تفاصيل تقسيم ليبيا إلى 3 دول.. تعرف على نصيب مصر منها

تفاصيل تقسيم ليبيا إلى 3 دول.. تعرف على نصيب مصر منها

x21_29_27_512003711-jpg-pagespeed-ic-w6jo-smzfl

منذ مقتل معمر القدافي في سرت سنة 2011، قسمت البلاد من قبل الصراعات القبلية والميليشيات، فأصبحت ليبيا، التي لا يزيد عدد سكانها عن عدد سكان ميامي، لا تملك حكومة مركزية ولا تقدر على استغلال احتياطي النفط الهائل، ولكن سيطرة الميليشيات التي تدعمها الحكومة، والتي بدورها مدعومة من الأمم المتحدة، في طرابلس، على “تنظيم الدولة” في سرت كان أول فصول الحكم الرشيد بعد 5 سنوات من القتال المميت.

تقسيم ليبيا إلى دولتين

في 13 أغسطس 2015، أفادت صحيفة الشروق الجزائرية، بأن مصادر رسمية ليبية كشفت لها عن مخطط فرنسي جديد في المنطقة بدأ تحركاته من داخل ليبيا، وبالتحديد الجنوب الليبي، مع دولة خليجية، حيث بدأت الدولة الخليجية المعنية بعقد اجتماعات سرية لمجموعة من قادة الجنوب الليبي من ضباط الجيش والشرطة ورجال القبائل، والهدف هو السيطرة على الجنوب الليبي، وفق الصحيفة الجزائرية.

وتابعت “الشروق”، “حسب مصدرنا المقرب من الاجتماع، فإن  الشعار الظاهر للاجتماع هو توحيد الجنوب الليبي كونه الحل للمشكلة الليبية، أما الحقيقة فهي مشروع فرنسي للاستحواذ على الجنوب والعودة إلى مستعمرات الماضي وتقسيم ليبيا إلى دولة للطوارق تبدأ من غدامس إلى غات، مرورًا بسبها وأوباري وإليزي بجنوب الجزائر إلى شمال مالي والنيجر، ودولة التبو من منطقة غدوة شرق سبها إلى الكفرة  وحدود السودان وشمال شرق النيجر وشمال التشاد”، وفق تقديرات المصدر الذي لم تكشف الشروق هويته.

وتابعت الشروق، “يضيف مصدرنا أن الدولة الأولى، أي الخاصة بالطوارق، تقرّر أن تكون عاصمتها منطقة أوباري، أما الثانية، أي دولة التبّو، فعاصمتها مرزق، كما يقوم البرنامج على تغليب العنصر الإفريقي في شمال إفريقيا على حساب العرب”، ونظرًا للدور الإماراتي المتزايد في ليبيا ومساندتها لقوات خليفة حفتر قائد الثورة المضادة، ونظرًا لتعاونها مسبقًا مع فرنسا في حربها ضد الإسلاميين في مالي فإن ناشطين عربًا لا يترددون في “تخمين” أن الدولة الخليجية المقصودة التي أشارت إليها “الشروق الجزائرية” ومصدرها أن تكون دولة الإمارات، إذ لا يوجد دولة خليجية مهتمة بالشأن الليبي بحجم اهتمام الإمارات في مصير البلد الذي شهد ثورة على حكم العقيد القذافي الذي استمر أكثر من 40 عامًا.

وكشف دبلوماسيون غربيون العام الماضي، عن أن مقاتلات إماراتية شاركت في قصف أهداف في طرابلس في إطار إسناد عسكري لميليشيا حفتر، وهو ما لم ينكره الأكاديمي عبدالخالق عبد الله، مبررًا ذلك بحماية أمن مصر كون الإمارات استثمرت كثيرًا في نظام السيسي، وأن وجود حكومة إسلامية في ليبيا يشكل تهديدًا على النظام المصري، كما تم الكشف مؤخرًا بعد تسريب تحقيقات مع الساعدي القذافي المسجون في طرابلس أنه اعترف بالاتصال مع شخصيات أمنية وتنفيذية كبيرة في أبوظبي بهدف تشجيع ثورة مضادة ضد الثورة الليبية.

ومع ذلك، فإن الرئيس الأمريكى باراك أوباما طالب في أبريل الماضي دولا خليجية لم يسمها بأن تسهم في استقرار الأوضاع في ليبيا، إذ تعتبر ليبيا ميدان منافسة محتدمة بين الإمارات وقطر، وتتهم الدوحة بدعم حكومة طرابلس إزاء اتهام الإمارات بدعم حكومة طبرق، ويسود اعتقاد لدى البعض أن المقصود بالدولة الخليجية هو قطر نظرًا للعلاقات الوثيقة أيضًا بين الدوحة وباريس في ملفات عديدة ومن بينها العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها العلاقات العسكرية وصفقات سلاح بين الجانبين.

تقسيم ليبيا إلى 3 دول

وأكد الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، في مقاله على موقع “ميدل إيست آي”، أنّه قبل أسابيع قليلة، استبعد دبلوماسي غربي يقيم في ليبيا فكرة أن بريطانيا وفرنسا وإيطاليا تعمل على تقسيم ليبيا إلى 3 أقطار، معتبرًا ذلك نوعًا من التفكير التآمري، وتتلخص الفكرة في أن تحوز بريطانيا على برقة، بينما تكون طرابلس من نصيب الإيطاليين، ويفوز الفرنسيون بالمناطق الجنوبية، إلا أنه أقر بأن مخاطر التقسيم قائمة بسبب لاعبين من أمثال حفتر، رغم أن ما من قرار من قرارات مجلس الأمن إلا ويؤكد سيادة أراضي ليبيا ووحدتها واستقلالها، وأن الجهد الجمعي يستهدف السعي إلى تجميع كل الميليشيات تحت مظلة واحدة.

وأضاف “السماح للمصريين والإماراتيين باقتطاع دويلة تابعة لهم في المناطق النفطية في شرق ليبيا بينما ينهمك الليبيون الآخرون في القيام بمهمة قتال تنظيم الدولة، لا يمكن بحال اعتباره صيغة ناجعة لبناء وحدة وطنية، ولذلك فإن من حق الميليشيات المساندة للحكومة، التي رعت تشكيلها الأمم المتحدة أن يشعروا بأنهم يطعنون في الظهر ويتعرضون للخيانة والغدر”.

وأوضح “صحيح أن كاميرون وساركوزي لم يعودا في السلطة، ولكن قواتهما الخاصة لا تزال توفر الحماية الشخصية لحفتر، بينما تصدر حكومتاهما البيانات المنددة بتحديه للحكومة المعترف بها دوليًا في طرابلس، فيما لو قدر لحفتر أن يهيمن فسيكون كل ما جنيناه أننا استبدلنا الطاغية القذافي بطاغية آخر”.

وبيّن “يمكن القول إن بريطانيا وفرنسا وإيطاليا قامت فعليًا بتأجير امتيازاتها ومصالحها في ليبيا إلى دول عربية في المنطقة، عمدت إلى وضع أجنداتها هي موضع التنفيذ، يذكر هنا أن المشير السابق الآخر، عبدالفتاح السيسي، كان أعلن مباشرة، أن قتال الجماعات الجهادية في شرق ليبيا هو أولى أولويات سياسته الخارجية”.

تواطؤ الغرب مع حفتر وعن سيطرة حفتر على موانئ النفط الليبية، قال هيرست: “قوات حفتر لم تحصل بتاتًا أن شاركت في أي قتال ضد تنظيم الدولة في سرت، بل لا يقاتل هذا الرجل سوى من يتصدون لتنظيم الدولة في شرق ليبيا، كل همه هو محاربة الحكومة في طرابلس”.

وأضاف “أعماله، مثل أعمال تنظيم الدولة، تستهدف إقناع الليبيين بأن المجلس الرئاسي الذي تشكل برعاية أممية، والذي يحظى باعتراف دولي وكذلك حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عنه، لن يسمح لها بالسيطرة على أي من هياكل الدولة ومؤسساتها، وأن حفتر بإمكانه أن يمد سلطانه وأن يوسع دائرة نفوذه غربًا”.

وتابع: “بعد يومين من استيلاء ما يسمى بالجيش الوطني الليبي على موانئ الهلال النفطي في رأس لانوف، وفي سيدرا وزويتينة والبريقة، وانتزاعها من يد ميليشيات تحت إمرة إبراهيم جذران قائد حرس الدفاع عن النفط، قرر حفتر ترقية نفسه إلى مشير”.

وأكد هيرست: “تبع ذلك انسداد في الأفق، حيث طالب حفتر مؤسسة النفط الوطنية برفع الحظر المفروض لأسباب قهرية والسماح للموانئ بتصدير النفط، بينما بادر المجلس الرئاسي ومعه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا إلى إعادة تأكيد دعمهم جميعًا لحكومة الوفاق الوطني، معربين عن نيتهم فرض الحظر على أي صادرات غير مشروعة للنفط، ثم ما لبث الحظر على التصدير أن رفع يوم الخميس بعد أن أعلن رئيس مؤسسة النفط الوطنية مصطفى صنع الله عن “قبوله تسلم الموانئ” من رجال حفتر.

مشروع تقسيم ليبيا قديمًا

عند قيام الحرب العالمية الثانية، رآها الليبيون فرصة يجب استغلالها من أجل تحرير ليبيا، فلما دخلت إيطاليا الحرب 1940 انضم الليبيون إلى جانب صفوف الحلفاء، بعد أن تعهدت بريطانيا صراحة بأنه عندما تضع الحرب أوزارها فإن ليبيا لن تعود بأي حال من الأحوال تحت السيطرة الإيطالية.

كانت الشكوك تساور الليبيين في نوايا بريطانيا بعد انتهاء الحرب، واتضحت هذه النوايا بعد هزيمة إيطاليا الفاشية وسقوط بنغازي وطرابلس في أيدي القوات البريطانية، وكان هدف بريطانيا المتماشي مع سياستها المعهودة (فرق تسد)، هو الفصل بين إقليمي برقة وطرابلس ومنح فزان لفرنسا، وكذلك العمل على غرس بذور الفرقة بين أبناء ليبيا، وبينما رأى الليبيون أنه بهزيمة إيطاليا سنة 1943، يجب أن تكون السيادة على ليبيا لأهلها، إلا أن الإنجليز والفرنسيين رفضوا ذلك وصمموا على حكم ليبيا حتى تتم التسوية مع إيطاليا.

في هذه الأثناء كانت الدوائر الاستعمارية تدبر المكائد وتحيك المؤامرات على مستقبل ليبيا، فقد اتفقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949 على مشروع بيڤن سيفورزا الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد 10 سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية.

ووافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949، وقُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه، لكن المشروع باء بالفشل لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيدة، نتيجة للمفاوضات المضنية لحشد الدعم لاستقلال ليبيا، التي قام بها وفد من أحرار ومناضلي ليبيا؛ للمطالبة بوحدة واستقلال ليبيا.

وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 289 عام 1949، الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952، وكُوِنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة.

أحمد سامي – التقرير