وول ستريت: أوباما يناقض نفسه في سياسته الخارجية

وول ستريت: أوباما يناقض نفسه في سياسته الخارجية

Screen-Shot-2015-01-20-at-9.52.31-PM

أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عند تطرقه بشكل مقتضب للشؤون الدولية في خطابه عن “حالة الاتحاد” الذي ألقاه يوم الثلاثاء، عن أمرين حول سياسته الخارجية، وهما كونها غير تفاعلية، وفي نفس الوقت، غير أحادية البعد.

وكان الخطاب عبارة عن نقد غير متعمد للنفس، أكثر من كونه دفاعًا عن الذات، كما كانت نية الرئيس. ولا يمكن الإنكار أن المبدأين صحيحان، ولكن الإدارة الأمريكية لم تمارسهما؛ وللمفارقة، يشكل هذان المبدءان اثنين من العيوب الرئيسة في الطريقة التي تعاملت فيها الولايات المتحدة مؤخرًا مع الشؤون الخارجية.

وليس هناك إشارة أكثر وضوحًا حول الطبيعة اللاتفاعلية للسياسة الخارجية الأمريكية أكثر من شبه غياب موضوع “إعادة التوازن” إلى آسيا عن الخطاب، وهو الموضوع الذي يشكل المحور المركزي للسياسة الخارجية للرئيس أوباما، أو حتى شبه غياب أولويات أخرى ظهرت في بداية ولاية الرئيس، مثل السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وتحسين العلاقات مع روسيا.

وبدلًا من ذلك، كانت الأحداث هي من تملي سياسات الإدارة الأمريكية في الخارج، حيث فشلت الإدارة في توقع هذه الأحداث أو اختارت تجاهلها. وجاءت الانتفاضات العربية في أعقاب التخفيف من حملات الإصلاح الاقتصادي والسياسي كأولويات بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على سبيل المثال؛ كما أن الأزمة الأوكرانية تلت تقييمًا غير واقعي للأولويات والنوايا الروسية؛ وانتشار تنظيم “الدولة الإسلامية”، وما اتخذته الولايات المتحدة من إجراءات لوقفه لاحقًا، أتت بعد سنوات من عدم التحرك في سوريا والإجهاد في العراق.

وتعكس هذه الردود نقصًا في التخطيط الاستراتيجي، وميلًا متزايدًا نحو النظر إلى الشؤون الخارجية من خلال عدسة السياسة الداخلية الأمريكية في المقام الأول، بدلًا من تحليل الحقائق وكيفية تأثيرها على المصالح الأمريكية.

ولهذا، يجب أن يصبح التركيز بشكل أكبر على استباق الصراعات والأزمات ومنع وقوعها، بدلًا من التخبط للتخفيف من أثارها بمجرد حدوثها؛ أمرًا بالغ الأهمية إذا ما رغبت واشنطن بالتخطيط لمسار أكثر ثباتًا.

وأخفقت الولايات المتحدة أيضًا على صعيد نشر عناصر متعددة من القوة من أجل دعم استراتيجيات وأهداف محددة بوضوح. حيث إنه، وفي سوريا، وبعد عدة سنوات من التردد في استخدام القوة العسكرية، تركز السياسة الأمريكية حاليًا فقط على تنفيذ ضربات جوية ضد داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. هذه الحملة لم تكن ناجحة حتى الآن، ويرجع هذا جزئيًا إلى عدم ارتباطها باستراتيجية أوسع نطاقًا لتحقيق الاستقرار في سوريا، وإنهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت ملايين آخرين.

وفيما يخص الموضوع الإيراني، ركزت أمريكا على القضية النووية إلى حد استبعاد المخاوف الأخرى التي أثارتها تصرفات طهران. وعوضًا عن مجرد الأمل بأن يحقق الاتفاق النووي فوائد إضافية ثانوية للعلاقات الثنائية، يحتاج صانعو السياسة الأمريكية إلى الاستعداد للتعامل مع طهران التي تتمتع بالقوة، ومع الحلفاء الساخطين، في أعقاب الاتفاق. وكما هو الحال مع كوبا، هناك فرق كبير ما بين استخدام التعاطي لدعم سياسة ما، وما بين الخلط ما بين التعاطي والسياسة.

عندما تولى الرئيس أوباما منصبه كان يدعو لاتباع سياسة التعاطي، إلا أن التصور السائد حول العالم كان أن الولايات المتحدة لا تلتزم بهذه السياسة. والآن بعد أن وضع الرئيس الأمريكي جدول أعمال يقوم على التعاطي، فالأسئلة التي تطرح نفسها هي: هل سيستخدم أوباما نفوذه لحشد الدعم لجدول أعماله، لا سيما داخل حزبه؟ وبعد أن واجه روسيا، هل سيستخدم القيادة الأمريكية لمساعدة أوكرانيا وتقوية حلف الناتو؟ وأيضًا، وبعد تهديده باستخدام حق النقض ضد فرض عقوبات جديدة، هل سيعمل مع الكونغرس لصياغة سياسة تجاه إيران تعكس مخاوف الحزبين؟

إن إرث الرئيس الأمريكي سيحدد بناءً على إنجازاته على صعيد السياسة الخارجية، وليس فقط بناءً على الأخطاء التي يعتقد أنه قد تجنبها.

مايكل سينغ – وول ستريت جورنال (التقرير)