لماذا يجب على كلنتون تجنب التقارب مع هنري كيسنجر؟

لماذا يجب على كلنتون تجنب التقارب مع هنري كيسنجر؟

x112747159-secretary-of-state-hillary-clinton-and-former-us.jpg.CROP_.promo-xlarge2.jpg.pagespeed.ic.iwKie-0GNx

لعدة أسابيع ماضية، حاولت هيلاري كلينتون أن ترحب ترحيبا كريما بجميع الجمهوريين، المثيرين للاشمئزاز، أمثال الرئيس المحتمل دونالد ترامب. وفي حالة وجود أحد الجمهورين المشهورين جدا،  فإن التوعية المستمرة لفترة طويلة أفضل من ذلك بكثير. ولسنوات، كانت  كلينتون تتحدث بحرارة وإعجاب عن هنري كيسنجر، وهو الرجل الذي أظهر عدم احترام لحقوق الإنسان وسيادة القانون وسجل الآداب الأساسية، في جميع أنحاء العالم.

ويوم الاثنين، ذكر مقال في “بوليتيكو” بالتفصيل محاولة حملة كلينتون جذب السياسة الخارجية للحزب الجمهوري “الشيوخ”، بما في ذلك كوندوليزا رايس، جيمس بيكر، وكيسنجر. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن 50 مسؤولا من الأمن القومي السابق الجمهوري، حرروا رسالة ذكروا فيها أن ترامب لا يصلح أن يكون القائد العام للقوات المسلحة. وكان كيسنجر، بيكر، وكولن باول، والبعض الآخر لا تتضمنهم هذه القائمة اسمائهم، ما أثار تكهنات بشأن ما إذا كان الملف الخاص بتطليق ترامب أكثر من مجرد ورقة رابحة في المستقبل القريب.

ولا يوجد شيء خاطئ في حملة كلينتون، يحيل قضيتها إلى الجمهوريين، الذين يشعرون بالقلق من مرشح حزبهم. وتعتبر الانشقاقات المستمرة من مؤسسي الحزب، هي ضربة دامغة لترامب. فعندما وصل الأمر لكيسنجر، فيجب على كلينتون أن تعرف أكثر بدلا من النأي بنفسها.

وحاولت كلينتون استمالة كسينجر لها مع بعض الحماس غير المقيد، من خلال تحدثها عن حكمته وما لديه من “البصيرة” و “الخبرة”. واستعرضت واحدة، مما يبدو لا نهاية لها من كتبه، مع بعض كلمات الإعجاب و الثناء: “كيسنجر هو صديق، وكنت اعتمد على استشاراته، عندما كنت أشغل منصب وزيرة الخارجية وكنت حريصه على إبقائه معي بانتظام، وكنا نتبادل الملاحظات الذكية حول الزعماء الأجانب، وكان يرسل لي تقارير مكتوبة حول أسفاره”.

ودافعت عنه في نقاش مع بيرني ساندرز، هاجم الأخير خلاله سجل كيسنجر في السياسة الخارجية، حتى أنها اختارت قضاء العطل معه. ويحب فريق كلينتون دائما الحديث عن الرابطة الخاصة بين الرجال والنساء، الذين شغلوا منصب وزيرة الخارجية.

لكن سجل كيسنجر كوزير للدولة يجعل أي ارتباط معه مشتبها به أخلاقيا. وقد يشكل دونالد ترامب تهديدا فريدا للديمقراطية الأمريكية، لكنه بالكاد يحتكر ازدراء القواعد الديمقراطية. وكان هناك انتهاك لبعض هذه المباديء في المناصب الأمريكية، من الأشخاص المتعجرفين أمثال كيسنجر.

وكان القصف غير الشرعي لكمبوديا، من قبل إدارة نيكسون، واحدا من أكثر القرارات القاسية، التي اتخذتها أي إدارة أمريكية. ما أدى إلى زعزعة الاستقرار، الذي يمكن التنبؤ به في ذلك البلد وبالإبادة الجماعية في وقت لاحق.

وكان تجاهل الديمقراطية وتفضيل الحكم العسكري، هي السمات المميزة للسياسة الخارجية لنيكسون-كيسنجر، سواء في شيلي (حيث أظهر كيسنجر تفضيله لقرارات الحاكم الديكتاتوري أوجستو بينوشيه)، أو اليونان (حيث كان ينظر إلى المجلس العسكري الأفضل للديمقراطية أيضا). وفي حالة جنوب آسيا، نيكسون وكيسنجر (مستشار الأمن القومي) يواكب دعمه لقوى الدكتاتورية العسكرية الباكستانية، المسؤولة عن ذبح عشرات (إن لم يكن مئات) الآلاف في ما هو الآن بنجلاديش. (إنه من الصعب في كثير من الأحيان كشف كم من الناس قتلوا بالضبط، بسبب سياسات نيكسون-كيسنجر).

ومجاملات دونالد ترامب لفلاديمير بوتين ليست شيئا، بالمقارنة مع الاحترام الذي أظهره كيسنجر إلى القوى واحدة تلو الآخرى، من الأرجنتين إلى إيران وحتى زائير. ودعونا لا ننسى دور كيسنجر في انتخابات 1968. من خلال تسريب المعلومات، التي كان يعلمها حول مفاوضات السلام، حيث حرّض كيسنجر، لتنفيذ مخطط نيكسون للإعلامين الفيتناميين الجنوبيين، بأنهم سيحصلون على صفقة أفضل في إدارته، وأنه يجب أن يصبح في السلطة لتحقيق ذلك. وعند سماع هذا الخبر، رفضت الحكومة الفيتنامية الجنوبية إرسال المفاوضين إلى محادثات السلام في باريس، على الرغم من تعليق إدارة جونسون الغارات الجوية. وكانت النتيجة محرجة لإدارة جونسون، فقد خسر نائب الرئيس، هيوبرت همفري، في الانتخابات القريبة أمام نيكسون بعد عدة أيام من ذلك . (وبطبيعة الحال، مع وجود نيكسون وكيسنجر في السلطة، بقيت الحرب لعدة سنوات أكثر، بلا طائل وبدموية أكثر.)

 وكان دور كيسنجر الوظيفي، بعد خروجه من الحكومة، بالكاد أكثر احتراما. وعلى مر السنين، استحسن الأنظمة القمعية في مختلف أنحاء العالم. وحول مذبحة ميدان تيانانمين، علق كيسنجر: “هذا ليس هو المكان المناسب للنظر في الأحداث، التي أدت إلى المأساة في ساحة تيانانمين. فكل طرف لديه تصورات مختلفة، التي كثيرا ما تكون متضاربة، وأصل مشاركتهم في الأزمة.. حيث احتلوا الميدان الرئيسي في عاصمة الدولة، ومحاولة إظهار سلميتهم التامة، هو أيضا تكتيك لإظهار عجز الحكومة وإضعافها، ويغري ذلك بأفعال متهورة، ما جعلها في وضع غير مناسب”.

وهو موقف لا يختلف عن رأي دونالد ترامب في تلك  “المأساة”. عندما صرّح  لـ”بلاي بوي” في عام 1990، قائلا “عندما تجمع الطلاب في ميدان السلام السماوي، قامت الحكومة الصينية بالتجمع بالقرب منهم. ثم كانت الحلقة مروعة، لكنها حكمت القوة وأرادت أن تظهر قوة القوة “.

وعلى الرغم من هذا السجل القبيح، هناك بعض الذين يعتقدون أن حملة كلينتون يجب أن ترحب بأي دعم، بسبب تهديد دونالد ترامب للنظام الديمقراطي. وأنا اتعاطف تماما مع وجهة النظر هذه: فأكثر من خمسين من المتخصصين في السياسة الخارجية، استنكروا سياسة ترامب، لكن الحاجة الملحة لهزيمة ترامب عليها أن تنصب خيمة كبيرة وتفتح ذراعيها للناس، الذين على استعداد للتنديد بترامب والرغبة في رؤيته منهزما.

وهذا لا يعني أن الجميع هم موضع ترحيب، فيجب على كلينتون أن تمارس الحكم الذي ستمارسه في مكتبها. ومنحها الدور بأن تكون المخلصة للديمقراطية الليبرالية الأمريكية هو أمر محتمل، لأن غالبية الأمريكيين يثقون بها. إنها ببساطة الوحيدة في السباق، التي لديها فرصة واقعية للحصول على الرئاسة. وثمة طريقة واحدة يمكنها من خلالها أن تجعل من نفسها تستحق أكثر من تصويت على مضض من المشككين، وهي أنه عليها أن توضح أنه في حين أنها ترحب بدعم من أصحاب وجهات النظر المختلفة، لكنها ليست في حاجة أو رغبة ليد العون من الذين أيديهم ملطخة بالدماء، مثل هنري كيسنجر. وحقيقة أنها عليها التعهد بعدم اللجوء إلى دعمه، من المرجح أنه أمر مخيب للآمال، وغير مفاجئ، واحتمال أن يصبح كيسنجر ذا تأثير في البيت الأبيض إذا ما فازت كلينتون هو صراحة امر مخيف.

سلات – التقرير