خليفة أوباما مقبل على تركة ثقيلة في سوريا

خليفة أوباما مقبل على تركة ثقيلة في سوريا

_90666_oo3

اعترف مسؤولون وخبراء أميركيون أن الولايات المتحدة أصبحت على هامش الحرب السورية وأن التطورات تشي بتلاشى الأمل في جهود السلام الأميركية الروسية مما يزيد احتمالات أن يرث خليفة الرئيس الأميركي باراك أوباما صراعا متفاقما.

إذ أنذر هجوم شامل للقوات السورية والروسية على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب بإطلاق موجة جديدة من اللاجئين والدفع بمقاتلي المعارضة المدعومين من واشنطن إلى صفوف الجماعة التي كانت يوما جناح تنظيم القاعدة في سوريا.

وأشار مسؤول أميركي إلى أن خطط البيت الأبيض لكبح الفوضى في سوريا أثناء ترك أوباما للرئاسة فشلت. وأضاف “كانوا يأملون أن يتمكنوا من تجنيب الرئيس المقبل فوضى متأججة.. لكن ما حدث هو أن الفوضى المتأججة انفجرت ويتعين عليهم الآن التفكير فيما سيفعلونه”.

وقال فريدريك هوف، مستشار أوباما السابق لشؤون سوريا، ويعمل الآن في المؤسسة البحثية المجلس الأطلسي، “بالنسبة إلى الرئيس المقبل ستكون هذه مشكلة من الجحيم منذ اليوم الأول إنها مشكلة ستظل قائمة بشكل أو بآخر خلال الفترة الأولى للرئيس المقبل وربما بعد ذلك”.

وقال مسؤولون أميركيون إن روسيا اشتركت مباشرة مع القوات الحكومية السورية بطائرات ومدفعية بعيدة المدى ومستشارين من القوات الخاصة سعيا للسيطرة على شرق حلب أكبر معقل حضري للمعارضة المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة. وأضافوا أن مقاتلين شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان شاركوا في الهجوم على المنطقة التي يعاني فيها ما يقدر بنحو 250 ألف شخص أعنف ضربات جوية.

ويرى بعض مسؤولي المخابرات الأميركية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستغل رفض أوباما التدخل عسكريا في سوريا والفترة الانتقالية من رئيس إلى رئيس آخر في الولايات المتحدة حتى يسيطر على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي قبل أن يتسلم الرئيس الأميركي الجديد المنصب. ويقولون إن روسيا لم تشارك بإخلاص في جهود صنع السلام وإن بوتين يهدف لإضعاف المعارضة في أسرع وقت ممكن وهو هدف ينجح تدريجيا في تحقيقه.

أوباما يواجه احتمال حدوث أزمة إنسانية قوية فسقوط حلب قد يطلق موجة جديدة من المهاجرين الفارين إلى أوروبا التي تجد صعوبة بالغة في إيواء أكثر من مليون لاجئ منذ العام الماضي

وخلّفت الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها السادس نحو 250 ألف قتيل وتسببت في نزوح أكثر من 11 مليونا وقدمت لتنظيم الدولة الإسلامية قاعدة يشن منها هجمات ويشجع على شن هجمات في الغرب. وسعى أوباما لتقييد التدخل الأميركي في سوريا ورفض مرارا اقتراحات مستشارين من بينها إقامة منطقة حظر جوي أو تسليح المعارضة المعتدلة التي تحارب للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مسؤول كبير سابق ذو صلة بالسياسة الأميركية المتعلقة بسوريا “أحد الأمور التي تؤرقني بشدة هي أننا لم نسأل أنفسنا ما هي عواقب عدم التحرك.. لطالما ركزنا على عواقب التحرك.. لكن كان يجب أن نفكر أيضا في تأثير عدم فعل شيء لسنوات على مصداقية الولايات المتحدة والصراع على نطاق أوسع”.

وقصر أوباما الدور الأميركي على دعم جماعات تحارب تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا وإجراء محادثات مع روسيا. لكن، أوباما، وفق الخبراء، لم يعد بإمكانه التعويل على التوصل لوقف إطلاق نار يخفي الأزمة لحين أداء خليفته اليمين الدستورية في العشرين من يناير 2017.

وعبّر تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط للأبحاث، عن شكه في أن يتبع أوباما سياسة أكثر نشاطا. وقال “في ضوء موقف إدارة أوباما فيما يتعلق بالطريقة التي تواجه بها الحرب في سوريا لا أتوقع تغييرا في الاستراتيجية. سيكون ذلك أكبر تغيير غير معتاد في السياسة الخارجية في السنوات الثماني الأخيرة”.

وقال مسؤولون وخبراء إن أوباما يواجه احتمال حدوث أزمة إنسانية قوية. فسقوط حلب قد يطلق موجة جديدة من المهاجرين الفارين إلى أوروبا التي تجد صعوبة بالغة في إيواء أكثر من مليون لاجئ منذ العام الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك فإن استياء مقاتلي المعارضة المدعومين من الولايات المتحدة ممّا يعتبرونه تخليا أميركيا عن حلب، قد يدفعهم للانضمام إلى الجماعة التي كانت يوما جناح القاعدة في سوريا. ويقول مسؤولون أميركيون وخبراء إن هذه الجماعة تعتبر على نطاق واسع أقوى جماعات المعارضة تأثيرا وترفض بشدة التوصل إلى تسوية مع الأسد عبر التفاوض.

وقال ليستر، الذي يجري اتصالات مع مقاتلين من المعارضة داخل سوريا، إن زعماء المعارضة يشعرون بخذلان متزايد بسبب الجهود الأميركية للتفاوض بشأن حل دبلوماسي مع أكبر داعم عسكري للأسد. وحذّر قائلا “الأمور تتدهور بسرعة شديدة الآن. الولايات المتحدة تفقد السيطرة على الأرض كل أسبوع”.

جوناثان لانداي و مات سبيتالنيك

صحيفة العرب الجديد