مقالة للمعارضة العراقية في النيويورك تايمز

مقالة للمعارضة العراقية في النيويورك تايمز

jamal-aldari

الدكتور كامل المحمود – واشنطن
نشرت صحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر يوم 26 أيلول 2016 مقالا بعنوان “لإنقاذ الموصل، سلحوا السنة” بقلم الشيخ جمال الضاري رئيس المشروع الوطني العراقي.
القراءة المتعمقة الهادئة للمقالة باللغة الإنكليزية توحي لأول وهلة أن هذه المقالة ستسبب (فهما مغايرا للمقصود ومداخلات) وربما تستمر لفترة ليست قصيرة، سيما وأن أقلام الناشرين هذه الأيام حول القضايا العراقية تكتب وتنتقد أي شيء دون التعمق في المغزى والغاية منها ولمجرد إنها لاتتفق مع آراءهم الشخصية.
قبل أن نبدي الرأي التحليلي المحايد فيما جاء بالمقالة وتفاصيلها، وبالرغم أني لا أروج للثقافة الأميركية ولكن أعرف كما يتفهم الجميع أن هناك مفاهيم إنسانية مشتركة حيث تذكرت مثل أمريكي يقول:
Never explain! Your friends don’t need it and your enemies won’t believe you anyway.
وترجمته: “أبداً لا تشرح- أصدقائك لا يحتاجون لذلك وأعدائك لن يصدقوك” ومع ذلك فأصدقائنا ومحبينا لهم الحق علينا بأن نشرح لهم ونسهب ونبين قصدنا.

حول موضوع المقالة نذّكر بالحقائق التالية:

1. الحقيقة الأولى. أن المقالة يُفترض أنها نُشرت لتخاطب العقل الأمريكي العام والرسمي بشكل خاص وفي صحيفة وبوزن النيويورك تايمز وعلى الناقد أن يعرف أن هذه الصحيفة هي أول ما يقرأها الرئيس الأمريكي قبل قهوة الصباح سواءا كان جمهوريا أو ديمقراطيا كما يقرأ الواشنطن بوست.
2. الحقيقة الثانية. نحن لانخاطب الآخرين بلغة مغايرة لما نقوله يوميا وبما لايتطابق مع رؤيتنا المبدئية ومواقفنا التي نخاطب بها شعبنا وجمهورنا وقواعدنا.
3. الحقيقة الثالثة. وهي أن المقالة التي تنشر في هذه الصحيفة وغيرها من الصحف الرصينة الأميريكة تخضع لضوابط صارمة، منها أن لاتزيد عدد كلمات المقالة عن رقم محدد، وأن يجري تدقيق وتمحيص للمحتوى بما يتناسب مع ماتعود عليه المواطن الأمريكي الذي لايميل الى التفاصيل وكثرة التأكيد والتبرير كما نعمل في مقالاتنا، أي أن المقالة لايجوز أن تكون كسرد لكل الحقائق والآراء بل تكتب بشكل مختصر ومركز ومن يرغب بالتفاصيل من القراء عليه البحث عنها. ومن الشروط اللازمة للنشر التأكد من شخصية الكاتب والحديث معه بصدد موضوعه، وأن تكون تفاصيل ما يعرض في المقالة معزز ببعض المراجع، وغيرها
4. الحقيقة الرابعة: وهي أن شعبنا في العراق لايعرف الطائفية ولم يستخدم توصيفات وإن كانت موجودة، لغرض التمييز أو التفرقة، فتأريخ شيعة العراق ونضالاتهم ومواقفهم الوطنية وإسهاماتهم في بناء العراق لانقاش عليها تماما كما هو حال السنة أو الأكراد أو القوميات الأخرى التي تمثل جمال وتميز العراق. الذي حدث بعد عام 2003 أن حكام المنطقة الخضراء أرادوا أن يحمّلوا هوية إنتماءهم للشيعة مايريدون فرضه من سياسات ويتصنعوا الدفاع عنهم إفتراءا لمحاربة السنة كما حاولوا أن يواجهوا الأكراد بحجة إنتمائهم العربي.
بتحليل محايد للمقالة نلاحظ مايلي:
1. أن المقالة نجحت في أن تُنشر ويقرأها المسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون والدوائر الأخرى وكذلك مراكز الدراسات والمهتمين بالشأن العراقي ومكافحة الإرهاب وهذا مادلت عليه الأنباء الوارد والمداخلات والرسائل المرسلة تعليقا عليها.
2. سعى كاتب المقالة الشيخ جمال الضاري الى تنبيه القادة الأمريكان الى جملة أخطاء إرتكبوها في العراق وكيف سيكون من الضروري معالجتها قبل فوات الاوان ومنها:
أ. أنه بعد 13 عام من الإحتلال وماتم صرفه من مال وجهد ووقت لازال الجيش العراقي الحالي غير قادر على القيام بمهماته الأساسية، وأن الحكومة العراقية تعتمد على الميليشيات التي تم تشكيلها وتدريبها وتسليحها في إيران فأصبحت يدها الطولى وأداتها في ترسيخ سياستها في العراق والتي تخدم مشروعها.
ب. أن هناك سياسة طائفية للحكومة العراقية منذ عام 2003 إستهدفت تهميش السنة وإقصائهم وكانت هذه السياسة العدائية وخاصة سياسة المالكي طوال 8 سنوات من حكمه سببا في ظهور داعش وسيطرتها على أراضي شاسعة من العراق. الغريب أن تهميش السنة جرى بالتزامن مع إهمال الشيعة أيضا والإحصائيات الدولية والحكومية توضّح مدى البؤس الذي يعيشه أهلنا الشيعة في العراق كما يعيشه السنة وأن تغيير المالكي بالعبادي لم يغير السياسات التي بقيت بنتائجها الكارثية لأن الإثنان هما أسيري ومنفذي السياسة الإيرانية في العراق.
ج. وأن الشيخ جمال نبّه وحذّر من أن إشراك الميليشيات في معركة تحرير الموصل من قبضة داعش الإرهابي سيسبب إطالة للمعركة وردود أفعال سلبية من قبل سكانها، وبالمقارنة بين داعش والميليشيات ربما تصل الى حد إنخراط السكان بصفوف هذا التنظيم بسبب جرائم الميليشيات الإنتقامية التي تختص بالقتل والتدمير علما إن الموصل ليست تكريت أو الرمادي من حيث النتائج التي ستظهر ما بعد زوال غبار المعركة ناهيك عن حجم المدينة وطوبغرافيتها ودموغرافيتها وتداخلاتها مع ساحات جانبية ساخنة أخرى وتأثيرها على المحيط المحلي والإقليمي.
د. وكشف الشيخ جمال عن وجود آلاف المتطوعين من أبناءالموصل وحولها جاهزين للمشاركة في قتال داعش وهزيمته ولكنهم يفتقدون للدعم الحكومي تسليحا وتجهيزا ودورا والغطاء الجوي والدعم البري الناري واللوجستي.

ه. وأوصل الشيخ جمال صوته الى الأميركان من أن تردد الحكومة في تسليح العشائر في المناطق التي تحتلها داعش مبعثه الخوف طائفيا وهذا ما صرّح به المالكي مرارا وتكرارا ونبّه كاتب المقال الى أن عدم تسليح هذه العشائر لايعني أن الدولة ستكون أقوى، ولو أن المالكي لم يمارس سياسة الإقصاء والتهميش والخوف من تسليح أهالي الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار لما وصلت داعش الى ماوصلت اليه.
ومن جهة أخرى قال صاحب المقالة أن على الأمريكان معالجة الخطأ الذي إرتكبوه بعدم تسليح أبناء المناطق التي تحتلها داعش إلا بموافقة الحكومة في حين أشار بشكل غير مباشر الى قيام الحكومة بتسليح الحشد الشعبي بمختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة بدون تحفظ وتشكيل الفصائل والميليشيات ودعمها مستمر رغم كل مايثار إقليميا ودوليا ومن منظمات الأمم المتحدة حول طائفيتها وعنصريتها ودورها في جرائم حرب ترتقي الى الإبادة الشاملة للمكون الآخر.
ز. وأوضح كاتب المقال أنه قد أعرب بمناسبات عديدة للمسؤولين الأميركان عن القلق من خطورة مشاركة الميليشيات المدعومة من إيران ومن الحكومة ودورها في الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأوصل الشيخ الرأي الصائب بأنه وبدلا من السماح بمشاركة هذه الميليشيات، على واشنطن تسليح أبناء العشائر في هذه المناطق في الأنبار ونينوى وإشراكها في القتال وهي راغبة وقادرة وعلى أهبة الإستعداد لإسترجاع أراضيها وحماية مناطقها إذا كانت الغاية هي تحرير الموصل، وبالتالي منع إيران من تحقيق غاياتها التدميرية للموصل وذبح أهلها.
ح. وأخيرا عزز ماقاله فيما يخص طبيعة وخصوصية معركة الموصل بقوله: ستكون معركة تحرير الموصل معقدة ومكلفة. ولكن يمكن أن تكون أقل بكثير إذا قام سكان المدينة بالمشاركة الفعلية وتقديم الدعم لمحرريهم، بدلا من الخوف منهم.
التحليل
مرة أخرى نؤكد أن حديثنا هذا موجه الى أصدقائنا وإخواننا ومحبينا.
1. صدى المقالة. إن من الحقائق الملموسة التي حققتها المقالة هو الصدى الطيب ونشرها في هذه الصحيفة الذي يعتبر إنجازا كبيرا وإستثنائيا ونجاحا مهما للمشروع الوطني العراقي. وهذا لاخلاف عليه، كما إن توقيته ووسيلة نشره جاء في الوقت المناسب تماما وربما ستكون له إيجابيات كثيرة لاحقة.
2. نجاح المشروع الوطني بإختراق القوى المضادة في أمريكا. وهذا النجاح واضح من خلال قدرة المقالة على إختراق قوى مضادة لها وزن كبير في واشنطن وتعمل بقدرات دولتين هما إيران وحكومة المنطقة الخضراء للحيلولة دون ظهور صوت وطني عراقي يؤشر خطورة الميليشيات الطائفية ودورها الإجرامي.
3. تداول المفردات . إن تداول حقيقة مفردة الشيعة والسنة من قبل قوى وطنية وليست مغرضة إن هو إلا ذكر لحقيقة وجودها وليس دفاعا عن ترسيخها.
ومع أنه لاينكر الصديق والعدو أن الدولة العراقية يديرها اليوم التحالف الوطني، وهذا يعني إدارة إيرانية صرفة وكل من يتحدث عن شراكة وطنية في القرار فهو إما واهم أو يريد أن يوهم الآخرين، ولكن حكام العراق اليوم يمارسون سياسة الإقصاء والتهميش للسنة بحجة أنهم ينتمون للشيعة وشيعة العراق منهم براء. ولانتحدث نحن عن ذلك بل هم يتحدثون عنها بكل وضوح وبدون غموض، ألم يستمع هؤلاء الأصدقاء الى كلام عباس البياتي قبل فترة عندما قال نصا” خطان أحمران لانناقشهما ولانسمح بان يقترب أحد منهما وهما المرجعية الدينية وقيادة الشيعة للحكم في العراق”.
ألم يسمع أصدقائنا قول المالكي: “إن معركتنا مع المتظاهرين والمحتجين وبعضا منهم من الشيعة وليس السنة فقط بإنها إمتداد لمعركة الحسين ضد أتباع يزيد” في عبارة تمثل كل العنصرية والطائفية في الفكر الإيراني المستورد.
فمالذي قدموه للشيعة في العراق قبل أن نقول أنهم لم يقدموا شيء للسنة؟ إن سياساتهم تتركز بقهر وظلم كل شعب العراق وسرقة أمواله وتزوير تأريخه، وقبل نزوح ملايين السنة من بيوتهم ومناطقهم لم يكن الشيعة في العراق يعيشون أفضل من السنة بل كانوا في بؤس وفاقة وعوز ونقص حاد في الخدمات أكثر من السنة.
لذلك فما ذكر من مفردة السنة في المقالة لاتعني أن الحرمان من الحقوق مقتصر عليهم فقط وإنما للتذكير بأن الحكام في العراق يستخدمون” العباءة الشيعية” لإضطهاد وتهميش وقهر السنة، في حين أن شيعة العراق قدموا من العون والجود للنازحين من السنة وبما يفوق ما قدمته الحكومة لهم.
وعلينا أن نفهم أن المسؤولين الأميركان لايتهيبوا من ذكر حقيقة أن نظام الحكم في العراق اليوم هو “شيعي” بعد قرون من حكم السنة! وهذا الرأي قاله بوش وبريمر قبل 13 سنة في العراق، وهذه الحقيقة ذكرت ليراد بها الباطل، الحقيقة المطلقة ليست كذلك بل أن الحكام ربما كانوا سنة مجازا واليوم أصبحوا شيعة، وفي الماضي كان السنة والشيعة يعيشون في وئام وتصاهر ومحبة وتحت خيمة حكام اليوم يعيشون بتوجس وخوف من أحدهما الآخر بسبب سياسة هؤلاء الحكام الذين أوغلوا في محاربة السنة بحجة أنهم ينتمون الى الشيعة.
4. تسليح الشيعة وإضطهاد السنة. وفي مجال مناقشة تسليح المليشيات الشيعية وإضطهاد السنة ومتطوعيهم ، فإننا لن نذهب بعيدا ولن نناقش سياسة المالكي والعبادي ومن حولهما في مجالات الدفاع والداخلية والمخابرات والأمن الوطني وغيرها والمعروفة غاياتها وأهدافها في ترسيخ الطائفية .. بل يمكن أن نناقش بهدوء .. موضوع لانختلف عليه أثنان وهو ” التعبئة الشعبية لقتال داعش والقضاء على الإرهاب”.
لماذا لا نعترف بمايجري حولنا ونبقى متشبثين بالنظر الى الأفق بالرغم من حسن نوايانا ووطنيتنا ومبدئيتنا؟
لماذا لا نتسائل عن حقيقة الدعم الحكومي الكامل اللوجستي والتدريبي والتسليحي والمالي والمعنوي لأي مجموعة شيعية حتى لو كانوا عشرين شخصا (تلف حول رأسها عصابة خضراء وتنادي بالثأر للحسين وزينب وفاطمة) فيتم تشكيل ألوية وجيوش وكتائب وميليشيات وتنزل فورا للشارع بعدتها وعتادها قبل أن تذهب لمقاتلة داعش في حين أن السنة لازالوا يتوسلون بالحكومة لتسليحهم ( وهم بلا تدريب وبلا تجهيز وبلا رواتب) لقتال داعش والحكومة تتردد في ذلك ولاتسمح به إلا بعد أن تتأكد من أن قائد هذه المجموعة موالية لها 100%؟ أليس المفروض أن تجري الدعوة لقتال داعش بدون التدقيق بمذهب المتطوع؟ أليس هذا تكريسا متعمدا للتفرقة المذهبية؟
سيسأل سائل:
وهل أن هؤلاء السنة لايملكون السلاح للقتال داعش؟
والجواب يعرفه السائل، فحتى إن توفر السلاح لديهم فسيتم فورا إتهامهم بالإرهاب وأنهم حواضن لداعش أو أنهم قيادات داعش!
هل يعلم المنتقدون أن الولايات المتحدة لحد اليوم لازالت تناقش مع العبادي مسألة “ضرورة تسليح السنة” وهم لايترددون مثلنا من قول ذلك في حين نحن نناور بالتعبير بخجل لنقول “تسليح العشائر والقبائل” بدلا من تسليح السنة! ويجب علينا أن لانضع اللوم على امريكا لأنها تستخدم توصيفات السنة والشيعة بل يجب ان نلوم الحكومة التي تكرس ذلك فالجميع سنة وشيعة وكرد وتركمان وغيرهم هم أبناء العراق وكلهم ليس فقط من واجبهم الدفاع عن العراق بل من حقهم أن ينالوا شرف ذلك.

5. إذلال مكوّن بحجة أن من يقوم بذلك مكوّن آخر جريمة كبرى.
كلنا يرى ويسمع الشعارات التي ترفعها الميليشيات لقتال داعش والتي تعطي رسالة واضحة بأن”حامليها هم من شيعة علي وأهل البيت” والذين تستهدفهم هذه الميليشيات هم”أهل الصحابة عمر وعثمان” على فرض أنهم “داعش”، فكيف يقبل عاقل أن يجري ذلك في بلد مثل العراق؟ ومن يُقتل من أبنائنا الشباب الشيعة الذين تزج بهم سياسات الدولة بخطط سوداء لإثارة الفتنة هم ليسوا أقل قيمة عندنا وخسارتهم كبيرة، ولمصلحة من يُستخدم هؤلاء البسطاء كأداة لإذلال السنة وتهجيرهم، ومن يقف وراء إصرار عدم السماح بتسليح شباب ورجال هذه المناطق؟
يجب التوضيح للعالم بصورة عامة وللأمريكان بصورة خاصة بأن السنة مضطهدين ومهمشين ليس لأنهم سنة، بل هي عملية ممنهجة لإثارة الفتنة وإنتظار رد الفعل المشروع منهم لإتخاذ قرارت ردع قوية تزيد من فرقة العراقيين وتذهب بالعراق الى الهاوية. ومن يقوم بذلك ليسوا شيعة بل هم دخلاء على آل البيت ويستخدمون الطائفة لتنفيذ سياساتهم الموبوءة.
إن الذي يريد أن يُلصق بالسنة العار لأنهم لايقاتلون دفاعا عن أعراضهم ونسائهم وأطفالهم ومناطقهم وبيوتهم ويروجون أن جحافل ” لبيك ياحسين” تقوم بذلك نيابة عنهم!!. ليسوا شيعة العراق الأصلاء بل هم أعداء العراق والإنسانية.
الذي يهمنا في التنبيه اليه إن الأصدقاء والمقربين منا يعلمون كل ذلك ويعلمون موقف المشروع الوطني من هذا الموضوع ولكنهم ربما إختلط الفهم عندهم ولذلك إقتضى التنويه.
وعلى أصدقائنا أن يعلموا أنه عندما نخاطب الغرب في عقر دارهم وفي منبر من منابرهم المهمة علينا ان نتكلم باللغة التي يفهمونها هم وليس التي نفهمها نحن فقط، أو بالإسلوب الذي لن يكونوا مستعدين لسماعه ولا بالذي نريده منهم أن يسمعوه ولا يعيرونه أية أهمية. تلك هي الفلسفة في مخاطبة الغرب التي يجب إعتمادها.

6. الموقف من الصحوات وخاصة صحوة الأنبار ومبدأ أن نلتزم بمانؤمن به ونقوله أمام العدو والصديق. وفي مقالة الشيخ جمال تطرق الى الموقف من الصحوات وخاصة صحوة الأنبار، وبخصوص هذا الموضوع نوجز لأصدقائنا مايلي:
أ. هناك مفهوم أميريكي جديد ظهر بعد سيطرة داعش على الموصل في حزيران عام 2014 وهو ” الصحوة الجديدة” ومحتواها يتلخص بمايلي:
” أن القضاء على داعش لايكون عسكريا فقط بل يجب أن يصاحب ذلك حل سياسي مصاحب للحل العسكري ومؤشراته الإبتدائية هي بمعالجة تهميش السنة وبالإنفتاح والإعتماد على العرب السنة من سكان المناطق التي إحتلتها داعش وتدريبهم وتسليحهم وإشراكهم بالقتال ضد هذا التنظيم الإرهابي لأنهم سيكونون أفضل من يقاتل دفاعا عن أرضهم وسكانهم ومناطقهم”. وإن الذي ساعد على تفهم الأمريكان لأهمية هذه الخطوة “ذكرياتهم مع صحوة الأنبار وكيف تم القضاء على القاعدة في حينها” وكل هذا وتسميته الجديدة يصب في صالحنا ويجب إستثماره.
وتزامن طرح تسليح السنة مع التحرك السياسي والعسكري المكثف للأكراد لغرض: ” تسليح وتدريب وتجهيز ودعم البيشمركة لقتال داعش بدون المرور بتدخل حكومة بغداد” بل بتجاوز فرض نفسه فلماذا لايكون ذلك للعرب السنة أيضا!!؟.
ب. لقد تبنى الأمريكان هذا المبدأ وجرت مناقشته مع الحكومة العراقية. وعارضت الحكومة بشدة الموضوعين (تسليح وتدريب البيشمركة والسنة – سكان المناطق المحتلة من داعش-).
ج. لإمتلاك الأكراد اللوبي القوي والموارد الكبيرة والعلاقات المتراكمة لهم مع مصادر القرار الأمريكي مع تملكهم لسلاح توحيد المواقف بين الفصائل الكردية والذي لانملكه نحن مع الأسف فقد إتخذ الأمريكان قرارهم بدعم وتسليح وتدريب البيشمركة بدون تدخل الحكومة العراقية.
د. أما مقترح تسليح سكان المناطق المحتلة من داعش من أبناء العشائر فقد إتخذ الأمريكان قرارهم بدعمهم وتسليحهم وتدريبهم بعد موافقة الحكومة العراقية ومن خلالها! وهي خطوة فاشلة منذ لحظتها الأولى ويعود ذلك لضعف التحرك الوطني وضعف موقفه الموحد والمقنع في توضيح الإستفادة الكبرى من تسليح أبناء هذه المناطق للامريكان ولإستخدام (جماعتنا) مفردة” الحشد العشائري” الذي ربطته الحكومة بفالح الفياض مستشار الأمن الوطني وبهادي العامري وأبو مهدي المهندس ويقودهم قاسم سليماني وهذا خدم أعدائنا وكان في صالحهم بدلا من أن يكون في صالحنا.
ه. لذلك نسأل أصدقائنا والقوى الوطنية بأيهما نهتم أولا:
هل نهتم ونسعى جاهدين لإقناع الأمريكان بأن تسليح ودعم وتدريب سكان المناطق المحتلة من داعش من أبناء العشائر.. والتأكيد على أنهم لن يشكلوا تهديدا للحكومة الخائفة منهم والتي لن تكون آمنة بدون تسليحهم كما حدث عام 2014 عندما إجتاحتهم داعش ولايوجد مسدس في بيت أي منهم، وتأكيدنا على أن تسليحهم وإشراكهم في قتال داعش هو الذي سيقضي على الإرهاب، أيهما الأهم هذا العمل أم أن ندخل بنقاشات ونقول للامريكان بان لدينا موقف من صحوة الأنبار وأنها أستخدمت في القضاء على المقاومة، لنرجع لندخل بنقاش عقيم معهم عن الفرق بين المقاومة الوطنية والقاعدة، وننسى هدفنا؟ وهل الهدف تقييم الصحوة أم الهدف إستغلال الظرف لبناء هذه القوة التي ستسهم بالقضاء على داعش وتؤمن الأمن والإستقرار بعدها؟
أيها الأصدقاء..
كتبنا كل ذلك دعما للمقالة وليس دفاعا عنها لأنها في مضمونها دافعت عن نفسها وفكرها الرائد كخطوة أولى في الطريق الطويل.. وهي تخاطب العقل الحاكم الأمريكي ومنظومة صناعة القرار في الدولة الأعظم في العالم، وكان لابد من أن يتفهموا أن إشراك سكان المناطق المحتلة من داعش في قتال هذا التنظيم هو الذي سيقضي على الإرهاب، سواء كانت هذه القوة صحوة أو صحوة جديدة أو قوة عشائرية أو أية تسمية أخرى.. المهم أنها تكون بيد القوى الوطنية النظيفة وليست بيد القوة ذات المنافع الشخصية الرخيصة وبأجندات طائفية سنية كانت أم شيعية.
أيها الأصدقاء الحريصون على إنقاذ العراق..
إن مشكلتنا في هذا الموضوع تتركز بأن إيران والحكومة العراقية والحشد الشعبي تخاف بشكل مباشر وصريح من تشكيل هذه القوة المدربة من سكان مناطقنا التي تحتلها داعش إذا ما إمتلكت السلاح، وتخاف من مستقبلها، ولايسمحون بتشكيلها نوعيا إلا بموافقتهم وبالسيطرة على هذه القوة والتخطيط لمعاركها وربما السعي لتدميرها إن تشكلت.
فأيهما الأهم أن نشكل هذه القوة ونحصل من خلال سعينا على إستثناءات بفصلها عن الحكومة وعن الحشد الشعبي وميليشياته أم نبقى لسنين نتقابل بالتهم عن موقفنا من الصحوة؟
أو نبقى نتجاذب بالقصد من إستخدام هذه المفردة أو تلك والجميع يعرف أن الذي مزّق العراق ودمّره هي الطائفية والتعصب المذهبي والقومي ونختلف حول تسميات لاتقدم غير العرقلة لأي موقف وطني وتؤخر وتضر بدلا من تجاوزها ودعم أي خطوة وطنية رائدة؟
والنصر لعراق موحد وشعب واحد ويسعى لمستقبل مشرق
ومن الله التوفيق.