المنطقة المأزومة: الثورات العربية بعد 4 سنوات.. هل أخفق التغيير؟

المنطقة المأزومة: الثورات العربية بعد 4 سنوات.. هل أخفق التغيير؟

3009

“ما أشبه الليلة بالبارحة”.. تصف هذه المقولةُ بامتياز أوضاعَ منطقة الشرق الأوسط بعد أربع سنوات من ثورات وتظاهرات قادها خِيرة شباب المنطقة، بدأت شراراتها الأولى في تونس لتنتقل إلى باقي دول المنطقة. غير أن الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية لمواطني الدول التي شهدت ثورات لم تختلف في بعض تلك الدول عما كان عليه الحال قبل اندلاع الموجة الثورية التي شهدتها المنطقة مع نهاية عام 2010، مما جعل بعض مواطنيها يُبغضون الحراك الثوري، وأي دعوة للثورة على الأوضاع القائمة، والرضا بالواقع، وتمني العودة إلى أوضاع ما قبل الثورة، مفضلين العيش في أمن وسلام غير مضمون -على المدى القصير- مقابل التضحية من أجل تحول ديمقراطي، وبناء دولة القانون والمؤسسات.

وبعد أربع سنوات من الربيع العربي، وحالة التفاؤل والرومانسية بتحول دول الثورات العربية إلى واحة للديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، بعد النجاح في إسقاط أنظمة ديكتاتورية – تبددت تلك النظرة التفاؤلية على واقع انتهاج قوى شاركت في الثورة ووصلت للحكم سياسات لا تختلف عما تبنته الأنظمة التي ثارت عليها الشعوب، من عدم احترام لقيم الديمقراطية والقانون، وعملها على إقصاء القوى التي شاركتها الثورة، ومهدت لها للوصول إلى سدة الحكم، فضلا عن الدماء التي سُفكت، ليس نتيجة المواجهات بين الثوار والقوات الأمنية فقط، ولكن بين الثوار أنفسهم، ليدخل عددٌ من دول الربيع العربي في حرب أهلية واقتتال طائفي قوَّض فرص التحول الديمقراطي.

وتكشف ثورات الربيع العربي بعد سنوات أربع على اندلاعها عن سمات اتسمت بها -معظم إن لم يكن كل- دول الربيع العربي، يتمثل أولها في إخفاق الجهود والمحاولات للاحتكام إلى الإجراءات الديمقراطية، في ظل سعي أطراف المعادلة السياسية إلى إقصاء الآخر والانفراد بالسلطة. وثانيها عودة المؤسسة العسكرية إلى لعب دور رئيسي في مرحلة ما بعد الثورات، ما أدخل المنطقة في إشكالية العلاقة بين المدنيين والعسكريين، ومدى اقتناع المؤسسة العسكرية بالقيم الديمقراطية، والالتزام بالنهج الديمقراطي الذي قامت الثورةُ من أجل تحقيقه. وثالثها أن كثيرًا من الشبان الذين كانوا وقودًا للثورات العربية في بدايتها أضحوا خارج المشهد السياسي لتتصدره شخصيات كانت مقربة من الأنظمة التي قامت الثورة عليها، بل وتبوؤهم مناصب سياسية تحدد مصير دول الربيع العربي. وأخيرًا غياب الاستقرار والأمن، ما مكَّن التنظيمات الإرهابية والمنظمات الجهادية من أن تجد مَوْطِئ قدم لها لتهديد استقرار المنطقة، فقد استفادت المنظمات الإرهابية من حالة السيولة الأمنية في عديد من دول الربيع العربي لتنشط من جديد في المنطقة، مستغله تلك الحالة لتعلن عن وجودها، وتؤكد فاعليتها لتصبح لاعبًا رئيسيًّا في التحولات التي تشهدها المنطقة بعد سنوات أربع على الثورات العربية.

وفي محاولة للوقوف على أوضاع الدول العربية التي شهدت ثورات بعد أربع سنوات من اندلاعها.. يحاول هذا الملف الذي يضم تحليلات وتقديرات كتبها خبراء وباحثون بالمركز الإقليمي، وتقارير ودراسات عن مراكز أبحاث غربية، توضح الأزمات والتعثرات التي واجهت دول الربيع العربي، والتي حالت دون بناء دولة القانون والمؤسسات المأمولة، وأوضاع تلك الدول بعد أربع سنوات من اندلاع ثورات وتظاهرات بها على أنظمتها السابقة، وانعكاس إخفاقات الربيع العربي على أوضاع المنطقة.

عمرو عبد العاطي

المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية