الاستعدادات لتحرير الموصل تترافق مع فشل في تأمين بغداد

الاستعدادات لتحرير الموصل تترافق مع فشل في تأمين بغداد

_90918_30

كثف تنظيم داعش تفجيراته في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة العراقية هذا العام مع فقده السيطرة على عدد من المناطق أمام القوات الحكومية العراقية المدعومة من الولايات المتحدة وفصائل شيعية مدعومة من إيران.

ويقول مراقبون إن تنظيم داعش المتطرف يريد من خلال هجماته الأخيرة المتكررة توجيه رسائل إلى الحكومة العراقية وحلفائها في الحرب ضد التنظيم مفادها قدرته على الاحتفاظ بورقة الهجمات المفاجئة والدامية في الوقت والمكان اللذين يقررهما قادته ما من شأنه أن يفرغ تحرير المناطق المحتلة من قبله من أي معنى له.

ويؤكد خبراء أمنيون أن تكرر التفجيرات في عدد من شوارع العاصمة بغداد يؤشر على فشل أمني كبير في التعامل مع ظاهرة التطرف، ويردف هؤلاء أن الحكومة العراقية فشلت في تحويل وعودها بإحلال الأمن إلى واقع يومي بسبب تفشي الفساد داخل الأجهزة الأمنية.

ويضيف هؤلاء أنه يفترض على الحكومة العراقية تأمين بغداد والمناطق المحررة من تنظيم داعش قبل التفكير في تحرير المناطق المحتلة الأخرى ومنها مدينة الموصل.

ويقول محللون إنه بتضافر الجهود الأمنية بين القوات الأمنية والعسكرية العراقية وقوات التحالف الدولي والميليشيات الطائفية المدعومة إيرانيا يمكن أن تنجح بغداد في تحقيق هدفها بتحرير الموصل قبل نهاية العام، غير أنهم يؤكدون أن تحرير الموصل لا يعني بالضرورة إنهاء التطرف في البلاد.

ويؤكد خبراء أن استعادة الموصل وغيرها من البلدات المحتلة من قبل تنظيم داعش ستكون بمثابة الإعلان عن نهاية “دولة الخلافة” غير أنهم يحذرون من أن التنظيم لن يكتفي بإحصاء خسائره المادية والبشرية إذ سيعمد إلى حرب العصابات كرد انتقامي منه على ضربات الحكومة العراقية.

ويضيف هؤلاء أن استشراء الفساد في المنظمة الأمنية والعسكرية العراقية والتدخلات الأجنبية وضعف مؤسسات الدولة العراقية والخلافات التي تعصف بعلاقة مكونات البلد سياسيا ستكون كلها مجتمعة عوامل مساعدة للتنظيم في مسعاه لشن حرب مباغتة داخل المدن المحررة قد تكون نتائجها أكثر خطورة من احتلال مدن بأكملها.

استشراء الفساد والخلافات التي تعصف بمكونات البلد سياسيا سيساعدان التنظيم في شن حرب عصابات داخل المدن المحررة

ويؤكد محللون على أهمية وضع الخلافات السياسية جانبا إذا رغب العراقيون في الخروج بعراق ما بعد داعش من مرحلة الخطر، إضافة إلى العمل على تخفيض منسوب الاحتقان الطائفي عبر تحييد الحشد الشعبي من اتخاذ القرارات الكبرى في مرحلة ما بعد طرد داعش.

ويقول مراقبون إن الحديث عن الاستعدادات لمعركة الموصل لا ينسجم مع الإجراءات المتخذة على أرض الواقع، فالخلافات التي طفت على السطح بين حكومة أربيل والحكومة العراقية بشأن مصير المناطق المتنازع عليها ألقت بظلالها على رغبة الطرفين في التعاون في ما بينهما لإنجاح تلك المعركة.

ولا يستبعد هؤلاء أن يسعى كل طرف منهما إلى إفشال مساعي الطرف الثاني، ما يهدد مصير معركة تحرير الموصل.

ويضيف هؤلاء أن تنظيم داعش صار على دراية بالخلافات بين أربيل وبغداد الأمر الذي دفعه إلى التحرك بعنف في أجزاء من غرب العراق.

ويؤكد محللون أن تفجيرات بغداد جاءت لتكشف للتنظيم حجم الضعف التي تعاني منه الأجهزة الأمنية التي يفترض أنها تعمل على تأمين العاصمة والمدن العراقية الأخرى استعدادا لما يمكن أن يلجأ إليه التنظيم الإرهابي من إجراءات انتقامية ردا على هزيمته المتوقعة في الموصل.

ويلح هؤلاء على ضرورة إيلاء العناية القصوى بالمناطق المحررة والعمل على إعادة إعمارها بعيدا عن الحسابات الطائفية الضيقة، وبحسب تقديرات أولية فإن البلاد تحتاج إلى نحو 14 مليار دولار في عمليات إعادة إعمار المناطق التي خضعت لسيطرة “داعش”، شمال وغرب وشرق البلاد.

وقال عبدالباسط تركي، رئيس “صندوق إعمار المناطق المحررة”، التابع لرئاسة الوزراء، خلال مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر دولي بعنوان “معرض العراق لبناء وإعمار المناطق المحررة”، إن “إعمار المناطق، التي جرى تحريرها من تنظيم داعش، بالإضافة إلى محافظة نينوى (شمالا) يتطلب توفير 14 مليار دولار”.

وتعرضت البنى التحتية للوزارات العراقية، في المحافظات التي خضعت –ولا تزال تخضع أجزاء منها- لسيطرة عناصر التنظيم المتشدد، إلى خسائر كبيرة، خاصة مشاريع الطاقة الكهربائية والمنشآت الحكومية، قدرت بمليارات الدولارات.

غير أن عمليات انتزاع الأراضي والبلدات من قبضة التنظيم المتطرف والحديث عن إعادة إعمار المناطق المحررة يصطدمان بواقع مرير مع تواصل العمليات الإرهابية المفاجئة في عدد من مدن البلاد بما فيها العاصمة بغداد.

وقالت مصادر بالشرطة العراقية وأخرى طبية إن ما لا يقل عن 17 شخصا قُتلوا كما أصيب أكثر من 50 آخرين في ثلاثة تفجيرات بمناطق تقطنها أغلبية شيعية في العاصمة بغداد الثلاثاء. وأضافت أن انتحاريا فجر سترته الملغومة في شارع تجاري في منطقة بغداد الجديدة بشرق المدينة مما أدى إلى سقوط تسعة قتلى وأكثر من 30 مصابا.

وقالت المصادر إن هجوما انتحاريا آخر وقع في شارع تجاري بمنطقة البياع في غرب بغداد مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 22.

وذكرت أن قنبلة انفجرت على جانب طريق قرب تجمع لرعاة وتجار ماشية في منطقة الرضوانية بغرب بغداد أيضا مما أدى إلى سقوط قتيلين.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجومين الانتحاريين لكنه لم يذكر التفجير الثالث.

تأتي الهجمات بعد يومين على مقتل ستة أشخاص في تفجير استهدف تجمعا لمواطنين في حي الإسكان غربي بغداد تبناه تنظيم الدولة الإسلامية داعش.

وتشهد بغداد منذ السبت إجراءات أمنية غير مسبوقة أدت إلى ازدحامات مرورية خانقة بلغت معها طوابير السيارات عدة كيلومترات، بهدف الحيلولة دون وقوع هجمات.

وأعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته عن تفجير شاحنة ملغومة في يوليو الماضي أسفر عن مقتل 324 شخصا في حي الكرادة التجاري ببغداد فيما كان أكبر عدد من القتلى يسقط في هجوم واحد بالعراق منذ الغزو الأميركي الذي أطاح بصدام حسين عام 2003.

صحيفة العرب اللندنية