الشرقاط مدينة حسابات الجيش العراقي في معركة الموصل

الشرقاط مدينة حسابات الجيش العراقي في معركة الموصل

_86449_charg

يفر الآلاف من مدينة الشرقاط في شمال العراق التي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية قبل هجوم مزمع للقوات الحكومية عليها في ما سيمثل خطوة رئيسية لتحقيق هدف استعادة مدينة الموصل من أيدي مقاتلي التنظيم.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد تعهد بأن يسترد العراق بحلول نهاية العام الجاري مدينة الموصل العاصمة الفعلية للتنظيم المتشدد في الأراضي العراقية وأكبر مدن دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم وذلك بعد عامين من سقوطها في أيدي الجهاديين.

وقد سلط ما حققته القوات العراقية من مكاسب في الآونة الأخيرة على حساب المتشددين الضوء على هذا الهدف رغم أن المنتقدين مازالوا يشككون في ما إذا كان الجيش جاهزا للمعركة وما قد يحدث للمدينة إذا تمت الإطاحة بالتنظيم.

وفي سياق متابعة الأوضاع الإنسانية، تؤكد تقارير أممية أن الوضع الإنساني يمثل عائقا أمام تقدم القوات العراقية نظرا لنسبة النزوح الكبيرة المنجرة عن عدم تنسيق كامل في العملية العسكرية وتفكير القادة في المسائل الإنسانية والاجتماعية، فقد فرّ أكثر من 33 ألف شخص من الشرقاط في اتجاه الجنوب خلال الشهرين الأخيرين وفقا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين ومسؤولين أمنيين محليين.

وتعد السيطرة على الشرقاط وبلدة القيارة القريبة منها أمرا حاسما لحماية قاعدة القيارة الجوية التي تم استردادها في الآونة الأخيرة من هجمات بقذائف المورتر والصواريخ حتى يمكن للقوات العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة استخدامها كمركز للدعم اللوجستي لعملية الموصل. وسيساهم حوالي 560 جنديا أميركيا في إصلاح القاعدة التي لحقت بها أضرار جراء القتال وعمليات التخريب التي نفذها التنظيم وذلك للسماح بانضمام الآلاف من القوات العراقية إلى الحملة الرئيسية على الموصل والتي يمكن أن تبدأ في أواخر سبتمبر القادم.

وقالت مصادر في الفصائل الشيعية المسلحة التي تتسم بنزوعها الطائفي في القتال إن مقاتلي الفصائل انتقلوا إلى مشارف الشرقاط الأسبوع الماضي ثم انسحبوا منها، وهذا ما يعتبر حسب مراقبين مؤشرا غير إيجابي في تشريك قوات غير رسمية في معركة تحرير وطنية عراقية، الأمر الذي دعا الكثيرين إلى التشاؤم والمزيد من التشكيك في جدية حكومة العبادي في الحملة ضد داعش.

تعد السيطرة على الشرقاط أمرا حاسما لحماية قاعدة القيارة الجوية القريبة التي تم استردادها في الآونة الأخيرة

وقالت مصادر أمنية إن الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التي قادت المعارك الأخيرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ستقود الهجوم في الشرقاط. وامتنع مسؤولون عسكريون عن مناقشة توقيت العملية واكتفوا بالقول إنها ستتم “قريبا”.

وفي مقابلة تلفزيونية أذيعت الأحد، رفض وزير الدفاع خالد العبيدي أن يذكر ما إذا كانت تلك العملية ستسبق معركة الموصل لكنه قال إن ما تحقق من تقدم في الآونة الأخيرة أدى إلى عزل الشرقاط والحويجة الواقعة شرقا عن بقية أراضي تنظيم الدولة الإسلامية. وقد اشترك الجيش والشرطة والفصائل الشيعية في طرد مقاتلي التنظيم مما لا يقل عن نصف مساحة الأراضي التي استولى عليها، وكان التنظيم متواجدا على حوالي ثلث العراق عام 2014. كما تحاصر القوات الحكومية الحويجة التي يقول مسؤولون عسكريون إنها أقل أهمية استراتيجية من معركة الموصل.

هذه التطورات لا تعكس تقدما إيجابيا تاما، فبقطع النظر عن مشاركة ميليشيات طائفية في المعركة المنتظرة (ما سيفقد المعركة بعدها الوطني الشامل)، تقول الأمم المتحدة إن الهجوم الرئيسي على الموصل قد يؤدي إلى نزوح مليون شخص آخرين مما سيزيد الضغوط على الحكومة التي تواجه عجزا في الميزانية نجم عن انخفاض أسعار النفط. ووصف نازحون من الشرقاط، وهم يقفون تحت حرارة الصيف اللافحة الأسبوع الماضي، معاناتهم والصعوبات التي يتعرضون لها جراء ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية في ظل حكم تنظيم الدولة الإسلامية، وقال فياض ضرغام وهو نازح “مات أطفال بسبب نقص الحليب، ولم تكن مياه الشرب متاحة واضطررنا للشرب من مياه النهر وكانت قذرة”.

ووصف آخرون كيف فرض الجهاديون تفسيراتهم المتشددة للشريعة الإسلامية على السكان، وقال عمر أحمد وهو يقف في انتظار الفحص الأمني “لم يكن من الممكن أن تخرج من بيتك، ويجب أن تكون دشداشتك (ثوبك) قصيرة وذقنك طويلة ولم يكن بوسعك أن تدخن السجائر فكل سيجارة بخمسين جلدة”. وكان مسؤولون قد حذروا من كارثة إنسانية تلوح في الأفق إذ يواجه السكان المحليون صعوبات في الحصول على الغذاء والخدمات الأساسية.

فقد قال قائد للشرطة في محافظة صلاح الدين التي تقع فيها الشرقاط إن الآلاف في مناطق قريبة أصبحوا محاصرين بين قوات الدولة الإسلامية وقوات الأمن إلى جانب من نزحوا عن ديارهم من الشرقاط. وتم نقل مدنيين إلى معسكر تديره الحكومة بالقرب من حجاج الواقعة على مسافة 80 كيلومترا تقريبا جنوبي الشرقاط حيث أقيمت خيام في الصحراء يفصل فيها الرجال عن النساء والأطفال لإجراء فحص أمني. وانضم هؤلاء لأكثر من 3.4 مليون شخص نزحوا عن ديارهم في مختلف أنحاء العراق.

صحيفة العرب الجديدة