الجيش السوري الحر.. واجهة لمشاريع متضادة

الجيش السوري الحر.. واجهة لمشاريع متضادة

_88739_ent3

هاجمت مجموعة من المقاتلين السوريين تحمل رايات الجيش السوري الحر في فيديو مصور، العملية العسكرية التركية الجارية في شمال سوريا.

وقالت هذه المجموعة في بيان ألقاه أحد عناصرها “ندين ونستنكر بأشد العبارات دعم الأتراك للفصائل المتطرفة، والصمت الدولي تجاه ما يحدث في الشمال السوري، ونقف في خندق واحد إلى جانب مجلس جرابلس العسكري وأهلنا المدنيين في جرابلس وريفها لمواجهة الاعتداءات التي حصلت في الأيام الأخيرة”.

ووفق المتحدث، فإن البيان وقعت عليه كل من فصائل جيش الثوار، واللواء 99 مشاة، ولواء السلاجقة، وقوات جبهة الأكراد، ولواء مغاوير حمص، ولواء الشمال الديمقراطي، ولواء الحمزة، وقوات العشائر بريف حلب، ولواء المهام الخاصة، وكتائب ثوار أرواد. وبغض النظر عن صحة انتماء هذه العناصر للجيش السوري الحر، إلا أن الثابت أن الأخير بات واجهة لصراعات ومشاريع متضادة في سوريا، وليس أقله استغلال الجانب التركي اسمه للتغطية على الجماعات التي تقاتل اليوم الأكراد في شمال سوريا، والتي معظمها يدور في فلك الإسلاميين من قبيل جماعة نورالدين الزنكي وفيلق الشام وأحرار الشام.

وتشكل الجيش السوري الحر في يوليو 2011 من قبل مجموعة من المنشقين عن الجيش النظامي، وحصل هذا الجيش على دعم دولي وإقليمي كبير، إلا أنه ومع طول فترة الصراع وتعقد المشهد السوري ودخول تنظيمات عديدة على الخط، تعرض هذا الجيش إلى هزات كبيرة وخرجت العديد من الفصائل المنضوية تحته والتحقت بتنظيمات راديكالية، وانقسمت ولاءات باقي فصائله بين القوى الإقليمية والدولية.

ومعلوم أن هناك بعض الفصائل المحسوبة على الجيش الحر منضوية تحت لواء تحالف قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي، العدو اللدود لأنقرة، عموده الفقري. وتأسس التحالف في العام 2015، برعاية واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد نجح خلال الأشهر الأخيرة في تحقيق إنجازات مهمة أبرزها تحرير مدينة منبج شمال شرق سوريا من التنظيم. وترفض تركيا الاعتراف بالتحالف، وتصر على أنه مجرد يافطة لتنفيذ أجندة الأكراد الانفصالية، مشددة على أنها لن تسمح لهذا الهدف بالتحقق.

وأعلنت تركيا، الخميس الماضي، عن عملية عسكرية تحت مسمى “درع الفرات” لمحاربة تنظيم داعش، والأكراد، بيد أن المتابعين لسير العمليات في جرابلس تحديدا، يؤكدون أن التنظيم لم يكن في واقع الأمر سوى مجرد ممر لاستهداف الجانب الكردي. وتقول أنقرة إنها دفعت بالآلاف من المقاتلين من الجيش السوري الحر في عملية درع الفرات، بينما يؤكد متابعون أن معظم هذه العناصر ينتمي إلى تنظيمات راديكالية. ويعتبر المتابعون أن ادعاء تركيا بأن المقاتلين السوريين من الحر، يأتي لقطع الطريق عن الانتقادات التي قد تلاحقها في عمليتها المستمرة.

وشهدت قرى جرابلس منذ السبت مواجهات بين الدبابات التركية مدعومة بالمقاتلين السوريين وبين المجلس العسكري لجرابلس، الذي يشكل الأكراد رأس حربته. وتسعى أنقرة إلى منع أكراد سوريا الذين تعتبرهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني من التقدم نحو غرب نهر الفرات. ويبدو أن التصميم التركي بدأ يثير خشية واشنطن التي ترى أن الأكراد يشكلون حليفها الرئيسي على الأرض في مجابهة تنظيم الدولة الإسلامية داعش.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك، الاثنين، أن واشنطن تتابع الأنباء عن “اشتباكات جنوب جرابلس (شمال)، حيث لم يعد داعش متواجدا، بين القوات التركية وبعض الفصائل المعارضة من جهة ووحدات منضوية في قوات سوريا الديمقراطية من جهة ثانية”. وأفاد “نريد أن نوضح أن هذه الاشتباكات غير مقبولة وتشكل مصدر قلق شديد”. وأكد أن “لا ضلوع للولايات المتحدة” كما “لم يتم التنسيق مع القوات الأميركية في شأنها، ونحن لا ندعمها”، داعيا الأطراف المعنية “إلى وقف كافة الأعمال المسلحة في هذه المنطقة”.

وتنفي وزارة الدفاع بذلك ما كان صرح به نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، من أن الولايات المتحدة تشارك في العملية التركية. وكان محللون قد استبعدوا في تعقيب على كلام بايدن، قيام واشنطن بدعم أنقرة في هجوم. واعتبروا أن تصريحاته ليست إلا محاولة للتخفيف من حجم الإحراج الذي تعيشه الإدارة الأميركية جراء الخطوة التركية، التي يبدو أنها أتت نتاجا لتفاهمات روسية إيرانية مسبقا.

صحيفة العرب اللندنية