اتفاق هدنة وليس أرضية لحل دائم

اتفاق هدنة وليس أرضية لحل دائم

_89716_t3

وصفت المعارضة السورية الاتفاق الذي أعلنت عنه روسيا والولايات المتحدة بأنه مجرد مسكّن سرعان ما ينتهي مفعوله، وأن هدفه التفرغ لمحاربة التنظيمات المتشددة، وليس وضع أرضية لحل دائم.

وأعلنت واشنطن وموسكو في الساعات الأولى من صباح السبت التوصل إلى اتفاق يشمل وقفا لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا بدءا من غروب شمس يوم الاثنين وتحسين إيصال المساعدات والاستهداف المشترك للجماعات الإسلامية المتشددة.

وتحاشى الاتفاق، الذي قال معارضون ومحللون سياسيون إنه أقرب إلى أفكار روسيا، الإشارة إلى مصير الرئيس بشار الأسد، وهو الشرط الذي تمسكت به المعارضة في مبادرتها الأخيرة والتي لاقت دعما غربيا واضحا.

ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري كل الأطراف لاحترام الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد محادثات ماراثونية في جنيف وبعد عدة محاولات فاشلة للاتفاق على التفاصيل في الأسابيع الأخيرة.

وأضاف كيري أن إنجاح الاتفاق يتطلب “وقف جميع الهجمات بما في ذلك القصف الجوي وأيّ محاولات للسيطرة على أراض إضافية على حساب أطراف وقف إطلاق النار. يتطلب ذلك توصيلا مستداما للمساعدات الإنسانية دون عوائق لكل المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها بما في ذلك حلب”.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه على الرغم من استمرار انعدام الثقة فإن الجانبين وضعا خمس وثائق من شأنها إحياء هدنة متعثرة تم الاتفاق عليها في فبراير الماضي وإتاحة التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا ضد الجماعات المتشددة في سوريا.

واعتبر العميد المنشق عن الجيش السوري إبراهيم الجباوي لـ”العرب” أن هذا الاتفاق يمكن اعتباره كمسكّن آلام سرعان ما ينتهي مفعوله، وأنه لم يصب من قريب ولا من بعيد جوهر الأزمة المتمثل بمصير الأسد الذي يتمسك السوريون برحيله.

وأشار العميد المنشق إلى أنه يخشى أن يتولى الطيران الروسي والسوري إفشال الاتفاق كما حصل في هدن سابقة، مشددا على أنه “إذا التزمت روسيا بتنفيذ هذا الاتفاق يمكننا أن نأمل بحل لمحنة السوريين”.

ولم تخف بسمة قضماني، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، يأسها من أن يبادر النظام إلى الالتزام بالهدنة، مضيفة “نعول فقط على روسيا التي في يدها كل الأوراق”.

وبعد ساعات من إعلان الاتفاق هاجم الجيش السوري مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب شمالا لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل دخول وقف جديد لإطلاق النار في أرجاء سوريا حيز التنفيذ يوم الاثنين. وقال مقاتلون من المعارضة إنهم يخططون لهجوم مضاد.

وأعلن النقيب عبدالسلام عبدالرزاق المتحدث العسكري باسم جماعة كتائب نورالدين الزنكي المعارضة أن القتال يتصاعد على كل جبهات جنوب حلب لكن الاشتباكات في العامرية هي الأعنف.

وأشار الخبير القانوني السوري محمد صبرا في تصريح لـ”العرب” إلى أن هذا التفاهم تم في ظل غياب كامل لأيّ طرف سوري، وأنه حتى اللحظة لا توجد تفاصيل دقيقة عن كل جوانب هذا التفاهم.

وحذر من أن “هذا التفاهم قد يكون تمّ في لحظة ضعف تمر بها الإدارة الأميركية وبالتالي سيكون غير متوازن لا سيما أن الروس يدافعون بقوة وشراسة عن مصالح حليفهم الأسد”.

ويعتقد المعارض السوري منذر أقبيق أن “الاتفاق خطوة هامة يمكن أن تكون مفصلية في الطريق نحو إنهاء الحرب إذا تم الالتزام ببنود الاتفاق”.

وقال أقبيق لـ”العرب”، “كنا نرغب أن تكون هناك آليات لمراقبة الالتزام، وآليات لمحاسبة من يخرق الاتفاق، لأنه لا توجد لدينا ثقة في نظام الأسد الذي سوف يحاول تخريب الاتفاق”.

وقلل خبراء من فرص نجاح هذا الاتفاق في ظل الغموض الذي حف بتفاصيله، وعدم الكشف عن الوثائق التي أعلن عنها وزير الخارجية الروسي، فضلا عن شكوك جدية لدى المعارضة من أن الاتفاق يهدف إلى البحث عن غطاء للالتفات إلى الحرب على الجماعات المتشددة دون أن يقدم أيّ إغراءات للمعارضة المعتدلة لتفك ارتباطها مع فتح الشام (النصرة سابقا).

واعتبر الباحث في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر أن قبول المسلحين بالانفصال عن التحالف مع فتح الشام “يعني بالنسبة إليهم التخلي عن مناطق لصالح النظام (..) سيكون من الصعب تغيير هذا التفكير”.

وفيما تمارس الضغوط على المعارضة السورية للقبول بالاتفاق وفك ارتباطها مع فتح الشام، فإن لا أحد يطلب تعهدات من إيران والميليشيات المرتبطة بها، والتي تتوزع على مختلف الجبهات. وكان على موسكو وواشنطن أن تدعوا القوات الأجنبية الرسمية وغير الرسمية لتغادر سوريا من أجل تهيئة الأرضية لإنجاح الاتفاق.

وقال ليستر “في النهاية، يمكنني أن أقول إننا نحتاج إلى موافقة إيران العلنية بقدر حاجتنا إلى موافقة أيّ طرف آخر”.

 صحيفة العرب اللندنية