التحضر يتراجع.. أساليب التوحش تنتشر شرقا وغربا

التحضر يتراجع.. أساليب التوحش تنتشر شرقا وغربا

_86093_fr3

تضع عمليات إرهابية متفرقة فرنسا في ما يشبه حرب استنزاف مفتوحة يصعب تطويقها خاصة أنها عمليات محدودة وتنفذها عناصر غير معروفة بانتمائها المتطرف لدى قوات الأمن.

وتتزامن مع عمليات فرنسا حوادث قتل متفرقة في ألمانيا واليابان ودول أخرى. وحتى وإن لم تتبنّ هذه الحوادث تنظيمات متشددة، فإنها تقرع الأجراس إلى أن العالم يتراجع فيما تشيع أساليب التوحش والعودة إلى عصور قديمة.

وقتل كاهن ذبحا في عملية احتجاز رهائن نفذها رجلان في كنيسة في سانت إتيان دو روفريه في شمال غرب فرنسا وتبناها داعش.

وتفقد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مكان الاعتداء الذي وصفه بأنه “جريمة إرهابية دنيئة”، مشيرا إلى أن الرجلين اللذين قتلتهما قوات خاصة في الشرطة، “قالا إنهما ينتميان إلى داعش”.

وأفاد بيان لوكالة “أعماق” التابعة للتنظيم الجهادي نشرته مواقع التواصل الاجتماعي، أن “منفذي هجوم كنيسة نورماندي في فرنسا هما جنديان من الدولة الإسلامية”.

ودخل المعتديان إلى الكنيسة خلال القداس، واحتجزا خمسة أشخاص.

وقالت مصادر متابعة للتحقيق إن أحد المهاجمين “معروف من قبل أجهزة مكافحة الإرهاب”.

واعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن العمليات التي تنفذ في فرنسا تأتي في سياق منظم تقف وراءه جهة تعطي الأوامر، وليس مجرد عمليات معزولة يتبناها تنظيم داعش، مستفيدا من الوضع الهش الذي يعيشه شباب الجالية العربية والإسلامية.

وحذّر الخبراء من أن يكون داعش قد خدع الاستخبارات الأوروبية بتكثيف الحديث عن تسلل مقاتلين تابعين له ضمن المهاجرين القادمين من سوريا والعراق، فيما كان التنظيم يرتّب لعمليات من الداخل مثلما جرى في مدينة نيس الفرنسية يوم 14 يوليو.

وكان المسؤولون الفرنسيون يتخوّفون من خطة لمهاجمة أماكن دينية منذ سنة، لا سيما بعد إحباط خطة للهجوم على كنيسة كاثوليكية في إحدى ضواحي باريس في أبريل 2015.

وأشار الخبراء إلى أن استهداف الكنيسة هدفه تحقيق الحد الأقصى من الخلاف داخل فرنسا التي نجحت إلى حدّ ما في استيعاب الخلافات الدينية لسكانها من خلال حياد الدولة وتبنيها لمبدأ العلمانية التي تجعل من الدين أمرا شخصيا.

ومن شأن هذا الهجوم أن يغذّي مخاوف اليمين الفرنسي والأوروبي ليعاود هجمات على دور عبادة تعود إلى المسلمين، فضلا عن الدعوة إلى طرد المهاجرين، وهو المناخ الذي يحقق لداعش ما يسعى إليه.

وهناك مناخ عام في العالم يميل إلى العنف حتى وإن تعلّق الأمر بالجرائم الفردية مثل ما جرى في ألمانيا الثلاثاء، حيث قالت الشرطة إن مريضا قتل طبيبا بالرصاص في مستشفى ببرلين ثم انتحر.

وقالت الشرطة إن مسلحا مجهولا أطلق النار على رجل في مركز تجاري في مدينة مالمو السويدية. ووقع الحادث في حي تسكنه أغلبية من المهاجرين.

وقبلها بأيام قليلة، قام طالب لجوء أفغاني شاب بمهاجمة سياح من هونغ كونغ بفأس وسكين قرب فورتزبورغ جنوب ألمانيا قبل أن يهاجم امرأة كانت في الشارع ما أدّى إلى إصابة خمسة أشخاص بجروح.

وبالتوازي، قالت السلطات اليابانية إن رجلا قتل بسكين 19 شخصا أثناء نومهم في منشأة للمعوّقين قرب طوكيو الثلاثاء.

وأبدى منفذ هجوم نيس، وهو تونسي، درجة قصوى من التوحش حين قام بدهس العشرات من المحتفين بالعيد الوطني لفرنسا.

وزادت حدة هذه الجرائم مع ازدياد جرائم داعش وفي ظل عجز العالم عن وقفها.

وقال مراقبون إن توزّع هذه الجرائم على أكثر من قارة يوحي بأن أساليب التوحش بدأت تشيع بسهولة وكأن العالم لم يمر بمراحل حضارية متقدمة، وأنه رغم التطور الإنساني الكبير فإن ثمة من يحنّ إلى العصور القديمة وأساليبها العنيفة.

صحيفة العرب اللندنية