ما هي فرص نجاح تحالف «روسي تركي إيراني»… وهل على العرب الخوف من هذا التحول؟

ما هي فرص نجاح تحالف «روسي تركي إيراني»… وهل على العرب الخوف من هذا التحول؟

18qpt968

استبعد محللون سياسيون في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي» إمكانية حصول تحالف حقيقي بين تركيا وروسيا وإيران على الرغم من التقارب الأخير الحاصل بين البلدين، مؤكدين أن الخلافات بين هذه الدول أكبر من نقاط الاتفاق وبالتالي يمكن الحديث عن تعاون ثنائي أو ثلاثي في بعض الملفات في المنطقة وخاصة الملف السوري.
وتزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن تعاون أو «تحالف» بين تركيا وروسيا وإيران خلال المرحلة المقبلة، وذلك في ظل عودة العلاقات التركية الروسية التي توقفت إثر إسقاط تركيا المقاتلة الروسية على الحدود مع سوريا، واتفاق البلدين على تشكيل لجنة ثنائية لمتابعة الملف السوري، الذي تسعى أنقرة لتحقيق أي اختراق فيه للحد من آثاره السلبية عليها لا سيما في تصاعد الهجمات الإرهابية على أراضيها والتي حصدت، الخميس، 9 قتلى وقرابة 200 جريح في ثلاث تفجيرات هزت البلاد.

حراك دبلوماسي وزيارات مكوكية

وكالة فارس الإيرانية، قالت الأربعاء إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيقوم بزيارة إيران الأسبوع المقبل، وذلك بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى أنقرة، ودعوته عقب لقائه أردوغان إلى التعاون والتشاور بين إيران وروسيا وتركيا كقوى مؤثرة في المنطقة.
وبحسب الوكالة، فإن هذه الزيارة «ستصبح انطلاقا رسميا لعملية تشكيل تحالف إيراني ـ روسي ـ تركي بشأن سوريا»، موضحةً أن «زيارة أردوغان القادمة هذه لها أهمية بالغة، من حيث إقامة العلاقات بين طهران وأنقرة على مستوى جديد».
كما أعلن أندريه كارلوف، السفير الروسي في تركيا، عزم وزير خارجية بلاده سيرغي لافروف، إجراء «زيارة رسمية إلى تركيا»، متوقعا أن تكون الزيارة قبل نهاية العام الحالي، مشدداً على أن «العلاقات التركية الروسية دخلت مرحلة جديدة.. الموضوع الأكثر أهمية على أجندة لافروف هو الأزمة السورية وتداعياتها وانعكاساتها على المنطقة والعالم».
يأتي ذلك كله، عقب زيارة أردوغان إلى روسيا ولقاء بوتين لأول مرة منذ الأزمة بين البلدين، حيث اتفق الزعيمان على تشكيل آلية للتنسيق بين القوات المسلحة وجهازي المخابرات ووزارتي الخارجية في البلدين فيما يتعلق بالأزمة السورية لجهة الحل السياسي واستئناف مباحثات السلام وفتح الطريق للمساعدات الإنسانية والتنسيق في العمليات العسكرية ضد التنظيمات «الإرهابية» في سوريا.
وتزامنا مع ذلك أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو استعداد أنقرة لدراسة إمكانية شن عملية عسكرية مشتركة مع روسيا ضد تنظيم «الدولة»، وحديث وسائل إعلام روسية عن إمكانية فتح قاعدة إنجيرليك الجوية في تركيا أمام الطائرات الروسية.
ولأول مرة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن مقاتلات تابعة لها قصفت أهدافاً في مدن سورية، عقب إقلاعها من قاعدة همدان، الواقعة غربي العاصمة طهران.
والأربعاء نقلت وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، عن رئیس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، علاء الدین بروجردي، قوله إن «إقلاع المقاتلات الروسية من قاعدة (نوجه) الجویة (في همدان) يأتي بموجب قرار المجلس الأعلى للأمن القومي فی إطار التعاون الرباعي بین إیران وروسیا وسوریا والعراق».
عثمان: التعاون سيتركز في الملف السوري

الكاتب والمحلل السياسي محمود عثمان اعتبر أن المؤشرات المتزايدة على فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الأمريكية المقبلة وبالتالي عدم حدوث تغيير في السياسة الخارجية لواشنطن يدفع أنقرة إلى البحث عن بدائل، قائلاً: «بات من الواضح للعيان أن بوتن قد استلم زمام المبادرة، في منطقة الشرق الأوسط على الأقل، وبدأ يتحرك استراتيجيا لجهة كسب تركيا مع إيران، من أجل تشكيل حلف قادر على لعب دور محوري، إن كتب له النجاح لربما يتحول إلى حلف استراتيجي يضم عددا من الدول الإقليمية الرئيسية».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «في ظل افتقار الطرف الأمريكي لأية رؤية أو مشروع أو خطة لحل مشاكل المنطقة وعلى رأسها المعضلة السورية، تبدو حظوظ نجاح حلف يضم إلى جانب روسيا كل من تركيا وإيران عالية»، وتابع: «الرسائل السياسية الصادرة عن الاجتماعات الثنائية بين الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران، كانت واضحة تؤكد على وحدة التراب السوري، وهذه رسالة في غاية الأهمية بالنسبة للسوريين، الذين تساورهم شكوك من بعض التصريحات الأمريكية التي تتحدث عن حكم فدرالي أو كونفدرالي في سوريا».
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من وجود «خلافات جذرية بين الدول الثلاث حول مصير بشار الأسد وتركيبة الحكم القادم في سورية، لكن مقابل ذلك هناك نية واضحة على البناء على ما هو متفق عليه حالياً، ثم حلحلة النقاط الإشكالية فيما بعد»، مضيفاً: «الحراك الساخن في المنطقة، وإفرازات المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، وعقم السياسة الأمريكية عن إنتاج وإبداع حلول لمشاكل المنطقة قد تدفع دولها إلى تكتلات وأحلاف ربما تشكل نواة لتحرك استراتيجي قد لا تروق للأمريكان نتائجه»، مستدركاً: «مقابل ذلك علينا ألا ننسى انتماء تركيا للمعسكر الغربي، ودخول إيران للمعسكر نفسه بعد توقيعها على اتفاقية ملفها النووي، الأمر الذي يشكل عائقا حقيقيا أمام تطور التعاون بين البلدان الثلاثة ليصبح حلفا استراتيجيا».

باكير: تعاون وليس «تحالف»

وعبر علي باكير المحلل السياسي المختص بالشأن التركي عن اعتقاده بصعوبة حصول «حلف» بين هذه الدول، قائلاً: «لا أعتقد أن هناك تحالفا أو أنه سيكون هناك تحالف بين هذا المثلث في أي وقت من الأوقات، الكلام عن هذا الأمر مجرد دعاية سياسية هدفها الإضرار بعلاقات تركيا مع بعض الدول الإقليمية على وجه التحديد وتعميق الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي وتركيا وأمريكا».
وأضاف باكير في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: «ما يمكن الحديث عنه هو تعاون مشترك لكن في ملفات ذات طابع ثنائي أما الملفات ذات الطابع الإقليمي أو الملفات ذات الاهتمام الثلاثي فهذه ملفات شائكة ولا يزال التناقض فيها بين تركيا وبين كل من روسيا وإيران قائما ومن غير المتوقع زواله قريبا»، وتابع: «هناك مجال للتعاون في ملفات محددة كمحاربة الإرهاب لكن حتى في هذا الملف فإن تعريف تركيا للإرهاب يختلف عن تعريف إيران وروسيا ما يجعل الاعتماد على هذا الملف لتحقيق تقدم في ملفات أخرى أمرا صعبا».
وعن مدى تأثير تحالف محتمل من هذا القبيل على العرب، لفت إلى أنه «لا أعتقد أصلا أن هناك إمكانية لوجود تحالف فيما يتعلق بملفات المنطقة وعليه ليس هناك أي داعي للخوف أو القلق»، مضيفاً: «فيما يتعلق بملفات التعاون ذات الطابع الثنائي فلا شك أنها مفيدة خاصة من الناحية الاقتصادية للجانب التركي كما أنها تقوي موقفها مع أمريكا ومع أوروبا أو هكذا يعتقد بعض المسؤولين الأتراك، ومن هذا المنظور ليس هناك من داعي لأي تخوف أو توجس بل هناك مصلحة في أن تكون تركيا قوية طالما أن مواقفها المبدئية من القضايا الإشكالية لا الحساسة لا يزال كما هو، وهذا أمر مفيد للدول العربية».

غول: تركيا لن تتخلى عن الناتو

في السياق ذاته، الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول استبعد بشكل كبير إمكانية حصول أي تحالف حقيقي بين تركيا وروسيا، معتبراً أن تركيا تبقى على الدوام من الدول الهامة والفاعلة في حلف شمالي الأطلسي «الناتو»، مشدداً على أن أنقرة لا تفكير أبداً بالخروج من الحلف.
وقال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «لا بد أن لدى الأتراك الخبرة الكاملة والمعرفة التامة بأنه لا يمكن الوثوق بالسياسة الروسية ولا بالاتفاقيات العسكرية مع روسيا.. قيادة حلف الناتو أكثر قدرة على التفاهم مع قيادات الجيوش المتحالفة معها، بما فيها الجيش التركي، وهذا يعني أن الأتراك لن يتخلوا عن الناتو لصالح حلف ضعيف مثل التحالف مع الجيش الروسي».
ولفت غول إلى أن «استعمال الأراضي السورية أو الإيرانية في عمليات عسكرية روسية قبل الإعلان عنها إعلاميا أو من خلال اتفاقيات سياسية بين البلدين هو دليل على ضعف المواقف الروسية في إجراء تحالفات إستراتيجية عسكرية مع هذه الدول، بل عجزت روسيا في قيادة تحالف عسكري تشارك فيه القوات العسكرية العراقية، لأن أمريكا رفضت ذلك». وشدد على أنه «بالنظر إلى القدرات العسكرية والتفاوت في التقدم التكنولوجي العسكري بين روسيا وأمريكا، فإن تركيا لا يمكن أن تفاضل الأسلحة الروسية على الأسلحة الأمريكية المتقدمة»، مستدركاً: «لكن توسيع التعاون بين تركيا وروسيا ليس بالضرورة أن يؤثر على التحالف العسكري مع الغرب الآن أو في المستقبل».
وأكد غول على أن «محور التفاهم التركي الإيراني الروسي هو منع تقسيم سوريا، لأن تقسيم سوريا يعني استمرار الحروب فيها إلى عقود قادمة أولاً، ويعني أيضا حصول أمريكا على قواعد عسكرية في شمال سوريا في الأراضي التي تخطط أمريكا لجعلها كيانا كرديا ثانيا، وهذا أمر تعارضه تركيا وروسيا».

إسماعيل جمال

صحيفة القدس العربي