مترجم: كيف أفسد التواجد الروسي في إيران العلاقات بين البلدين؟

مترجم: كيف أفسد التواجد الروسي في إيران العلاقات بين البلدين؟

488542979

في مقال لموقع «World Politics Review»، تناولت الكاتبة فريدا غيتيس، الكاتبة في الشؤون الدولية لدى صحيفة «ميامي هارولد»، العلاقات الإيرانية الروسية، والتي شهدت تطورًا مؤخرًا عندما سمحت إيران للمقاتلات الروسية باستخدام قاعدة جوية داخل إيران لشن عملياتها في سوريا. وأشار المقال إلى المصالح المشتركة بين البلدين والتي تعزز العلاقة بينهما سياسيًا واقتصاديًا، ملقيًا الضوء في الوقت ذاته على الخلافات بين البلدين، والتي قد تقف عقبة أمام مثل هذه العلاقة.

انتهاك للدستور الإيراني

بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الروسية عن بدء شن غارات جديدة على سوريا تنطلق من قاعدة داخل إيران خلال الأسبوع الماضي، ظهرت الكثير من ردود الأفعال الغاضبة في كل من الولايات المتحدة وقطاع كبير داخل إيران.

لم يكن مسئولو الولايات المتحدة مستعدين لتلك الأنباء التي أثارت استياءهم بشدة نتيجة قرار طهران وموسكو بتصعيد عملياتهم العسكرية في سوريا، إلا أن الولايات المتحدة لم تكن وحدها في هذا الأمر، إذ غضب الكثير من أعضاء البرلمان الإيراني لدى علمهم بأن آلة الحرب الروسية قد وضعت بعض معداتها على الأراضي الإيرانية.

تقول الكاتبة إن ذلك الفصل الجديد في علاقة الصداقة الجديدة بين الجمهورية الإسلامية والكرملين لم يستمر أكثر من أسبوع واحد ليصل إلى نهاية حرجة، وهذه المرة على يد أعضاء البرلمان الإيراني الذين تمكنوا من وضع حد لتلك الصفقة الشائنة – من وجهة نظرهم – بين موسكو وطهران.

بحسب المقال، اشتكى أعضاء البرلمان من وجود مقاتلات توبوليف وسوخوي الروسية في قاعدة همدان الجوية نظرًا لكون ذلك يمثل انتهاكًا للدستور الإيراني. العميد حسين دهقان، وزير الدفاع الإيراني، رفض في البداية ما طرحه البرلمان، إلا أن الانتقادات انتشرت بسرعة بالغة.

وبحلول صباح الاثنين الماضي، وتحديدًا بعد ستة أيام من إعلان روسيا عن التعاون الجديد، صرح بهرام قاسمي -المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية – أن الأمر قد انتهى في الوقت الحالي، وأنه ربما يُعاد النظر فيه في المستقبل.

بعد ذلك، ومع ظهور علامات تشير إلى أن وزارة الدفاع الإيرانية ربما تحاول مواصلة العمليات مع روسيا بشكل سري، أكد البرلمان تصميمه على إبقاء الروس خارج البلاد. واختفت الآمال باستمرار العلاقات بين البلدين بشكل سلس يهدد الغرب، بالتحديد مع تصريح وزير الدفاع الإيراني في لقاء تليفزيوني بأن الروس لا يعتمد عليهم، وأنهم يتصرفون بشكل متغطرس، ويحرصون على استعراض قوتهم للعالم. وفي الوقت الذي كان من المفترض أن تحافظ روسيا على هدوئها في ذلك الموقف، لم تتمكن موسكو من أن تقف صامتة.

بحسب المقال، فقد أظهر ذلك الأسبوع المليء بالأحداث على صعيد العلاقات الروسية الإيرانية مدى تعقيد وهشاشة العلاقة بين البلدين، وصعوبة تحقيق الأهداف المشتركة والمنشودة من تلك العلاقة على البلدين. وعلى الرغم من أن موسكو وطهران تشتركان في الكثير من الأهداف الإستراتيجية، إلا أن لديهما القدر ذاته من الاختلافات، ومن بينها التباين الحاد في الأيديولوجيات التي تنبثق منها تلك الأهداف، وهو ما يصعب تجاوزه.

وتشير الكاتبة إلى أن تحرك الطائرات الروسية من القواعد الإيرانية سريعًا ما أثار المشاعر المعادية للاستعمار وللوجود الأجنبي داخل إيران. وعلى الرغم من الاحتقار الذي تضمره إيران للولايات المتحدة، لا يعني ذلك أن لديها مشاعر دافئة تجاه روسيا، كما أن الثورة الإيرانية عام 1979 والتي أسست النظام القائم حاليًا كان من أسباب قيامها الرغبة في التحرر من تدخل القوى العالمية.

وإذا كانت مكائد واشنطن قد أغضبت الإيرانيين من قبل، فأفعال موسكو السيئة كانت ذات أثر أكبر، ومن بينها ما عُرِف بـ«اللعبة الكبرى» في القرن التاسع عشر، إذ تنافست الإمبراطورية البريطانية ونظيرتها الروسية للسيطرة على وسط آسيا، ويضاف إلى ذلك الغزو الروسي لإيران خلال الحرب العالمية الثانية. وكان التواجد الروسي في إيران الأسبوع الماضي بمثابة أول حدث منذ ذلك الحين لتواجد قوات أجنبية داخل إيران.

وبالتالي فإنه ليس مفاجئًا أن الحكومة الإيرانية عندما سمحت لروسيا باستخدام قاعدة جوية على أرضها أرادت من موسكو إبقاء الموضوع سرًا.

مصالح مشتركة وأهداف مختلفة

بالنسبة لروسيا، كانت الفائدة من وراء إطلاق مقاتلاتها من إيران لشن غارات في سوريا واضحة، فإيران تبعد مسافة 400 ميل فقط عن أهدافها في سوريا. الآن، مع خروج القوات الروسية من إيران، فإن قاذفات القنابل الروسية بعيدة المدى – والتي تتطلب مهابط طائرات أطول من الموجودة في القاعدة الجوية التي تستخدمها روسيا في اللاذقية – ستحتاج لقطع مسافة تزيد عن 1200 ميل وهي محملة بالذخيرة من قواعدها في روسيا مجددًا.

أيًا كان ما سيحدث مستقبلًا بشأن القواعد الجوية، فإنه ليس هناك شك في أن إيران وروسيا ستواصلان تعاونهما في روسيا، وأن العلاقات بين البلدين ستظل شائكة أيضًا. يتفق البلدان على أمرين بشكل واضح للغاية، وهما الرغبة في انتصار الحكومة السورية على المعارضة، واستبعاد الولايات المتحدة وحلفائها. فيما عدا ذلك، هناك الكثير من الخلاف بين البلدين.

تقول الكاتبة إن سوريا نفسها تعتبر موضع اختلاف بين إيران وروسيا، إذ إن إيران تريد استمرار بشار الأسد في الحكم، في حين أن روسيا لا يهمها بقاء الأسد من عدمه، فهي تريد نظامًا مستقرًا صديقًا لموسكو.

وذكرت الكاتبة أيضًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرفض وجود المتطرفين الإسلاميين، بينما ترفض إيران السنّة منهم فقط، بينما تدعم إيران حزب الله وميليشيات شيعية أخرى.

وبالرغم من أن روسيا وإيران تضمران كراهية للولايات المتحدة، إلا أن مواقفهم من إسرائيل مختلفة تمامًا؛ إذ إن الرئيس الروسي على علاقة قوية برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعلاوة على ذلك، فإن بوتين يريد قدرًا من الاستقرار في المنطقة، في حين أن إيران لديها التزام دستوري بتصدير ثورتها الإسلامية.

في الوقت الراهن، توجد منفعة مشتركة بين روسيا وإيران، فإيران ترغب في انتصار الأسد في الحرب الأهلية السورية، وروسيا تساعده على ذلك. هذا بالإضافة إلى أن البَلدانِ يرغبان في توسيع علاقتهما الاقتصادية والعسكرية، فإيران تشتري أسلحة روسية بمليارات الدولارات، إلى جانب إنفاقها مليارات أيضًا على الخبرة الروسية والمعدات التي تحتاجها لبناء عدة مفاعلات نووية جديدة، بحسب ما ذكره المقال.

تقول الكاتبة إن روسيا وإيران تعانيان من أجل إنعاش اقتصاديهما، اللذيْن تضررا – ولو بشكل جزئي – نتيجة العقوبات الأمريكية والغربية. لذلك، فإن اتجاه روسيا وإيران لإقامة علاقات تجارية يبدو خطوة طبيعية. لكن لسوء حظهما، يعتمد اقتصاد كلا البلدين على النفط والغاز بشكل رئيسي في صادراتهما. على الرغم من ذلك، توجد منتجات تجارية أخرى يمكن تبادلها بين البلدين، بالإضافة إلى المنافع الإستراتيجية والتكتيكية لهذه العلاقة.

لكن في نهاية المقال ذكرت الكاتبة أن الصراع السياسي والنفسي النابع من الخصومة التاريخية بين البلدين يظل حاجزًا أمام إقامة شراكة قوية بينهما.

مترجم عنShort-Lived Syria Bombing Run Exposes Iran and Russia’s Awkward Partnership

نقلا عن موقع ساسة بوست