رغم اقتراب تل أبيب من “الانهيار”.. الولايات المتحدة تواصل مساعدتها لإسرائيل

رغم اقتراب تل أبيب من “الانهيار”.. الولايات المتحدة تواصل مساعدتها لإسرائيل

xIsrael-drone-afp.jpg.pagespeed.ic.2fxEm0sNYF

يرى البعض أن إسرائيل بلد خاص جدا، وتاريخها لا مثيل له، وربما السبب في ذلك هو الحرب الأهلية، والتي هي على قدم وساق، والتي لا يمكن تمييزها للعين التي تفتقر للخبرة في بلد مستقرة.

وبعد الفحص الدقيق، تعتبر إسرائيل بالفعل برميل بارود في عملية الانهيار المجتمعي والسياسي الأكثر أهمية في تاريخها، في حين أن الانهيار التام ليس أمرًا حتميًا، فلا تزال الولايات المتحدة تعمل على مناصرة استمرار إسرائيل في القيادة التي شارفت على الانهيار.

وكان أحد جوانب هذه الحرب الأهلية هي الكومة المنتخبة بقيادة بنيامين نتنياهو وحفنة من السياسيين الأكثر تطرفًا وهم أنفسهم مستوطنين غير شرعيين.

ويتحالف مع الحكومة لفيف من المستوطنين في الضفة الغربية، حيث تجاوز دورهم الاعتراف على نطاق واسع بأنهم العائق الأكبر أمام عملية السلام، وأصبحوا كثافة انتخابية من الصعب أن يحسب لها حساب، والداعمون لهذا المعسكر في إسرائيل هم الحزب المخلص، والذي يسمى في أي بلد آخر وبشكل صريح بالعنصريين، ويمكن أن يتواجد البعض منهم في مباريات كرة القدم الإٍسرائيلية وهو يهتفون “الموت للعرب”، والقليل منهم جعل هذا الهتاف حقيقة واقعة.

وعلى الجانب الآخر، يوجد لأي شخص آخر، من غير القادرين على رؤية أنفسهم على الجانب السياسي نفسه، وفي هذا المعسكر هناك العديد من الإسرائيليين اليهود الذين صوتوا لنتنياهو، وبعضهم قام بذلك أكثر من مرة، وشاهدوا مرشحهم وهو ينقل إسرائيل الوضع أكثر عزلة من أي وقت مضى، وهؤلاء الإسرائيليون لا يشعرون بأي أمان اليوم أكثر مما كانوا يشعروا به في بداية تولي نتنياهو المنصب.

ويضاف إلى هذه المجموعة الطبقة الثانية والثالثة والرابعة من المواطنين اليهود الإسرائيليين، الذين صوتوا بشكل تقليدي لليكود ضد مصلحتهم، وهم يشكلون الجزء الأكبر من الطبقة الفقيرة في إسرائيل، ويشار إليهم أحيانًا بيهود مزراحي واليهود الأثيوبيين وما شبه ذلك.

وهناك كتلة مكونة من 20% من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وتضم هذه الدائرة الفلسطينية ثالث أكبر كتلة انتخابية في الكنيست، ولكن لا يتعامل معهم أي حزب يهودي آخر، وبهذا تكون تلك هي الحالة المتطرفة من العنصرية المتأصلة في النظام السياسي الإسرائيلي.

ويتحارب هذان الطرفان بضراوة على رقاب بعضهم البعض للاحتجاج على طبيعة المجتمع الإسرائيلي، وشرعت الحكومة في مسار مأسوي من أجل استكمال العملية التي بدأت في عام 1948 عندما تأسست إسرائيل، لتقوم بتطهير فلسطين عرقيًا من سكانها المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، والمعسكر الآخر رغم أنه مجزأ، لكنه يدرك أن الفلسطينيين لن يختفوا في الهواء، كما تسعى الحكومة لأنهاء الاحتلال العسكري، والذي يبلغ عمره ما يقرب من 50 عامًا حتى يمكن لإسرائيل الدخول مجددًا للمجتمع الدولي مع بعض الإحساس بالحياة الطبيعية.

وهناك مطالبات بتصديق التصريحات، التي لا نهاية لها من قبل كبار المسؤولين في إسرائيل والمقاطع البراقة المتداولة بوسائل الإعلام، والتي تظهر أن إسرائيل هي “الضوء المسلط على الأمة”، وأنها تقدم للعالم التكنولوجيا الفائقة، والزراعة الحديثة.

وتفتخر إسرائيل بأنها أمة الشركات الناشئة، وإنتل وميكروسوفت وإتش بي، وهذا على سبيل الذكر لا الحصر لعدد قليل من الشركات متعددة الجنسيات، والتي تحتل كل المتاجر في البلاد، وما لم يصرح به هذا المزاح المبالغ فيه، وأدوات التسويق اللامعة هو أن إسرائيل وصلت لمرحلة أنها في حالة حرب مع نفسها.

ووصل هذا التفاوت الاجتماعي في إسرائيل إلى أبعاد أسطورية، وكما ورد في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في العام 2015، أنه اعتبارًا من 2013 “ظلت إسرائيل في أدنى ترتيب لمنظمة التعاون والتنمية لاتخاذها تدابير من عدم المساواة والفقر”.

ويضاف إلى هذه الطبقية الحادة، الطريقة التي يتم العامل بها مع الفلسطينيين الأصليين، والذين يشكلون خمس سكان إسرائيل، وانقسم الإسرائيليون اليهود لدرجة أن كثيرًا ما تحدث مشادات مادية عبر حواجز السباق في شوارع تل أبيب، وبالإضافة إلى ذلك، أدى استيراد العمالة الأجنبية، لتحل محل القوة العاملة الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى تمزيق إسرائيل إلى طبقات هشة بالفعل.

وبدأت أمة الشركات الناشئة، لأن إسرائيل مكتسبة عن طريق استخدام القوة العسكرية الغاشمة، والأرض والمياه، وهما مكونان رئيسيان لإقامة دولة في منطقة الشرق الأوسط، وتزدهر إسرائيل لأن الولايات المتحدة اختارت تخفيف ذلك العبء المالي بالكامل عنها كدولة بمنحها أكثر من 120 مليار دور منذ تأسيسها، وعلاوة على ذلك، بدأ كل هذا الطنين نتيجة للبحث والتطوير والإنفاق من قبل الجيش، والتي من دونه لن يكون هناك حديث عن أي قطاع ناشئ، وهذا الدعم الخارجي للميزانية يحرر الأموال الإسرائيلية للقيام بأعمال تجارية أخرى.

ويتفاوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاليًا مع الرئيس أوباما، للحصول على حزمة من المساعدات العسكرية لمدة 10 سنوات تصل قيمتها إلى 40 مليار دولار، وهذه الحزمة الجديدة من المساعدات تأتي في أعقاب حزمة مساعدات إدارة الرئيس جورج دبليو بوش السخية، والتي امتدت لـ10 سنوات وقيمتها 30 مليار دولار.

وتاريخيًا، خُصص الجزء الأكبر من هذه الأموال لإسرائيل لشراء أسلحة الولايات المتحدة، ولكن الحزمة الحالية، في إطار المفاوضات، تسمح لإسرائيل بأن تنفق الأموال داخل إسرائيل، وهذه الأموال هي رشاوى إسرائيلية، ومع تلك الأموال الموجودة تحت تصرفها، فليس من المستغرب أن تستطيع إسرائيل تقديم الحوافز الضريبية للشركات متعددة الجنسيات لمدة 10 و20 عامًا.

وفي العام 2014 فقط، ذكر أن “إنتل” عملاق الشرائح الأمريكية، ستستثمر 6 مليارات دولار لترقية المصنع الرئيسي لها، والذي سيكون أكبر استثمار منفرد من قبل شركة أجنبية في إسرائيل، وستقوم الشركة بالحصول على منحة من 300 مليون دولار على مدار 5 سنوات، وستقوم بدفع ضريبة على الشركات بمعدل 5% فقط لمدة 10 سنوات، ويقول البعض أنه “بهذا النوع من التأمين المالي، يمكنهم بناء سطح لمنزلهم  كشركة ناشئة”.

يشار إلى أن جزءًا من تلك الأعمال الاخرى التي تمولها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، هو السماح لإسرائيل بمواصلة قمعها عن طريق الاحتلال العسكري لـ4.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتقوم وزارة الخارجية الأمريكية بتسجيل تقاريرها السنوية حول ممارسات حقوق الإنسان، عام بعد عام وكيفية خرق إسرائيل لتلك الحقوق.

وقامت الحقوقية الأمريكية، أليس ليند بمساعدة زوجها النائب ستوغتن ليند، بتوثيق انتهاكات لحقوق الإنسان في كتيب للمجموعة الإسرائيلية الفلسطينية للمؤرخين ضد الحرب، ومع ذلك لا تزال سياسة الولايات المتحدة تتجاهل هذه التقارير، وتستغل إسرائيل كل الطرق المؤدية إلى الضفة، حيث إنها مستمرة في البناء بشكل غير قانوني للمستوطنات اليهودية فقط في الأراضي المحتلة، وتقوم بجذب الشركات متعددة الجنسيات للقدوم إلى إسرائيل للقيام بأعمال تجارية.

ويرى البعض أن هذا استخدام غير حكيم لأموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة من قبل أوباما، وإذا كان لسبب سياسي غير عادي، فيجب أن يتم الموافقة عليه، ثم التأكد من أن الحكومة الأصولية اليمينية الإسرائيلية الحالية تتخذ الخطوة اللازمة للاعتراف بدولة فلسطين، ناهيك عن إنهاء احتلالهم.

وفي الواقع، العالم ينتظر قيام الولايات المتحدة بنفس الاعتراف، والأفضل من ذلك، أن تأخذ بيد إسرائيل وتتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، وتمرر القرار المعلق بترقية وضع فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة كاملة العضوية، وفي وقت لاحق، يمكن لكلا البلدين، إسرائيل والولايات المتحدة، أن يقررا متى سيقومون بتوسيع نطاق الاعتراف بشكل مباشر.

إنه لأمر محزن أن تستخدم أموال دافعي الضرائب بهذا الشكل، لكن إذا كانت هذه الكيفية التي تعمل بها الولايات المتحدة، فدعوها تعمل من أجل السلام، وليس لمواصلة تأجيج الحرب الأهلية الإسرائيلية، والتي ستمتد في نهاية المطاف إلى اشتباك مسلح آخر مع الفلسطينيين في ظل الاحتلال، وسيدفع الجميع في نهاية المطاف ثمن تقاعس الولايات المتحدة.

ميدل إيست آي – التقرير