هل يمكن لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ان تبقى القوة العظمى للطاقة فى نهاية المطاف ؟

هل يمكن لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ان تبقى القوة العظمى للطاقة فى نهاية المطاف ؟

OPEC concept isolated on white background

“الاجتماع القادم سوف يسلط الضوء فقط على تزايد الانقسامات”

تلقى منظمة اوبك( منظمة البلدان المصدرة للبترول) 2016 فى الاجتماع الذى سيعقد فى الجزائر العاصمة فى وقت لاحق من هذا الشهر اهمية لاداعى لها من قبل المحللين فى السوق على امل ان تسعى المملكة العربية السعودية والدول خارج منظمة اوبك – المنتج روسيا الى تجميد الانتاج . كلاهما كان يقاتل من اجل حصة السوق فى الصين وان السعودية تعرض على نحو غير عادى كميات كبيرة فى السوق بموجب عقود طويلة الاجل مما يصبح الحصول على مشترين اكثر صعوبة .

وقد قام كل من ايران والعراق والسعودية الى اضعاف بعضها البعض للحصول على حصة فى السوق فى الهند على مدى الاشهر الستة الماضية . وبالنظر الى سيناريو الدول الاعضاء فى منظمة اوبك حيث يقاتل بعضهم البعض الاخرللحصول على حصة السوق فانه يبدو من غير المحتمل ان يتم التوصل الى اتفاق على الرغم من تصاعد العجز المالى فى دول مجلس التعاون الخليجى والتى يمكن ان تصل الى 900 مليار دولار بحلول عام 2021وربما تركز اهتمامها وخاصة كما تشير الشائعات بان السعودية ودوال اخرى من مجلس التعاون الخليجى تعمل الان قريبا من طاقتها الانتاجية الكاملة وقد ادى العرض الزائد الى سوق المشترى الى انخفاض الاسعار وفى الوقت نفسه قان المستثميرين وللمحللين كمن يتعلق بقشة يبحثون عن اى تعليق من وزير نفط او او اي مؤشر اقتصادى لتبرير الحديث عن مستقبل الاسعارمما يؤدى الى المزيد من تقلب الاسعار فى حين بتم رسم صورة من اوبك بان لديها اليد العليا .

الواقع مختلف الى حد ما والنمو السريع للانتاج من خارج اوبك وخاصة منذ عام 2013 ادى ان منتجى اوبك تفقد حصتها فى السوق .ان انتاج اوبك كان ثابتا نسبيا بين عامى 2013 و2015 وبعد ذالك بدا فى الزيادة وفى مواجهة تراجع اسعار النفط والعجز التام المتزايد اختار المنتجيين الرئيسيين – اوبك- الى زيادة العرض ولكن هذا ادى الى فشل الاستثمار فى الطاقة الانتاجيةخلال السنوات التى اعطتهم مجالا محددا فى عمل ذالك .

وتارخيا وبناء على طلب من القوى الغربية العظمى فقد ابقت دول منظمة اوك الاسعار مرتفعة نسبيا مما يسمح للسعودية لتكون بمثابة المنتج البديل للحفاظ على الاسعار.

ارتفاع الاسعار مكنت الاخرين من تطوير حقول النفط البحرية ذات التكلفة العالية فى اماكن مثل بحر الشمال وخليج المكسيك والبرازيل واستنباط اصناف غير تقليدية مثل القطران والرمل والصخر الزيتى. وقد اصبحت تكاليف التطوير الاولى مرتفعة التكالف بحيث اصبحت التكلفة الحدية لبرميل واحد من النفط من العديد من تلك المصادر منافسة الى نفط اوبك , حيث ان التكاليف فى تصاعد الان .واجدير بالذكر ان حقول النفط القديمة اما تقترب من نهاية عمرها الانتاجى واما انها تحتاج الى تجديد وتطوير كبيرين وذالك بسبب نقص الاستثمارات فى الصيانة والبنية التحتية. وعلاوة على ذالك فان نوعية انتاج نفط منتجى اوبك ليس كجودة نفط المنتجين الجدد .

وفى الوقت نفسه , تواجه هذه الدول الاعضاء فى اوبك الطلب المتزايد على الطاقة من سكانهامما يتطللب زيادة فى تصدير انتاج النفط والغاز

لدى اعضاء منظمة اوبك مجالا صغيرا للمناورة.وقد اعرب وزير الطاقة السعودى خالد الفاتح عن رغبته فى اعادة التوازن بين العرض والطلب لدعم اسعار النفط لكنه ادعى ايضا ان المملكة العربية السعودية لن تخفض الانتاج كما انه يعلم انه سيتم استبداله بزيادة منتج اخر فى الانتاج. فى الواقع ان التجميد هو هزيمة ذاتية لاوبك التى من شانه ان تفقد المزيد من حصة السوق. وفى الوقت نفسه فان ايران ستحضر الاجتماع بعد ان تضاعف صادراتها من النفط والغاز هذا العام الى 2,7 مليون برميل يوميا ولكن ليس لديها نية الى توقيع اتفاقية حول الحصص حتى تصل حصة الانتاج والسوق الى مستويات ماقبل العقوبات .العراق على وشك ان يعود الى الانتاج من بعض حقوله الشمالية, وذالك قد يعود الى ذروة الانتاج فى شهر كانون الثانى بمقدار 4,5 مليون برميل يوميا . والجدير بالذكر ان العضو الجديد فى اوبك وهو غانا قد جلب حقلا جديدا فى الانتاج هذا الشهر, وان ليبيا تامل فى تعويض بعض من انتاجها الضائع, لذالك فمن غير المرجح اننا سنشهد تجميد انتاج اوبك . فى الواقع اوبك فى موقف ضعيف للتاثير على السوق للنفط وقد ادى النمو السريع فى الانتاج من خارج اوبك منذ عام 2013 الى سقوط اوبك ولكن هذا السيناريو بدا فى السبعينات عندما تفوق الانتاج من خارج اوبك على انتاج اوبك .

الولايات المتحدة هى الان اكبر منتج للغاز وثانى اكبر منتج للنفط فى العالم . كان الارتفاع السريع فى انتاج النفط الخام والمنتجات النفطية المرتبطة بها عبارة عن مغير اللعبة ( مغير الموازين) والمغير لمجرى الموازين اى مايعادل زيادة بمعدل ستة ملايين برميل يوميا منذ عام 2010 فى حين زاد الطلب العالمى على النفط فقط بنسبة مماثلة . وفى الوقت نفسه فان كندا والصين واوروسيا وغيرها من المنتجين من خارج منظمة اوبك زادت انتاجها من النفط بدرجة كبيرة. وقد اظهر التنقيب والبحث ان نظرية ” ذروة النفط ” كانت اسطورة وفكرة خاطئة وان احتياطى النفط فى العالم من الامدادات التقليدية وغير التقليدية على حد سواء فى تزايد . لايزال تزايد العرض فى تصاعد وفى تفوق على نمو الطلب اي المعروض اكثر من الطلب وان الزيادة فى فائض العرض على الطلب فى السوق بين مليون ومليونين برميل يوميا وهو فارق هامشى عند الطلب الكلى وهو 95000000 برميل يوميا. وقد شهدت احداث حرائق الغابات الكنديىة والاضطرابات المدنية فى نايجيريا نهوضا فى الاسعار فى 2016 والتى تشير الى انه لايوجد سوى خلل صغير فى السوق. فان اى انخفاض مفاجئ فى الانتاج من قبل منتج واحد يؤثر بسرعة فى السوق, ولكن القدرة على الاستعاضة عن ذالك العرض هو الان الاكثر ترجيحا فى ان ياتى من منتج اخر من خارج اوبك وليس من منتج فى اوبك , وبالنظر الى معدلاتالنمو الحالية فى الانتاج ايضا نظرا لارتفاع معدل التخزين على مدى الاشهر الاخيرة فان اى نقص فى السوق يكون له تاثير قليل على السعر او الاقتصادات الكبرى.

الجدير بالذكر ان التاثير الكبير على الاسعار فى عام 2016 ياتى من  انخفاض متوقع فى الانتاج من خارج اوبك ليصل الى 56,4 مليون برميل يوميا مع انخفاض الانتاج الذى يحدث فى الولايات المتحدةوالصين والمملكة المتحدة وكازخستان وكولومبيا مع  انه يمكن تعويض بعض من هذا الانخفاض من قبل المنتجين من خارج اوبك وزيادة انتاج اوبك .

ومن المرجح ان يتاثر السوق اليوم  بتصرفات المنتجين الرئيسيين من خارج اوبك  اكثر من اعضاء منظمة اوبك الذين يقاتلون فيما بينهم للحصول على حصة السوق بدلا من العمل ككارتل ( اتحاد المنتجين لتخفيف التنافس) . العامل الوحيدالذي يوحد اعضاء منظمة اوبك  بالرغم من اختلاف المصالح هو الهدف المشترك الواحد فى زيادة  الايرادات على المدى القصير  لتعويض العجز المالى المتزايد بشكل سريع .

ان اعضاء منظمة اوبك يدفعون ثمن السعى الدائم لزيادة الارباح على المدى القصير  من خلال ابقاء الاسعار مرتفعة  واهمال تخطيط الانتاج. وبالرغم من المزايا المهمة فى التكاليف  فان سياستهم عززت التوسع السريع لانتاج الدول خارج منظمة اوبك وخسارتهم فى حصة السوق والسلطة

ومن  غير المرجح ان يكون لاجتماع الجزائر اى تاثير على اسعار النفط وسيزيد من قلق اعضائها  بشان العجز  المتزايد فى الميزانية بينما هنالك شعور بالاسف  بانهم لم يعملو  ككارتل حقيقى  . ربما كان ينبغى ان ينظر بصورة اكثر وبعناية  الى النظرية الاقتصادية التقليدية للاحتكار  من قبل القلة وعمل الكارتل  بدلا من النظرية الساذجة  الكبرى الحديثة التى تشير الى ان السعر يتحدد  ليس من القيمة الاساسية  للشئ ولكن عن طريق المعتقدات والتوقعات غير العقلانية  من المشاركين فى السوق .

لؤى الخطيب

زميل فى مركز سياسة الطاقة العالمية فى جامعة كولومبيا (سيبا)

ذا ناشونال انترست

مترجم عن:    ? Can OPEC Remain the Ultimate Energy Superpower 

ترجمة مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية