أوباما يترك الملف السوري في عُهدة البنتاغون والاستخبارات

أوباما يترك الملف السوري في عُهدة البنتاغون والاستخبارات

_91482_pu4

اعتبرت مصادر أميركية مطّلعة أن تحوّلا في إدارة الملف السوري طرأ داخل الإدارة الأميركية يقف وراء قرار واشنطن الاثنين بوقف المحادثات مع روسيا بشأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، ملمحة إلى أن الملف السوري لم يعد في عهدة إدارة الرئيس باراك أوباما الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة.

واتهمت واشنطن موسكو بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الـ9 من سبتمبر الماضي لوقف أعمال العنف وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة.

ولوحت روسيا، من جهتها، بالتصعيد لمواجهة الخطوة الأميركية، وأعلنت عن نشر أنظمة دفاع مضادة للطيران من نوع أس-300 في طرطوس بشمال غرب سوريا، حيث تمتلك منشآت بحرية عسكرية.

ورأت أوساط قريبة من وزارة الخارجية الأميركية أن ضغوطا مارستها المؤسسات الأمنية والعسكرية على البيت الأبيض من أجل تغيير استراتيجية أوباما المعتمدة منذ سنوات في الشأن السوري.

وقالت هذه الأوساط إن الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي مع عدد من الأجهزة الأمنية والعسكرية الأميركية المعنية بالشؤون السورية قبل أيام قد أملى اتخاذ خيارات بأن يسحب من روسيا ما يمكن اعتباره رعاية أميركية لعملياتها العسكرية في سوريا.

ولم تتوفر معطيات إضافية حول ما إذا كان الموقف الأميركي يمثّل انقلابا في تناول واشنطن للملف السوري وهل أن الملف قد أصبح في عهدة البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية كما تشير البعض من التحليلات.

إلا أن مراقبين أميركيين أوحوا بأن الموقف الداخلي قد اتّخذ اتجاهات أخرى منذ الغارة التي شنتها طائرات تابعة للتحالف الدولي ضد الإرهاب على مواقع تابعة للجيش السوري في دير الزور في الـ17 من سبتمبر الماضي.

واعتبرت المصادر، أنه رغم إعلان البنتاغون أن الأمر حصل خطأ، إلا أن مصادر مراقبة اعتبرت أن الأمر رسالة إلى الداخل الأميركي يرفد موقف وزير الدفاع آشتون كارتر الرافض للتعاون الأمني الأميركي الروسي في سوريا.

وقال المحلل السياسي والأكاديمي الروسي ألكسندر فافيلوف في تصريح لـ”العرب” إن “روسيا منزعجة جدا من القرار الأميركي، وتعتبر هذا القرار غير صائب من منطلق أن من يريد الحلّ في سوريا عليه أن ينسق لا أن يعلّق التعاون”.

ألكسندر فافيلوف: موسكو متأكدة من أن واشنطن ستعود إلى الحوار معها بشأن سوريا

وأشار فافيلوف إلى أن “موسكو متأكدة من أنه في نهاية المطاف ستعود واشنطن إلى التعاون معها، وأن روسيا ستستمر في معركة حلب رغم التصعيد الدبلوماسي الدولي من منطلق أنه لا يوجد حلّ مع الإرهابيين”.

ورأى أن “روسيا تؤمن أن هناك توازيا في المسارات، أي أن هناك حلا عسكريا مع الإرهابيين وحلا سياسيا مع المعارضين، وذلك من منطلق أنه من دون تسوية سياسية في سوريا لا يوجد حل حقيقي”.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية الربط بين تعليق المحادثات بشأن سوريا وإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين وقف الاتفاق بشأن التخلص من البلوتونيوم الصالح لصنع أسلحة.

واعتبر المراقبون أن إجراء بوتين مؤشر على أنه على استعداد لاستخدام نزع السلاح النووي كورقة مساومة جديدة في خلافاته مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا وسوريا.

ولاحظ المراقبون تصلّب لهجة وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، حيث انتقد روسيا على “قرارها الطائش غير المسؤول” بدعم الرئيس السوري بشار الأسد، بما في ذلك أن “روسيا غضت الطرف عن استخدام الأسد لغاز الكلورين والبراميل المتفجرة”.

وعمل كيري الثلاثاء في بروكسل على طمأنة حلفائه الأوروبيين، خصوصا بولندا ودول البلطيق، بصلابة التعاون العسكري الأميركي داخل الحلف الأطلسي.

وكرر المسؤولون الأميركيون خلال الأشهر الأخيرة التطمينات الموجهة إلى دول أوروبا الوسطى والشرقية بشكل خاص، التي تتخوف من تهديد روسي محتمل.

ولم يستبعد المراقبون أن تسعى واشنطن إلى تكوين تحالف دولي من الغاضبين تجاه ما يجري في حلب عسكريا وإنسانيا للضغط على موسكو ودفعها إلى مراجعة خيار الحل العسكري في المدينة.

وأعلن مسؤول بوزارة الخارجية الألمانية أمس أن مسؤولين كبارا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا سيجتمعون في برلين الأربعاء لبحث سبل حل الصراع السوري.

ونقلت وسائل إعلام ألمانية عن وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير قوله إن الهدف في مثل هذا الوقت العصيب هو البحث عن اقتراحات بشأن كيفية القضاء على العنف في سوريا والعودة إلى العملية السياسية.

صحيفة العرب اللندنية