مستقبل الاقتصاد العالمي وتوقعات متشائمة لصندق النقد الدولي لعام 2015

مستقبل الاقتصاد العالمي وتوقعات متشائمة لصندق النقد الدولي لعام 2015

54be05bc2a12a

تتوالى التحليلات والتفسيرات الاقتصادية لإزمة انهيار اسعار النفط عالميا ، فقد تفاوتت هذه التفسيرات بين التشاؤوم من جهة و التفاؤول من جهة اخرى حول مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل الظروف الحالية التي تكتنفها الضبابية والغموض .

ومن بين التحليلات ما صدر عن صندوق النقد الدولي بان تراجع اسعار النفط لن يكون كافيا لتامين دعم ثابت للاقتصاد العالمي الذي يعاني من “نقاط ضعف” مستمرة في منطقة اليورو ومن تباطؤ في الاقتصاد الصيني غير المسبوق منذ 25 عاما.

واعتبر صندوق النقد الدولي في توقعاته الجديدة ان “هبوط اسعار النفط .. سيسرع النمو العالمي لكن هذا الدفع ستقابله بل ستتخطاه على الارجح عوامل سلبية ولا سيما ضعف الاستثمار”.
توقعات الصندوق، ترى بأن اجمالي الناتج الداخلي العالمي سيكون بالكاد افضل من العام 2014 ولن يزداد الا بنسبة 3,5% عام 2015 و3,7% عام 2016 في تخفيض بنسبة 0,3 نقطة عن توقعات تشرين الاول/اكتوبر من العام الماضي .
وان الدول المستوردة للخام ستستفيد بشكل كامل من الهبوط الشديد في اسعار النفط الذي خسر حوالى 55% منذ ايلول/سبتمبر الماضي ، غير ان ذلك لن يحجب “خلافات متزايدة” فيما بين تلك الدول .
اقتصاد الولايات المتحدة كان بمثابة النقطة المشرقة الوحيدة في تقرير الصندوق القاتم بشأن الاقتصادات الكبرى أذ تم رفع التوقعات بشأنه” هذه السنة (+3,6% بزيادة 0,5 في 2015 إرتفاعا من 3.1 بالمئة في توقعاته السابقة.
ويتابع الصندوق توقعه بأن منطقة اليورو لن يكون مستقبلها بهذا القدر من الازدهار ، واوضح ان اقتصادها المهدد بانهيارالاسعار و”الانكماش” لن يحقق نموا سوى بنسبة 1,2% (-0,2 نقطة) هذه العام ، في وقت ينتظر ان يعلن البنك المركزي الاوروبي هذا الاسبوع عن اجراءات جديدة لتحريك النشاط.
و يتوقع صندوق النقد مزيدا من الضعف في منطقة اليورو حيث كانت اسبانيا هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي رفع الصندوق توقعاته للنمو.
الصندوق النقد الدولي لفت الى ان “رد السياسة النقدية يبقى بطيئا اكثر مما ينبغي” في اوروبا، مبديا تشاؤمه حيال اليابان ولكن بدون الاشارة الى الصدمة التي اثارها البنك المركزي السويسري مؤخرا باعلانه وقف سياسة التدخل في سعر صرف الفرنك.
من جهة اخرى فان اقتصاد معظم الدول الناشئة والنامية لا يدعو الى التفاؤل وقد سجلت عملاتها “ضعفا” وتراجعت افاقها الاقتصادية منذ تشرين الاول/اكتوبر، بحسب صندوق النقد الدولي.
اما الصين ثاني اكبر اقتصاد في العالم فستسجل تباطؤا كبيرا هذه السنة مرده بشكل رئيسي الى “تباطؤ” الاستثمار بحسب صندوق النقد الدولي.
وتتوقع ارقام الصندوق ان يتراجع النمو الاقتصادي الصيني الى 6,8% هذه السنة وهو اضعف تقدم منذ 1990، قبل ان يتباطأ اكثر عام 2016 ليستقر عند مستوى 6,3%، محذرا من “الوطأة الشديدة” لهذا التباطؤ في المنطقة.
ويبدي صندوق النقد الدولي قدرا اكبر من التشاؤم حيال البرازيل التي اضعفتها ظاهرة هروب رؤس الاموال والتي لن تتفادى الانمكاش الا بفارق ضئيل هذه السنة (+0,3% لنسبة النمو، بتراجع 1,1 نقطة عن توقعات تشرين الاول/اكتوبر).
غير ان روسيا هي التي ستشهد اكبر قدر من التدهور الاقتصادي على وقع تراجع اسعار النفط والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها على خلفية الازمة الاوكرانية، وهو ما ادى الى تخفيض التوقعات للاقتصاد الروسي ب3,5 نقطة مع انكماش اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3% في 2015.
وتشير المؤسسة المالية الى ان المخاطر المرتبطة بالاوضاع الجيوسياسية ولا سيما في اوكرانيا تبقى “مرتفعة”.
وحذر صندوق النقد الدولي بان الدول الناشئة لم تخرج من النفق وقد تشهد “تقلبات” جديدة قد تزعزع اقتصاداتها ولا سيما اذا صحت توقعات الاسواق وقرر الاحتياطي الفدرالي الاميركي رفع نسب فائدته الرئيسية هذه السنة.
اما الدول المصدرة للنفط فهي تعاني اساسا من اضطرابات اقتصادية كبيرة ولو ان “الشكوك” لا تزال تخيم براي صندوق النقد الدولي حول امكانية بقاء اسعار النفط بمستويات متدنية.
وفي هذا السياق تم تخفيض توقعات النمو الاقتصادي في نيجيريا هذه السنة ب2,5 نقطة الى +4,8% مع انعكاس ذلك على مجمل منطقة افريقيا جنوب الصحراء التي خفضت التوقعات بشأنها ب 0,9 نقطة الى 4,9% ولا سيما على ضوء تراجع اسعار المواد الاولية الاخرى.
وخفض الصندوق ايضا توقعاته للاقتصادات الناشئة بشكل عام ومصدري النفط بشكل خاص ، بالاضافة الى روسيا ونيجيريا ، فقد ادرج التقرير المملكة العربية السعودية السعودية ضمن القائمة .
اوليفييه بلانشار رئيس قسم الاقتصاد في صندوق النقد الدوليو أوضح ان “الاقتصاد العالمي يواجه تيارات معاكسة قوية ومتشعبة”.
وتابع بلانشار انه “من جهة، تستفيد الاقتصادات الكبرى من تراجع اسعار النفط. ومن جهة اخرى، فان الافاق على المدى البعيد في العديد من مناطق العالم تؤثر سلبا على الطلب وتؤدي الى انحسار” النشاط.
مراقبون اكدوا بأن التقرير جاء متماشيا الي حد بعيد مع تعليقات أدلت بها كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الاسبوع الماضي والتي قالت فيها ان هبوط اسعار النفط والنمو القوي في الولايات المتحدة من غير المرجح ان يجعلا الصندوق اكثر تفاؤلا.
واضافت لاغارد ان منطقة اليورو واليابان قد تشهدان فترة طويلة من نمو ضعيف مع تضخم منخفض على نحو خطير.
واشارت لارجارد وتقرير الصندوق الى ان تدفقا للاموال العائدة الى الولايات المتحدة مع تشديد السياسة النقدية هناك قد يساهم في اضطرابات في الاسواق المالية في الاقتصادات الناشئة

ويبقى مستقبل الاقتصاد العالمي يشير الى تراجع النمو لاسباب كثيرة مثل، انهيار اسعار النفط وتراجع الاستثمار ، وخصوصا بعد الحديث بأن الافاق على المدى البعيد في العديد من مناطق العالم تؤثر سلبا على الطلب وتؤدي الى انحسار النشاط. وهو ما يجعل من مسألة تعافي الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة  وعلى المدى القريب وربما المتوسط هو ضرب من التكهنات التي لاتبنى على اساس اقتصادي متين .

عامر العمران