استخدام المقاتلات الروسية لقاعدة “نوجة” الإيرانية.. هل يشكل تهديدا على دول الخليج؟

استخدام المقاتلات الروسية لقاعدة “نوجة” الإيرانية.. هل يشكل تهديدا على دول الخليج؟

x5c7dff4aac508665717ba812fc4d58af_XL.jpg.pagespeed.ic.j2ds4A0bgz

أثار استخدام المقاتلات الروسية قاعدة “نوجة” -أو “نوزة”-، العسكرية الإيرانية، في عملياتها العسكرية لدعم نظام بشار الأسد، وقصف مواقع المعارضة السورية المسلحة، جدل شديد سواء في داخل إيران أو خارجها، وتساؤلات عن حلف “روسي – إيراني”، وتأثيره على أمن دول الخليج، وخصوصًا السعودية، التي تأزمت علاقاتها مع طهران؛ إثر اقتحام متظاهرين إيرانيين السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وما تبع ذلك من قطع المملكة العلاقات السياسية والاقتصادية مع إيران، والحرب التي يخوضها التحالف العربي في اليمن، ضد الحوثيين المدعومين من طهران؟

في الداخل الإيراني، جدال واسع حول استخدام المقاتلات الروسية لقاعدة “نوجة”، وتحذيرات من خطورة ذلك على أمن البلاد، والخوف من تسريب الروس معلومات مهمة للولايات المتحدة، وقال النائب “حشمة الله فلاحت بيشة”، عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن “إقامة قواعد عسكرية أجنبية داخل البلاد، مخالف للدستور حتى ولو كان لأغراض سلمية”، وأضاف “فلاحت” قائلاً إن “السياسة الخارجية الروسية متقلبة”، مضيفًا: “كيف يمكن لإيران فتح أجوائها أمام روسيا، كيف لنا أن نتأكد من أنها لن تقدم معلوماتنا العسكرية، وصورًا من قاعدة همدان إلى واشنطن، في حال أي اتفاق مستقبلي معها على جزيرة القرم، على سبيل المثال”، وأضاف النائب الإيراني، أن عددًا من نواب البرلمان، يكتبون عريضة، للموافقة على عقد اجتماع مغلق للبرلمان لمناقشة هذا الأمر.

وأثار عدد من النواب مخالفة السماح للمقاتلات الروسية باستخدام قاعدة عسكرية للدستور الإيراني، فيما أثيرت معلومات حول نصب منظومات إس 400 روسية في قاعدة همدان الجوية، وتموضع قوات روسية في الأراضي الإيرانية.

قاعدة همدان الجوية، وتعنى بالفارسية”پایگاه هوایی شهید نوژه”، قاعدة عسكرية جوية، تقع على بُعد 47 كلم شمالي مدينة همدان في محافظة همدان، وتم تغيير اسمها إلى قاعدة الشهيد نوجة الجوية تكريمًا للطيار الإيراني “مٌحمد نوجة”، وهو أول طيار يُقتل بعد الثورة الإسلامية الإيرانية، أثناء تصديه للمسلحين الأكراد في محافظة كرمنشاه عام 1979، ولعبت القاعدة دورًا رئيسيًا خلال الحرب العراقية الإيرانية بسبب موقعها قرب الحدود العراقية، حيث انطلقت منها عدة غارات في العمق العراقي أشهرها الغارة على قاعدة الوليد الجوية، وحاليًا تأوي القاعدة أسرابًا من طائرات “إف-4 و ميج-29″، وابتداءًا من 15 آب/أغسطس 2016 بدأت القوات الجوية الروسية، باستخدام قاعدة همدان، لقصف مواقع المعارضة السورية بسبب عدم ملائمة المطارات السورية للاستخدام من قبل القاتلات الاستراتيجية الروسية.

وزير الدفاع الإيراني، العميد حسين دهقان، قال إن استقبال الطائرات الروسية في قاعدة “نوجة” العسكرية بمدينة همدان، جاء بموجب طلب رسمي من الحكومة السورية، مضيفًا أن علاقات طهران مع موسكو، استراتيجية وتتم بالتنسيق وبشكل كامل في محاربة الإرهاب، وأضاف “دهقان”، أن التعاون العسكري بين روسيا وإيران، لا ينتهك القرارات الدولية، وأنه يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية وبطلب منها، وقال: “في حال استدعت الظروف، للتعاون بين إيران وروسيا في قاعدة غير همدان، فستدرس طهران ذلك”.

رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي، علاء الدين بروجردي، أعلن أن القاذفات الروسية تتزود بالوقود في قاعدة “نوجة” بهمدان، وفقًا لقرار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وطبقًا لوكالة “تسنيم” الدولية للأنباء أن “بروجردي”، أشار إلى التعاون العسكري الإيراني الروسي واستخدام الروس لقاعدة نوجه الجوية في همدان، قائلاً: “ما يحصل في قاعدة نوجة بهمدان هو تحليق الطائرات الروسية، وفقًا لقرار المجلس الأعلى للأمن القومي، وضمن إطار التعاون الرباعي بيت إيران، روسيا، سوريا والعراق”.

“بروجردي”، أكد أن “هذا التعاون يأتي من أجل تعزيز جهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب على الإرهاب”، منوهًا إلى أن: هذا التعاون يتم بناء على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي ولا يخالف الدستور، حيث أن قاعدة همدان الجوية لم تصبح قاعدة روسية ولم تتموضع فيها طائرات مقاتلة، وأضاف: “إن كل ما يحصل هو منح الإذن للطائرات الروسية للتزود بالوقود خلال تحليقها، ضمن إطار التعاون الثنائي والرباعي، وإن التعاون في هذا الإطار منطقي جدًا”.

رئيس مجلس الشورى الإسلامي، “علي لاريجاني”، قال إن بلاده لم تمنح روسيا أو أي دولة أخرى، قاعدة عسكرية، معتبرًا تعاون طهران مع موسكو كحليف في قضايا المنطقة، لا يعني منحها قاعدة عسكرية، وفي تصريح أدلى به لاريجاني خلال اجتماع مجلس الشورى، للرد على التساؤلات المطروحة حول استخدام روسيا لقاعدة نوجة، قال لاريجاني، إن “تعاوننا مع روسيا كحليف في قضايا المنطقة، مثل سوريا، لا يعني أننا منحنا روسيا قاعدة من الناحية العسكرية، وإذا طرح أحد الموضوع بهذه الصورة فهو كلام مرفوض”.

المتحدث باسم عمليات التحالف الدولي كريستوفر هارفر، قال إن الطلعات الجوية الروسية من القاعدة الجوية الإيرانية لم تؤثر على عمليات التحالف ضد تنظيم “داعش”، مشيرًا إلى أن الجانبين يعملان ضمن إطار اتفاقيات سلامة الطيران، وصرح كريستوفر: “قامت روسيا بإبلاغ التحالف وفقًا لاتفاق سلامة الطيران، ولم تؤثر الطلعات على تصرفات التحالف”، وأعرب عن أمله بأن تتقيد روسيا بالاتفاق المشترك لسلامة الطيران، ومن المتوقع أن تعمل روسيا على إبلاغ الولايات المتحدة بالطلعات في المناطق، التي تجري فيها عمليات التحالف، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق أن القاذفات الروسية وجهت ضربات إلى مواقع “داعش” في سوريا، بعد إقلاعها من قاعدة “نوجة” الجوية في همدان غرب إيران.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر، قال إن وزير الخارجية جون كيري أعرب خلال محادثته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن قلق بلاده إزاء استخدام القاعدة العسكرية الإيرانية من قبل روسيا، وقال “تونر”: “على حد علمي، لقد تم التطرق في الحديث لهذه المسألة وأعرب وزير الخارجية عن مخاوف الولايات المتحدة”، فيما أشارت الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تدرس مسألة ما إذا كان استخدام روسيا للقاعدة الإيرانية انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا بعد إلى اتفاق للتعاون في مجال العمليات العسكرية في سوريا.

عبداللطيف التركي – التقرير