قلق متزايد في العراق يرافق اقتراب معركة الموصل الفاصلة

قلق متزايد في العراق يرافق اقتراب معركة الموصل الفاصلة

_88276_33

قطعت القوات العراقية خطوة جديدة باتجاه إطلاق معركة مدينة الموصل التي تعتبر الأهم في مسار الحرب على تنظيم داعش في العراق، وذلك باقتحامها الثلاثاء مركز ناحية القيارة التي لا تبعد عن الموصل سوى بستين كيلومترا. ويترافق اقتراب المعركة المرتقبة مع موجة من القلق والمخاوف ذات طبيعة أمنية وسياسية وإنسانية.

ويخشى عراقيون من أن لا تمثّل معركة الموصل نهاية تنظيم داعش في بلادهم، وأن تكون مجرّد بداية جديدة له بتحوّله من قوّة كبيرة مسيطرة على الأرض إلى عصابات منتشرة في مختلف أرجاء العراق تمارس القتل والتفجير والاغتيال، مستغلّة خبرة مقاتلي التنظيم الكبيرة في مجال حرب العصابات.

وسياسيا لا تزال المعركة رغم اقتراب موعدها مدار صراع حادّ بين الفرقاء العراقيين بشأن الأحقية بخوضها والمشاركة فيها من منطلق أنّها ستكون حاسمة في رسم ملامح خارطة السيطرة الميدانية على أجزاء من البلد.

واحتدّ السجال خلال الأيام الأخيرة بين الحكومة المركزية العراقية وبين أبرز قادة إقليم كردستان العراق، الذين استبقوا “المعركة الأمّ” وزجّوا بقوات من البيشمركة -جيش الإقليم- في معارك فرعية انتزعوا بها العديد من القرى والبلدات من يد تنظيم داعش في مناطق تعتبرها بغداد خارج دائرة الأراضي التابعة للإقليم.

ورفضت أربيل دعوات حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لسحب قواتها من المناطق التي دخلتها ووقف تقدّمها نحو مناطق أخرى.

وفُهمت الخطوات الكردية باعتبارها محاولة لاستغلال معركة الموصل لفرض السيطرة على مناطق متنازع عليها تطبيقا لمقولة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني “إن حدود الإقليم ترسم الآن بالدم”.

صراع على المشاركة في المعركة لدورها في رسم ملامح خارطة السيطرة الميدانية على أجزاء من العراق مستقبلا

وعلى هذه الخلفية يمكن أن تكون معركة الموصل مقدّمة لصدام قادم بين أربيل وبغداد.

وتدور على هامش الاستعداد لمعركة الموصل “معركة” أخرى ذات طبيعة سياسية متداخلة مع الاعتبارات الطائفية تتعلّق بمشاركة الميليشيات الشيعية المشكّلة للحشد الشعبي في المعركة المنتظرة.

وفيما يرى كبار قادة الأحزاب والميليشيات الشيعية أن دور الحشد في استعادة الموصل مسألة محسومة وغير قابلة للنقاش، يرفض زعماء تيارات سياسية -سنية بالأساس- وكذلك نواب ومسؤولون محليون بمحافظة نينوى، قطعيا دخول الميليشيات أرض المحافظة، مخافة تكرار الأعمال الانتقامية التي سبق أن مارستها تلك الميليشيات ضدّ أهالي مناطق سنية أخرى، معتبرين أن الحشد سيكون عبئا على معركة الموصل حيث سيوجّهها وجهة طائفية تخدم تنظيم داعش بحدّ ذاته.

كما تثير معركة مدينة الموصل مخاوف ذات طبيعة إنسانية، إذ حذّرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء، من أنّ مئات الآلاف من العراقيين في المدينة وحولها قد يجبرون على النزوح عنها فرارا من الحرب.

وقال أدريان إدواردز، المتحدث باسم المفوضية في إفادة للصحافيين، “في الموصل نعتقد أن وضع النازحين قد يزداد سوءا بدرجة كبيرة”، موضّحا أن المفوضية تحتاج للمزيد من الأراضي لإقامة المخيمات.

وتابع “الأثر الإنساني للهجوم العسكري على الموصل من المتوقع أن يكون هائلا وربما يتأثر نحو 1.2 مليون شخص بالهجوم”.

واقتحمت القوات العراقية، الثلاثاء، مدينة القيارة الواقعة على مسافة 60 كلم جنوب الموصل أكبر معقل بقي لتنظيم داعش بالعراق.

وقال العميد يحيي رسول، المتحدث الرسمي باسم العمليات المشتركة التابعة لوزارة الدفاع العراقية، إن “القوات العراقية باشرت باقتحام ناحية القيارة من عدة محاور وسط اشتباكات عنيفة مع تنظيم داعش للتضييق عليه”.

وأضاف رسول في تصريح لوكالة الأناضول أن “جهاز مكافحة الإرهاب والجيش العراقي يتقدمان بشكل جيد وبإسناد طائرات التحالف وطيران الجيش العراقي للقطعات البرية خلال عملية الاقتحام”.

ومن جهته، قال المقدم فارس عزيز، أحد ضباط الفرقة الخامسة عشرة في الجيش والمشاركة في العملية العسكرية الجارية بالقيارة، إن القوات دخلت حي الشهداء واقتربت من مبنى قائممقام الناحية، ومديرية الشرطة، وسط حرب شوارع ضارية مع عناصر تنظيم داعش.

وتُعد القيارة وهي أكبر ناحية في محافظة نينوى، منطقة استراتيجية لما لها من أهمية من الناحية التكتيكية والدعم اللوجستي في المعركة العسكرية المرتقبة لاستعادة الموصل، فضلا عن أنها تضم مصفى للنفط كان ينتج 16 ألف برميل من المشتقات النفطية يوميا، كما تضم حقلا كبيرا للنفط وعددا من الآبار.

وينتظر أن يقاتل تنظيم داعش بشكل انتحاري دفاعا على آخر مواقعه في العراق. وأحبطت القوات العراقية، الثلاثاء، هجوما للتنظيم بخمس سيارات مفخخة حاولت عرقلة اقتحام ناحية القيارة.

ونُقل عن الرائد حسن حامد، الضابط في قيادة عمليات نينوى، قوله إن القوات العراقية وطائرات التحالف الدولي فجرت 5 مركبات مفخخة يقودها انتحاريون.

وأضاف حامد أن “الهجمات الانتحارية تهدف إلى عرقلة تقدم قوات الجيش العراقي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب الذي اقتحم الناحية من عدة محاور”.

وتابع “قيادة عمليات نينوى طالبت أهالي القيارة بالبقاء في منازلهم، والابتعاد عن مواقع تنظيم داعش خشية تعرضهم لخطر الحرب”.