بوتين «الناخب» الأبرز في السباق الرئاسي الاميركي؟

بوتين «الناخب» الأبرز في السباق الرئاسي الاميركي؟

١12

تقليدياً، يشعر الكرملين بارتياح أكبر لوجود رئيس جمهوري في البيت الأبيض، لكن الأمر لم يصل قط الى محاولة التأثير مباشرة على الانتخابات الرئاسية الأميركية، كما يفيد الاتهام الذي وجهته مصادر المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون الى موسكو مطلع هذا الاسبوع.

أتى ذلك بعد تسريب موقع «ويكيليكس» رسائل لقادة الحزب الديموقراطي تكشف خططاً مفترضة لعرقلة حملة بيرني ساندرز، منافس كلينتون، للترشح للرئاسة. ومن بين هذه الخطط الترويج لمقالات مناهضة لسناتور فيرمونت والطلب من وسائل اعلام الامتناع عن تسويقه، اضافة الى تهمة خطرة تتعلق بمزاعم عن تمويل هيلاري لـ «جيش الكتروني»، لمهاجمة مؤيدي ساندرز على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسارعت حملة كلينتون الى استدعاء كلام لمستشارها السابق سيدني بلومنتال اتهم فيها عملاء للروس باختراق بريدها الاكتروني، فيما تحولت القضية الى فضيحة أدت الى اعلان رئيسة الحزب الديموقراطي ديبي واسرمان شولتز عزمها على الاستقالة، كون الرسائل عن مخططات ضد ساندرز مسربة من «اللجنة الوطنية» للحزب، أي ذراعه الإدارية التي يفترض بها ألا تعمل على تفضيل مرشح ديموقراطي على آخر.

أتت العاصفة في توقيت حساس، عشية افتتاح مؤتمر الديموقرطيين في فيلاديلفيا لإعلان كلينتون مرشحة رسمية للحزب الى الرئاسة.

ولم يكن كافياً اتهام موسكو بالوقوف وراء تسريبات «ويكيليكس» لعرقلة الديموقراطيين وتعزيز مواقع المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي وصفته حملة كلينتون بأنه «صديق بوتين»، في إشارة الى إبداء المرشح الجمهوري استعداده لاستقبال الرئيس الروسي في البيت الأبيض لحل المشكلات العالقة بين البلدين.

لقد كانت مسيرة هيلاري صعبة ومملوءة بالمطبات وآخرها اتهامها بسوء استخدام بريدها الالكتروني، ثم تبرئتها في شكل يرقى الى «المحاباة»، ما أعطى ترامب مزيداً من الحجج للانقضاض عليها بوصفها حليفة لأصحاب المصالح الكبرى والفساد.

ولا ينقص ترامب «الخبث» الكافي لمغازلة انصار ساندرز وهم من الشباب الذين ينتمون الى اقصى يسار الحزب الديموقراطي، ومخاطبتهم قائلاً: «نحن نتفق مع ساندرز في أن منظومة الحكم عملت ضده ونحن نتفق معه في عدد من القضايا التي طرحها وسيجد انصاره اننا اقرب اليهم من ممثلة المنظومة الحاكمة في واشنطن» في اشارة الى كلينتون.

وتعمد ترامب إبراز الفارق بينه وبين المرشحة الديموقراطية بالقول: «من أراد الاستماع الى شعارات ضخمة لا تخدم في الحقيقة الا اصحاب المصالح الكبرى، فليذهب الى مؤتمرهم (الديموقراطيين)، اما من يريد ان يستمع الى الحقيقة ولو كانت مؤلمة، فمكانه معنا».

لا شك في أن كلينتون التي تبدو وكأنها تسير على حبل مشدود، تواجه صعوبات جديّة خلال مؤتمر الديموقراطيين، خصوصاً مع تنامي احتجاجات انصار ساندرز على انحياز قيادة الحزب ضد مرشحهم في الانتخابات التميهدية، الى حد أن بريداً مسرباً لأحد المسؤولين الماليين في الحزب يشير الى توصيته بإشاعة أن ساندرز ملحد، لتحقيق نقاط لمصلحة منافسته وزيرة الخارجية السابقة.

نتيجة لذلك تفيد استطلاعات للرأي بأن نصف مؤيدي ساندرز لن يتجاوبوا مع طلبه بأن يصوتوا لكلينتون رغبة منه في المحافظة على مصلحة الحزب، بل قد يأتي تصويتهم سلبياً وانتقامياً لمصلحة ترامب وهنا المشكلة.

واذا نجت كلينتون من الفضيحة الجديدة كما هو متوقع فإنه من الآن وحتى الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل موعد الانتخابات الرئاسية، ستتقلب نتائج الاستطلاعات وتتمحور حول شبه تعادل بينها وبين ترامب، إلا أن الوقت ما زال مبكراً للحسم وإن كانت وزيرة الخارجية السابقة تشعر بأنها تتعرض لمؤامرة من بوتين الطامح لأن يكون الناخب الأكبر ضدها، فهل يتحقق له ذلك؟

سمير السعداوي
صحيفة الحياة اللندنية