نزع فتيل القنبلة الموقوتة لاتفاق إيران النووي

نزع فتيل القنبلة الموقوتة لاتفاق إيران النووي

الاتفاق-النووي-لم-يرفع-كل-العقوبات-عن-إيران

كان الأمر هكذا في البداية، وما يزال كذلك بعد مرور عام: إن الخطر الرئيسي لخطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي الإيراني، هو أحكامه الخاصة برفع القيود الأكثر أهمية عن برنامج إيران النووي تلقائياً بحلول العام 2030. وتبقى غيره من أوجه القصور في الصفقة شاحبة إلى حد كبير في المقارنة. ويمكن وضع الحجج المعقولة بأن هذه الأحكام تعكس تنازلات صعبة ولكنها ضرورية، وأنه يمكن تخفيف المخاطر المحسوبة بشكل فعال من خلال جهود الإنفاذ القوية، وتصميم الولايات المتحدة على مواجهة العدوان الإيراني على نطاق أوسع. لكن الأصعب بكثير هو الدفاع عن شرط غروب الشمس الذي يمهد الطريق لإيران غير معادة البناء لتصبح دولة على عتبة امتلاك الأسلحة النووية في غضون مجرد 15 -أو 14 سنة. وليست هذه مخاطرة محسوبة. إنها وصفة للكارثة الاستراتيجية، كما يكتب جون هانا في مجلة “فورين أفيرز”.
المحتوى:
وفق أحكام خطة العمل الشاملة المشتركة، سوف يسمح لإيران بحلول العام 2030 ببناء صناعة نووية بحجم صناعي. وسوف تكون قادرة على تشغيل عدد غير محدود من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ومراكمة أي مخزون تريده من المواد الانشطارية. ويشمل هذا، من الناحية النظرية، اليورانيوم المخصب بدرجة الأسلحة النووية. وعند تلك النقطة، ستكون على بعد أسابيع، وربما أيام، عن امتلاك الوقود لبناء ترسانة صغيرة من الأسلحة النووية. وكل هذا شرعنته الولايات المتحدة وبقية ما يسمى المجتمع الدولي.
كما هو واقع الحال، تعطي خطة العمل الشاملة المشتركة ضوءاً أخضر لعودة إيران اللولبية إلى امتلاك سلاح نووي، بغض النظر عن سلوك البلد في المجال غير النووي. وكل قيود الصفقة تختفي، حتى لو ظلت إيران الراعي الرائد للإرهاب في العالم؛ وحتى إذا ما استمرت في زعزعة استقرار جيرانها، وحتى لو كانت شعارات “الموت لأميركا” وإبادة إسرائيل هي أعلى دعوات للنظام.
تبدو تأكيدات البيت الأبيض على أن طموحات إيران النووية ستظل مقيدة على نحو فعال في العام 2030 من خلال التزامها بالبروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مجرد عبارات جوفاء. وحتى مع عمليات التفتيش الاقتحامية، فإن احتمالات كشف كيفيات اندفاعة إيران في الوقت الحقيقي إلى القنبلة تبقى منخفضة بشكل خطير، بمجرد امتلاك البلد بنية تحتية نووية ضخمة وزمن اختراق قريب من الصفر. وعند تلك النقطة، سوف تكون سلسلة من منشآت التخصيب المخفية التي تقوم بتدوير أجهزة الطرد المركزي المتطورة أشبه بلعب الأطفال بالنسبة لنظام مارس الخداع النووي بشكل منهجي لعقدين من الزمن. في ظل تلك الظروف، سوف يكون الاعتماد على البروتوكول الإضافي للوكالة لتزويد الولايات المتحدة بتحذير كاف لمنع قيام إيران نووية بحكم الأمر الواقع حماقة تتاخم حدود الوهم.
إن أحكام غروب الشمس في خطة العمل الشاملة المشتركة هي قنبلة موقوتة لا بد من نزع فتيلها. ويعني ذلك تخليص إيران من فكرة أن الولايات المتحدة مستعدة لقبول أي خطط من جانب إيران لتوسيع قدرة تخصيب اليورانيوم بشكل كبير (أو إعادة معالجة البلوتونيوم والقدرة على الفصل) بمجرد أن تنتهي قيود الاتفاق النووي. ويجب على الولايات المتحدة إيضاح أنها ترى أن تطوير مثل هذه القدرة غير ضرورية لتلبية احتياجات الطاقة الشرعية المدنية النووية الايرانية، بقدر ما هي مزعزعة للاستقرار ومهددة لمصالح الولايات المتحدة.
الحقيقة هي أن جميع الاحتياجات المدنية الإيرانية لليورانيوم المخصب يمكن تأمينها، بشكل آمن واقتصادي، من خلال علاقات تعاقدية مع الموردين الأجانب، والتي ستقوم الاتفاقية بتسهيلها وتعزيزها على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة. ومع الوفاء باحتياجات التخصيب المشروعة في البلاد عن طريق سلسلة توريد مجربة وموثوقة في الخارج، والتي يباركها (بل ويضمنها) المجتمع الدولي، ينبغي رفض مطالب إيران بتطوير قدرة غير مقيدة لإنتاج المواد الانشطارية محلياً بشدة، باعتباره خطراً غير مقبول على السلام والأمن في الشرق الأوسط.
على الولايات المتحدة، كجزء من جهودها الرامية إلى ثني إيران عن زيادة قدراتها بشكل كبير بمجرد تطبيق أحكام غروب الشمس، أن تضع مجموعة من الخطوط الحمراء بشأن حجم ونطاق البرنامج النووي الإيراني لما بعد خطة العمل الشاملة المشتركة. وينبغي أن تهدف هذه الخطوط، ربما مع تعديلات طفيفة، إلى تمديد، وفي الوضع المثالي، إدامة قيود الصفقة الحالية المتعلقة بأعداد أجهزة الطرد المركزي وطرازاتها، ومستويات التخصيب، والمخزونات المتراكمة. وفي حين أن الولايات المتحدة ستفضل بقوة وضع هذا القيد لما بعد خطة العمل الشاملة المشتركة في مفاوضات جديدة، مع مراعاة المصالح المشروعة لإيران، فإنه يجب على الولايات المتحدة أن توضح عزمها على فرض قيود بغض النظر عن أي اتفاق جديد، وباستخدام جميع الوسائل المتاحة لها -من إعادة فرض عقوبات مالية شديدة، إلى استخدام القوة العسكرية.
لن يكون تصحيح الخطأ الفادح في أحكام غروب الشمس المتضمنة في خطة العمل المشتركة الشاملة مهمة سهلة. ولن يحدث ذلك بالتأكيد بين عشية وضحاها. سوف تبكي إيران وتعول. وسوف يقاوم شركاؤنا في المفاوضات في مجموعة (5+1) إعادة فتح الصفقة. وسوف يتطلب تحقيق النجاح قدراً هائلاً من المثابرة الدبلوماسية الأميركية والإرادة والمصداقية. وهذا بالتحديد هو السبب في عدم وجود أي فرصة لأن تقوم إدارة أوباما ببذل هذا الجهد في الوقت القصير المتبقي لها. ولديها ببساطة الكثير مما هو على المحك لاستنطاق النجاح المزعوم للإنجازات الكبيرة في سياستها الخارجية.
لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للإدارة المقبلة. ففيما يستوجب التكرار المستمر، ليست خطة العمل الشاملة المشتركة اتفاقاً ملزماً قانوناً. وسيكون من حق الرئيس الجديد أن يقبلها، أو يرفضها، أو يطالب بتعديلها لمعالجة الشواغل الأمنية الوطنية الأساسية. ويجب أن تمنح هذه الحقيقة رافعة حقيقية للإدارة القادمة بينما تقترب من الشركاء الدوليين في مجموعة (5+1) الذين سيكونون حريصين على تجنب الانهيار التام للصفقة، فضلاً عن تجنب انفجار مبكر مع قدوم زعيم أميركي جديد. ومن الممكن أن يتمكن عرض لحسن النية من قبل الرئيس الجديد لتنفيذ خطة العمل الشاملة، إلى جانب مطلب معقول بمعالجة أوجه القصور الصارخة من الكسب دبلوماسياً مع مرور الوقت، -خاصة إذا دعم ذلك تهديد حقيقي بالتصرف من جانب واحد إذا لزم الأمر في نهاية المطاف.
وهنا، تستطيع الإدارة المقبلة أن تعزز موقفها كثيراً عن طريق التحرك بسرعة لتحصل أولاً على دعم متحمس من الكونغرس الأميركي، ومن أصدقائنا وحلفائنا الرئيسيين في الشرق الأوسط. وسوف يكون هناك بشكل شبه مؤكد تأييد واسع النطاق لتعديل أحكام غروب الشمس في خطة العمل الشاملة المشتركة من بين كلا المجموعتين -الجمهوريين والديمقراطيين، والعرب والإسرائيليين. ومن المرجح أن يكون تأسيس إجماع جديد للحزبين الجمهوري والديمقراطي في الداخل فيما يتعلق بصفقة إيران، وتوحيد الهدف من جديد في الخارج مع شركائنا الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، بمثابة مضاعف كبير للقوة عند رئيس جديد يحاول فعلاً إشراك المجتمع الدولي الأوسع.
أربع عشرة سنة. إذا كنا محظوظين، فسيكون هذا هو كم الوقت المتوفر لدينا قبل أن تنفجر خطة العمل المشتركة الشاملة في وجوهنا، مطلقة العنان لتحقيق إيران طموحاتها النووية تحت غطاء الشرعية الدولية. ولا شك أن ضمان عدم حدوث ذلك من خلال الحفاظ على القيود النووية الرئيسية لما بعد عام 2030 يشكل تحدياً دبلوماسياً هائلاً. وسيكون من شبه المؤكد أن يستغرق وقتاً طويلاً وعملية شاقة، ولذلك يجب أن يكون من بين أهم أولويات الإدارة الجديدة من أول يوم لها في السلطة. إن المخاطر كبيرة. والطريق سيكون طويلاً. وفترة 14 عاماً أقصر كثيراً مما تعتقدون. تك، توك. تك، توك.

جون هانا

صحيفة الغد