‘الذئاب المنفردة’ شكل إرهابي يؤرق ساسة أوروبا

‘الذئاب المنفردة’ شكل إرهابي يؤرق ساسة أوروبا

_86085_eur3

لم تتوقف الهجمات الإرهابية (أو التي ينفذها مرضى نفسانيون حسب روايات بعض الأجهزة الأمنية) منذ ما يقرب السنة ونصف السنة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وكانت السمة البارزة لهذه الهجمات أن أغلبها كان ينفذ من قبل ما يسمى “الذئاب المنفردة”، الأمر الذي دفع موقع “الخلفية العلمية للسلوك الإرهابي” إلى نشر دراسة مدققة حول كيفية تحول بعض الأفراد إلى ذئاب منفردة تقوم بعمليات إرهابية وسط المجتمعات، دون أن يتفطن إليها أحد.

وقد طرحت الدراسة مجموعة من المؤشرات على تصاعد ظاهرة الذئاب المنفردة، إذ أشارت إلى أن هجمات هؤلاء الذئاب آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة والعديد من الديمقراطيات الأوروبية الغربية (مثل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا)، وهي الدول التي شهدت 198 هجمة إرهابية نفذتها الذئاب المنفردة، في الفترة من 1970 إلى عام 2000.

ونظرا لهذه المدة فإن العمليات التي تقوم بها تلك العناصر الفردية لا تقتصر فقط على العمليات التي فيها دوافع دينية أو بدافع التطرف لجماعة دينية ما، بل إن العمليات الإرهابية الفردية يمكن أن تكون أيضا معبرة عن تطرف أيديولوجي لأي فكر آخر يمكن أن يستعمل العنف للوصول إلى أهدافه السياسية.

كما أوضحت أن هجمات الذئاب المنفردة على الولايات المتحدة قد زادت بنسبة 45 بالمئة، فهي الدولة الأكثر استهدافا في الفترة من 1990 حتى 2013، بحوالي 46 عملية، بنسبة 63 بالمئة من إجمالي العمليات على مستوى العالم.

ويعود هذا التركيز على أميركا إلى أن طبيعة المجتمع تسمح بوجود ذئاب منفردة حيث السلاح يمكن أن يباع ويشترى للمدنيين في المحلات التجارية، وأيضا توفر القوانين الأميركية مساحة واسعة من الخصوصية يمكن أن تكون بيئة خصبة لعمل الجماعات المتطرفة لاستقطاب الشباب الذي يمكن أن يتحول بسرعة إلى طاقة عالية من الإرهاب والعنف.

وتعرف الدراسة الصادرة عن موقع الخلفية العلمية للسلوك الإرهابي والعنف السياسي ظاهرة الذئب المنفرد بالقول إنها عمليات تتم بشكل فردي، وألا ينتمي مُنفذ العملية إلى تنظيم له بنية واضحة وقيادات مركزية وغيرها، وأن يتم التخطيط للعملية دون تدخل أي عناصر خارجية أو تلقي دعم مادي مباشر، فقط يكون “الذئب المنفرد” قد تعرض لحلقة ضغط مكثفة عبر وسائل التواصل الافتراضي ويمول نفسه بعد أن يخطط للقيام بعملية ثم يقوم بها، ثم يعلن تنظيم الدولة الإسلامية مثلا مسؤوليته عن العمل الإرهابي، وهو ما حدث في كل العمليات المنفردة وآخرها التفجير الانتحاري في مدينة أنسباخ الألمانية.

وتوضح الدراسة أن الجدل الحالي بين العلماء وصانعي القرار حول ظاهرة الذئاب المنفردة، يشير إلى أنها لم تصبح تهديدا أمنيّا هائلا فحسب، ولكنها باتت تفرض المزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على المجتمعات، مما دفع الباحثين والمحللين إلى بذل المزيد من الجهود النظرية للكشف عن أنماط الأفراد المعرضين للتحول إلى ذئاب منفردة، وبالتالي المساهمة في ظاهرة الإرهاب العالمية.

ويقول الباحث المتخصص في قضايا الإرهاب بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مارك هاكر إن “الإرهاب بهذا الشكل سوف يعيد تشكيل أنظمة بحالها على أساس أمني”، وفسر ذلك بأن المكاسب الكبرى التي حققتها الشعوب الغربية في الخصوصية الفردية وحرية التنقل والمسكن والارتباط وغيرها سوف تخضع إلى معايير جديدة ورؤية جديدة في بنائها بطريقة “سوف تحد من تلك الحريات” جراء الذئاب المنفردة التي يمكن أن تكون حاملة للجنسية الأصلية لتلك الدولة موضوع العملية.

ولكن ومع مراجعة الأدبيات السابقة في هذا الشأن، وجد الباحثون خلافات كبيرة حول الأسس التي يمكن الحكم من خلالها على أي هجوم إرهابي، بأنه من تنفيذ “ذئب منفرد”، ففي إحدى الدراسات التي ظهرت مؤخرا، يشير العلماء إلى أن ظاهرة الذئب المنفرد جاءت نتيجة تصورات من وسائل الإعلام والجهات الفاعلة السياسية اليمينية المتطرفة أيضا، وليس لها أساس في العلوم الاجتماعية أو المصطلحات القانونية، بينما هناك دراسة أخرى أكدت أن الهجمات التي يقوم بها مهاجمون منفردون يفضّل أن تسمى “الكلاب الضالة” لأنها تظهر مستوى متدنيا في التنظيم والتنفيذ.

صحيفة العرب اللندنية