إرث إسلامي جديد في أوروبا: مسلمون متشددون أم مسيحيون فاترون

إرث إسلامي جديد في أوروبا: مسلمون متشددون أم مسيحيون فاترون

_90269_chh3

كانت الحياة شاقة للغاية خلال حصار قاس ضرب على مدينة فيينا من قبل جيوش عثمانية كانت تتطلع عام 1683 لدخول فيينا بعد فشل محاولة سابقة لضم النمسا إلى الامبراطورية التي كانت تحتكر الخلافة الإسلامية حينها.

واليوم أظهر خطاب الكاردينال النمساوي كريستوف شونبورن شعور النمساويين المتدينين بحصار إسلامي من نوع آخر، على وقع تدفق مئات الآلاف من المهاجرين الذين قدم أغلبهم إلى أوروبا من بلدان إسلامية تتخطفها الصراعات.

ويخشى شونبورن، وخلفه المعسكر الكاثوليكي التقليدي، من أن تفقد أوروبا “إرثها المسيحي” الديني بسبب “فتور” تعلق المسيحيين بدينهم.

وترك هذا الفتور، من وجهة نظر أكثر المتدينين المسيحيين اعتدالا، ثغرة هوياتية فارغة في أوروبا كي يملأها المسلمون المتشبثون بثقافة إسلامية محافظة.

وقال شونبورن “لا يمكننا أن نأخذ على المسلمين تمسكهم بدينهم. علينا أن نتساءل لماذا أصاب الفتور هذا العدد الكبير من المسيحيين عندنا؟”.

ويجد المسلمون في أوروبا أنفسهم أمام بيئة أكثر انفتاحا وتقبلا في ظل انتشار مبادئ علمانية لا تعير للدين اهتماما كما كان الحال قبل أكثر من 300 عام.

وحتى زعماء الدين الأوروبيون، على غرار شونبورن، باتوا مستعدين لقبول مشاركة السياسيين المسيحيين للأقليةالمسلمة طقوسها واحتفالاتها الدينية.

ويقول باحثون إن تراجع الاهتمام بالدين في أوروبا خلق بيئة سهلة أمام المسلمين الذين يعتنقون أفكارا عقائدية متشددة.

وقال باحث في شؤون الأديان لـ”العرب”، طلب عدم ذكر اسمه “تخيل لو كان هؤلاء المهاجرون في أميركا الجنوبية مثلا، كيف سيكون حالهم حينها”.

وتحول هذا الواقع الجديد إلى إحصائيات قد تصعد من قلق الأوروبيين، خصوصا هؤلاء الداعمين لصعود متسارع لتيارات يمينية وقومية لا ترحب بالمهاجرين.

وأفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأحد أن أكثر من ربع مسلمي فرنسا يتشددون في ممارسة الإسلام، فيما يعيش حوالي نصفهم تعاليم دينهم بعد أن أدخلوا عليها القيم العلمانية الفرنسية.

وقالت مؤسسة أيفوب التي أجرت الاستطلاع إن 28 بالمئة من مسلمي فرنسا، مؤمنون “اعتنقوا منظومة قيم تتعارض تعارضا واضحا مع قيم الجمهورية”.

ولم تكن هذه النسبة الكبيرة من المتشددين في أحد أكبر البلدان الأوروبية لتتزايد من دون “تراخ عقائدي” مسيحي في أوروبا.

ويقول الكثيرون إن هذا التراخي “وقف كحائط صد أمام اشتعال حرب دينية محتملة بين المسلمين الوافدين والمسيحيين المحافظين”.

وسمحت القيم الأوروبية لحركات الإسلام السياسي أيضا بتحويل الفكر الإسلامي في أوروبا إلى المزيد من التشدد والانعزال.

ومنح ذلك الفرصة للمتشددين بالعيش جغرافيا في أوروبا، لكنهم ظلوا مقيمين وجدانيا في بلدانهم الأصلية. ومع ذلك تكافح بلدان أوروبية عدة، كفرنسا والنمسا، لدمج هؤلاء المهاجرين.

وقال شونبورن “اليوم كل الناس في النمسا يعرفون ما هو رمضان. لكن من لا يزال يعرف ما هو صيام الجمعة؟ في هذه الحال علينا ألا نفاجأ إذا كان هناك مسلمون يعتبرون أن أوروبا باتت ضعيفة وأن دينهم هو الأقوى”.

صحيفة العرب اللندنية