أين يلجأ مليونا عراقي فروا من “الدولة الإسلامية”؟

أين يلجأ مليونا عراقي فروا من “الدولة الإسلامية”؟

o-IRAK-NIO-CARRETA-900

على الرغم من الانتصارات الأخيرة للجيش العراقي وقوات الحكومة الإقليمية الكردية المعروفة باسم البشمركة، فإن عدد اللاجئين في البلاد ما يزال في تزايد، حيث أجبر الصراع الرهيب مع الدولة الإسلامية، الذي بدأ في سوريا ووصل إلى العراق، المئات من الناس إلى التخلي عن كل شيء؛ هربًا من الحرب.

الأرقام الصادرة عن المفوضية العليا للاجئين في يناير كانون الثاني تبين أنه فقط في العراق، هناك 2.047.700 لاجئ. وأكثر من 300.000 هم من السوريين نتيجة الحرب الأهلية في البلاد منذ عام 2011، ولكن معظم اللاجئين، حوالي 1 مليون، هم من النازحين الذين نزحوا إلى كردستان العراق .

بعد أن عبرت قوات تنظيم الدولة الإسلامية الحدود مع سوريا، حققوا العديد من الانتصارات العسكرية وتمكنوا من غزو الموصل؛ لتنفجر الاضطهادات العرقية والدينية في البلاد. وكانت الأهداف الرئيسة للجهاديين هم الأكراد والشيعة والأقليات الأخرى، ولكن فضل أيضًا الآلاف من العرب السنة الفرار من المحافظات التي غزاها تنظيم الدولة الإسلامية؛ تجنبًا من مواجهة هذه العقيدة التي لا تؤمن بالتسامح.

الآن، يواجه أكثر من مليوني لاجئ الشتاء مع القليل من الموارد، والمساعدات الدولية ليست كافية لتلبية معظم احتياجاتهم الأساسية. في مخيم اللاجئين الدولي ببريكة، على بعد نصف ساعة من السليمانية، تتركز حوالي 1.200 أسرة في الشوارع، التي تحولت إلى برك طينية تعطل فيها السير بسبب الأمطار التي هطلت مؤخرًا. حتى المشي أصبح مهمة صعبة، مما يدل على الحالة الغير صحيّة للمكان. كما يمكن ملاحظة غياب الحكومة المتهمة بسوء إدارة المخيمات وعدم إرسال ما يكفي من المساعدات للاجئين.

وقال أحد اللاجئين الذي يعيش هذه المأساة منذ أكثر من سنتين: “الناس يرسلون لنا المال، ونحن نعلم أن المساعدات موجودة، لكنها لا تصل إلى مستحقيها”، مضيفًا: “الدولة مولتنا لبناء منزل يحتوي على غرفة وحيدة”.

وأصبح هذا المخيم بعد التحاق عديد الأسر يحوي 8.000 لاجئ، كما ظهرت في هذه “المدينة الجديدة” بعض المحلات التجارية الصغيرة وسط المباني الرمادية والشوارع التي غمرتها المياه حتى أصبحت طينية.

في أربات، التي تقع على بعد عشرة دقائق بالسيارة من بريكة، يعيش في خيمة عائلة “علي حسين” عشرة أشخاص، هذه العائلة اليزيدية من سنجار والتي فرت من هناك خوفًا من اضطهاد تنظيم الدولة الإسلامية. ولا تزال لدى “علي حسين” تلك الذكرى المريرة حين هربت قوات البشمركة، قوات الأمن في كردستان العراق، من جبل سنجار، تاركين اليزيديين لمصيرهم.

وقد أعدم المتطرفون السنة حوالي 500 يزيدي في أغسطس/ آب وباعوا مئات النساء اللواتي قبض عليهن كعبيد في سوق بالموصل. الأوضاع في هذا المخيم تعادل، إن لم يكن أسوأ، الأوضاع في بريكة. وهناك بناية صغيرة تستخدم على حد سواء كمدرسة، وكنقطة توزيع المؤونة أينما تصطف عشرات العائلات لتلقي التموين اليومي.

وأصبح اللاجئون متشائمين، كما فقدوا ثقتهم في حكومتهم ويرفضون العودة إلى ديارهم، فالفظائع التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية على السكان المدنيين لا تزال تؤرقهم.

أحد اللاجئين يظهر جسده وهو مغطى بالحروق والندوب، رافضًا تحديد هويته والظهور أمام الكاميرا، فهو جندي سابق في الجيش العراقي، وعندما وصل الجهاديون، قاموا بإضرام النار في منزله وعائلته في الداخل.

الوضع ميؤوس منه، إذ إن عددًا قليلًا من اللاجئين يجدون شغلًا، وحتى في المدن الكبيرة مثل السليمانية أو أربيل. ومعظمهم هم من العرب الغير مرحب بهم.

محمد كامل، طالب شاب يدرس الطب، يقول إن هناك تزايدًا للتصرفات العنصرية للأكراد، قائلًا: “الأكراد يرون العرب على أنهم إرهابيون أو أناس سيئون، حتى لو أنهم لاجئون. فحقيقة أن الكثير من العرب السنة دعموا صدام حسين والآن هم يدعمون الدولة الإسلامية زاد من تفاقم الوضع المتوتر أصلًا.

ويعمل محمد كامل مع أخته، وهم من الأكراد، ضمن جمعية خيرية كردية مسؤولة عن جمع الغذاء والدواء للاجئين، الذي أضاف: “اللاجئون هم بشر، ولدي أصدقاء عرب في بغداد تعاملوا دائمًا معي وكأني واحد منهم”.

وعلى الرغم من الصعوبات، فإن عبد الباقي وعائلته، من سوريا، يحاولون رؤية الجانب الإيجابي من وضعهم، وذلك من خلال مقارنة حياتهم اليومية في مخيم اللاجئين الدولي بما كانوا يلاقونه في دمشق، حيث قال: “في سوريا، دمر دكاني خلال الاحتجاجات وكانت الحكومة تضطهدنا.. الشيء الوحيد الذي لدينا في هذا المخيم هو السلام، وهو مكسب في حد ذاته”.

 هافينغتون بوست الفرنسية – التقرير