سواء صمد وقف إطلاق النار السوري أم لا؟ فإن بوتين يكسب

سواء صمد وقف إطلاق النار السوري أم لا؟ فإن بوتين يكسب

___________683121230

بدأ أول وقف جزئي أخير لإطلاق النار في سورية بداية سيئة يوم الاثنين، حين تحدثت التقارير عن قيام نظام بشار الأسد بقصف نفس المناطق التي يفترض أن الصفقة تغطيها. أما إذا كانت هذه الهدنة الجديدة يمكن أن تقلع عن الأرض من الأساس، فإن ذلك سيعتمد غالباً على ما إذا كان يمكن لموسكو أن تكبح جماح عميلها الدكتاتور، الذي كرر قبل ساعات من وقف إطلاق تعهده باستعادة كل سورية بالقوة. لكنّ لدى نظام فلاديمير بوتين دافعا للنجاح على الأقل: فإذا كان الأمر كذلك، فإنه سيكون قد حقق طموح بوتين إلى فرض إرادته على الولايات المتحدة.
عندما بدأت روسيا تدخلها العسكري المباشر في سورية قبل عام، توقع الرئيس أوباما أن تكون نتيجته الوحيدة هي الوقوع في مستنقع لا فكاك منه. وبدلاً من ذلك، حقق الاتفاق الذي أبرمه وزير الخارجية جون كيري يوم الجمعة الماضي مع نظيره الروسي الكسي لافروف كل ما سعى إليه بوتين: سوف يظل نظام الأسد، الذي كان يترنح قبل عام، راسخاً بقوة بينما تتلقى المعارضة ضربة قوية. وفي الوقت نفسه، سوف تستجيب الولايات المتحدة لمطلب السيد بوتين الذي طال أمده بانضمام أميركا إلى روسيا في استهداف المجموعات التي تعتبر إرهابية. وإذا ما أقيمت أي مفاوضات سياسية جادة حول مستقبل سورية في أي وقت قادم -وهو احتمال مستبعد، على الأقل في الأشهر المتبقية لإدارة أوباما- فإن نظام الأسد ومؤيدَيه، الروسي والإيراني، سيتمتعان فيها بموقع قيادي.
في مقابل هذه التنازلات الواسعة، التي تتخلى أساساً عن هدف أوباما الذي تمثل ذات مرة في تحرير سورية من الأسد، والتي تجعل الولايات المتحدة مجرد شريك صغير لروسيا في أهم صراع دائر في منطقة الشرق الأوسط، يبذل السيد كيري الوعود بفتح شرايين الحياة الإنسانية لمدينة حلب المحاصرة وغيرها من المناطق التي تتعرض لتكتيكات الاستسلام أو التجويع. ومن المفترض أن يكف سلاح الجو السوري عن إسقاط “البراميل المتفجرة”، والكلور وغيرهما من الذخائر على العديد من المناطق التي يتمركز فيها الثوار -على الرغم من أنه يبدو أن هناك ثغرات في الصفقة التي لم يتم الإعلان عن نصها للجمهور.
إذا حدث هذا فعلاً، وتم حفظ الأرواح، فسوف تكون للصفقة فائدة ايجابية. وربما تكون الخيار الوحيد المتاح لسياسة الولايات المتحدة التي تستبعد، كشيء محكوم عليه بالفشل سلفاً، اتخاذ نفس الإجراءات العسكرية المحدودة التي استخدمتها روسيا بنجاح. لكن السيد بوتين والرئيس الأسد وافقا على العديد من حالات الهدنة السابقة، في سورية و-في حالة السيد بوتين، في أوكرانيا- ثم قاما بانتهاك كل واحدة منها. وكان جزاؤهما الحصول على الأراضي وتعزيز مواقعهما الاستراتيجية، في حين لم تلقيا من الولايات المتحدة العقاب، وإنما المزيد من التنازلات والمقترحات لعقد صفقات جديدة. وإذا التزم النظامان بوعودهما في هذه الحالة، فقد يكون ذلك لأن الوقت الذي سمح باستغلال هذه الإدارة الأميركية التي تراجعت عن خطوطها الحمراء، والذي أتاح لروسيا إعادة نفسها كقوة في الشرق الأوسط، وتخلى عن أولئك السوريين الذين كانوا يأملون في التخلص من دكتاتور منقوع بالدم- أصبح ينفد في نهاية المطاف.

 ترجمة:علاء الدين أبو زينة

  صحيفة الغد