أسواق النفط تترقب اجتماع المنتجين

أسواق النفط تترقب اجتماع المنتجين

index

حافظت اسعار النفط على تقدمها هذا الاسبوع حيث وصل مزيج برنت بسعر 48.35 دولار للبرميل، لتسجل بذلك اعلى مستوى لها منذ خمسة اسابيع، وبطبيعة الحال كان هناك دور واضح للتصريحات من قبل منتجين رئيسيين حول امكانية اتخاذ قرار لاستقرار اسعار النفط في اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) وروسيا في الجزائر الشهر المقبل .

عمليا لا يعتبر هذا التقدم في الاسعار مؤشرا على بقاء ارتفاعها، بل قد نشهد تذبذب واضح خلال اليوم الواحد، وذلك على خلفية التصريحات التي تصدر عن المسؤولين في اوبك او الدول المنتجة وبطبيعة الحال المحللين في الاسواق الرئيسية.

الحديث الذي يشغل الاوساط حاليا هو ترتيبات سعودية-روسية لإعادة تعزيز السوق خلال اجتماع منتدى الطاقة في الجزائر في الفترة  بين 26 – 28 ايلول/ سبتمبر المقبل، وهو ماقد ينتج عنه تقارب في حال خلا من الشروط التي تنص على مشاركة جميع المنتجين في المنظمة، وهنا نقصد ايران .

مؤخرا صرح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح بان السعودية تعمل على إعادة التوازن بين العرض والطلب لدعم أسعار النفط، وأن إنتاج المملكة من الخام يشهد طلبًا مرتفعًا في معظم أنحاء العالم وذلك بسبب تراجع المعروض النفطي من خارج اوبك بالإضافة الى توقف الامدادات في ظل الطلب المتنامي.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر قوله إن السعودية قد يبلغ إنتاجها  في أغسطس/آب الجاري ليصل إلى نحو 10.9 ملايين برميل يوميا، بينما تنتج روسيا 10.85 ملايين برميل يوميا. وقد أنتجت السعودية النفط في يوليو/تموز بمعدل 10.67 ملايين برميل يوميا مسجلة أعلى مستوى في تاريخها.

 أما وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك ،فقد عبر أمله في أن يتمكن منتجو الخام من اتخاذ إجراء لتحقيق استقرار الأسعار، وصرح بأن بلاده “تجري مشاورات مع المملكة ومنتجين آخرين لتحقيق استقرار السوق”.

وبحسب بيان لوزارة الطاقة الروسية من المتوقع عقد اجتماع دوري بين روسيا وأوبك أو ما يطلق عليه «حوار الطاقة» في تشرين الأول (أكتوبر) بفيينا.

وعلى مايبدو فان المملكة تسعى جاهدة لإعادة التوازن الى السوق خلال الفترة المقبلة، الا ان بعض العراقيل تعترض هذه الجهود وبخاصة ان روسيا لم يعرف عنها التزامها على مر السنوات الماضية بأي اتفاق او تعاون، حيث يغلب عليها التقلب والتراجع عن المواقف، اضف الى ذلك الجانب الايراني كذلك الذي قد لا ترق له اي مبادرة تقودها السعودية كما فعلت في اتفاق الدوحة الذي فشل في تثبيت سقف الانتاج، مبررة ذلك باستعادة الحصة السوقية التي كانت قبل العقوبات الدولية، الا ان هذا المبرر لم يعد مستساغ فقد تجاوزت حصتها السوقية في الفترة الماضية.

وقد نقلت مصادر عن وزير النفط الإيراني بيغن زنغنه مخاطبا البرلمان الأسبوع الماضي إنه يريد زيادة إنتاج بلاده إلى 4.6 ملايين برميل يوميا خلال خمس سنوات وهو أعلى بكثير من 3.6 ملايين برميل يوميا حاليا ومن ما بين 3.8 ملايين وأربعة ملايين برميل يوميا قبل العقوبات.

اما الجانب الاخر من هذه المعادلة فهو هل مازال النفط الصخري يعيق مسار النفط التقليدي ؟ في الحقيقة قد يكون هذا التساؤل مطروحا في حال وصلت اسعار النفط العالمية الى المستوى  المجدي لعمليات استخراج النفط الصخري ،وفي ذات الصدد، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن النفط الصخري في الولايات المتحدة بحاجة لوصول سعر الخام لمستوى 60 دولارا للبرميل، من أجل تسجيل زيادة كبيرة في نشاط المنتجين. وقد اكد خبراء نفطيون إن الديون الكبيرة التي تحملها محافظ البنوك الأميركية تجعل من الصعب على شركات النفط الصخري الحصول على تمويل جديد، ما لم ترتفع الأسعار بمستويات مرتفعة فوق 60 دولاراً للبرميل.

يشار هنا الى ان تجميد سقف الإنتاج الهدف منه تقليل المعروض النفطي الذي يفوق حاجة السوق، وبطبيعة الحال افرز هذا المعروض تراجعا في الأسعار العالمية منذ صيف عام 2014 حتى وصلت الى ادنى مستوياتها في مطلع عام 2016.

ختاما لابد من الاقرار بأن اسواق النفط مازالت ترزح تحت وطأة حالة الضبابية وعدم اليقين، فالمنتجين اليوم منقسمين فيما بينهم، وبات العامل السياسي يلعب دور اساسي في اسواق النفط وتؤثر على الاسعار، كذلك لايمكن اغفال عوامل السوق القائمة على العرض والطلب، اضف الى ذلك النمو الاقتصادي الذي يشهد تباطؤا ملحوظا، لذلك قد يتطلب الامر تعاون جميع المنتجين لإعادة حالة التوازن المفقودة منذ حوالي العامين، والا فأسواق النفط امام تحديات كبيرة قد تثقل كاهل الدول الريعية التي باتت اليوم تأن تحت وطأة اسعار النفط الضعيفة، ولعل الافضل في هذه الحالة ان ننتظر ما ستتمخض عنه اجتماعات منتدى الطاقة في الجزائر وكذلك «حوار الطاقة» في تشرين الأول /أكتوبر المقبل بفيينا بين روسيا ومنظمة أوبك .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية