهاجمة أهداف مدنية ناعمة لإحداث الصدم وزعزعة الثقة. وحاولوا إضافة عناصر إضافية يعتقدون بأنها قد تلهب نار المجتمعات بما في ذلك استهداف الأيام القومية مثل يوم الباستيل او المعالم الثقافية مثل ستاد فرنسا.
وراء ذلك ثمة سلاح جديد للمواءمة: فالبعض في القيادة العليا يعي بدقة التوترات الجيوسياسية القابلة للاشتعال في أوروبا – والتي ساعدت أعمالهم في إشعال فتيلها – ويرتاحون للكيفية التي ستخدم التداعيات مصالحهم من خلالها.
وفي أعقاب بريكست، الحدود المتكاملة والتكتلات التجارية والتحالفات الاقتصادية والخطاب السياسي كلها قيد الاستحواذ في أوروبا التي تبدو الآن في خلاف مع نفسها أكثر من أي وقت سابق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال عضو رفيع المستوى في المجموعة “إنهم يحاولون فهم من أين نضربهم وهم لا يعرفون أي شيء عن كيفية إدارة اوروبا. لكنهم يحصلون على المساعدة من الأجانب. ولقد عرفوا ان انجلترا كانت بصدد مغادرة الاتحاد الاوروبي وكانوا مسرورين لذلك. ويتحمل مسؤولية هذه الأشياء والهجمات نفسها  قائد عراقي وأبو محمد الـعدناني.
إلى ذلك، لم ينظر إلى المواءمة كلباس قوي لداعش التي قصرت حربها حتى الآن على الحضارة بحماس لا يعرف المرونة. ومع ذلك، وفيما أعادت الضربات الجوية والهجمات المضادة الأراضي التي كانوا قد غزوها فقد أظهرت أنها تستطيع الرد على الظروف المتغيرة.  ولعل مثالاً واحداً على هذا هو الهجرة الجماعية إلى أوروبا حيث ثمة ملايين عدة يهربون من العراق وسورية.  وكانت الهجرة المذكورة في بداية الأمر قد ووجهت بالإدانة من جائب داعش التي أرادت فرض إرادتها على الناس بنفس القدر الذي تفرضها فيه على الجغرافيا. وفي الأشهر العشرة الماضية مع ذلك ما يزال طريق الهجرة يستخدم لتهريب بعض الاعضاء عودة إلى أوطانهم الأم من أجل الاستعداد لتعليمات.
وقال عضو داعش “لم يكونوا سعيدين حيال هروب اللاجئين إلى أوروبا عندما تم ذلك. لكنهم الآن يفهمون كيف سيعمل هذا لصالحهم لأن ثمة شعوراً معاديا للهجرة هناك. وبالنسبة لهم فهو معاد للاسلام. وهذا ما يقولونه للناس”.
تجدر الاشارة إلى أن العدناني هو قائد داعش في سورية وهو مسؤول عن الإعلام في المجموعة.  كما انه دافع علناً عن الهجمات في أوروبا وكان جزءًا من فريق القيادة الذي وجه التفجيرات الانتحارية الجماعية وإطلاق النار في باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وثمة رجل فرنسي يعمل تحت العدناني ويعتقد بأنه ينحدر أصلاً من طولوز وكان يدير مراكز  لياقة بدنية في مناطق عديدة من فرنسا. وعرض عدناني رخصة مفتوحة لأي شخص يلتزم بشن هجوم في أوروبا باسم داعش،  وفي واحد من خطاباته الأولى قبل عامين، أسدى النصيحة حول كيفية فعل ذلك.
وقال “هشم رأسه بصخرة، أو اذبحه بسكين، أو دسه بالسيارة أو ألق به من مكانٍ عالٍ أو اصعقه أو سممه..”.
وما تزال صيغة العدناني من الوحشية التي لا حدود لها قيد التزام على الأقل من أتباعه في فرنسا وبلجيكا.  وتعتقد الاستخبارات أن ثمة آخرين يوجدون قيد الانتظار في المكان.  والمعروف عن داعش أنه يقوم بجهود منسقة لتهريب الكيميائيات إلى أوروبا لاستخدامها في هجمات لكن يعتقد بأنه فشل في ايجاد طريقة  لنقل الصواعق القابلة للاشتعال والمتفجرة بشكل عال واللازمة لصنعها. وقال عضو داعش “دائماً ثمة حديث عن ذلك لكنها قائمة رغبات وحسب”.

مارتن شالوف

صحيفة الغد