القصة الكاملة للخلاف الروسي الياباني حول جزر الكوريل

القصة الكاملة للخلاف الروسي الياباني حول جزر الكوريل

x977-jpg-pagespeed-ic-_2xkwbhfo9

أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أنه يسعى إلى حل سريع “للنزاع مع روسيا حول جزر جنوب الكوريل الواقعة تحت السيادة الروسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقال آبي أمام الاجتماع السنوي للمؤتمر الوطني لاستعادة “الأراضي الشمالية”، وهي التسمية التي يطلقها اليابانيون على جزر الكوريل الجنوبية، “سكان الجزر السابقون يتقدمون في العمر، ونحن ننطلق من ضرورة الحل العاجل لمشكلة الأراضي الشمالية”.

وتعهد رئيس الحكومة اليابانية بأنه سيبذل كل جهد ممكن لدفع المفاوضات مع الرئيس الروسي وحل مشكلة هذه الأراضي، مضيفًا “يُحتفل في هذا العام بالذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية، وعدم وجود اتفاق سلام بين اليابان وروسيا لا يمكن القول عنه إلا أنه خارج عن المألوف”، لافتًا إلى أن العمل يجري الآن للتحضير لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اليابان.

ويجري الاحتفال في اليابان بـ”عيد الأراضي الشمالية” في ذكرى التوقيع على معاهدة “شيمودا” مع روسيا القيصرية عام 1855، والتي انتقلت بموجبها الجزر الأربع إلى اليابان، وتدفع طوكيو بأحقية ملكيتها لهذه الجزر استنادًا إلى هذه المعاهدة، وجعلت من مسألة استعادتها شرطا لعقد معاهدة سلام مع روسيا، وهو الأمر الذي لم يتحقق منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

تقع جزر الكوريل فى منطقة سخالين اوبلاست، وهى أرخبيل بركاني يمتد تقريبًا بطول 1300 كم من شمال شرق هوكايدو إلى كامتشاتكا فى روسيا، وتخضع جميع جزر الأرخبيل وعددها 56 لولاية روسيا، غير أن اليابان تعتبر الجزر الأربعة الواقعة في أقصى الجنوب جزءًا من أراضيها، ما أدى إلى نزاع جزر الكوريل الحالي.

نزاع تاريخي

ظهر الروس في جزر الكوريل في النصف الأول من القرن الثامن عشر، وبعد مرور 100 عام فرضت روسيا في واقع الأمر سيطرتها عليها، وكانت الخرائط الروسية والأوروبية الغربية حينذاك تصف سلسلة جزر الكوريل كلها بأنها جزء من لا يتجزأ من الإمبراطورية الروسية.

وفي عام 1786، حين وصل اليابانيون الأوائل إلى جزيرة ايتوروب وجدوا بعض أهلها الأصليين “أين” يجيدون اللغة الروسية، وفي 28 يوليو عام 1798 جاء اليابانيون ليزيلوا الشواخص الروسية وينصبوا أعمدة لهم تنص على أن هذه الأرض تعد ملكية لليابان الكبرى.

وقد أنشئت في جزيرة هوكايدو اليابانية في عام 1802 الهيئة الخاصة باستيطان جزر الكوريل، ومنذ ذلك الحين اكتسبت عملية التوسع اليابانية طابعًا منتظمًا، وتقدم المبعوث الروسي نيقولاي ريازانوف الذي وصل إلى طوكيو عام 1805 باحتجاج للحكومة اليابانية؛ بسبب أن كل الأراضي الواقعة شمالي ماتسماي أو هوكايدو تعد ملكية للإمبراطور الروسي.

لكن في عام 1855، وعندما كانت روسيا تخوض حرب القرم، والتي تسببت في إضعافها وجعلها توقع قسرًا على اتفاقية “سيمود “، التي تنازلت بموجبها لصالح اليابان عن جزر الكوريل الجنوبية “هابوماي وشيكوتان وكوناشير وايتوروب”، مقابل إحلال السلام الأبدي والصداقة الدائمة، وفي عام 1875 تم عقد اتفاقية بطرسبورج التي تنازلت روسيا بموجبها عن سلسلة جزر الكوريل كلها مقابل اعتراف اليابان بحق الملكية الروسية على جزيرة ساخالين، أو تعهد اليابان بعدم الادعاء بأراضي لم تكن تملكها أبدًا.

بعد الحرب العالمية الثانية

تمكن الاتحاد السوفيتي في أثناء الحرب العالمية الثانية من إقناع حليفتيه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في الائتلاف المضاد لهتلر، بالموافقة على إعادة الاتحاد السوفيتي لأراضيه التي احتلتها اليابان، وفي فبراير عام 1945 عقد في مدينة يالتا المؤتمر الذي توصل إلى اتفاق حول موعد دخول الاتحاد السوفيتي الحرب مع اليابان، وذلك مع شرط أن يعاد إلى موسكو بعد انتهاء الحرب القسم الجنوبي من جزيرة ساخالين وجزر الكوريل.

وعقد في عام 1951 مؤتمر السلام في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية بهدف عقد معاهدة للسلام مع اليابان، ورفض الوفد السوفيتي توقيع المعاهدة التي طرحت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا مشروعًا لها، فاقترحت موسكو تعديلاتها للمعاهدة، ولكن لم يتم أخذها بالحسبان.

وفي عام 1956 توجهت اليابان بطلب انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة، فتم توقيع البيان المشترك بين البلدين حول تطبيع العلاقات بينهما، وتشير بعض التقييمات إلى أن هذه الوثيقة كان من شأنها أن تضعف مواقف الاتحاد السوفيتي فيما يتعلق بمسألة حدودها، وكانت المادة التاسعة للبيان تنص على أن الاتحاد السوفيتي يوافق على “أن تسلم إلى اليابان جزيرتا هابوماي وشيكوتان، مع شرط ألا يتم ذلك إلا بعد توقيع معاهدة السلام بين الاتحاد السوفيتي واليابان”.

كانت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة تؤيد موقف اليابان في النزاع حول جزر الكوريل الجنوبية، وتبذل كل ما في وسعها للحيلولة دون تخفيف الموقف، فأعادت اليابان النظر في موقفها من بيان عام 1956 تحت ضغط الولايات المتحدة، وصارت تطالب بإعادة جميع الأراضي المتنازع عليها، واشترط الاتحاد السوفيتي لتوقيع معاهدة الأمن اليابانية الأمريكية الجديدة إعادة جزيرتي هابوماي وشيكوتان إلى اليابان، وانسحاب جميع القوات الأجنبية من أراضيها.

وردًا على ذلك، تقدمت اليابان باعتراض مفاده أنه لا يمكن أن يغير من جانب واحد مضمون البيان المشترك بين الاتحاد السوفيتي واليابان، والذي يعد معاهدة صادق عليها برلمان كلا البلدين، فوردت بعد فترة تصريحات من الجانب السوفيتي مفادها أن مسألة الأراضي في العلاقات بين الاتحاد السوفيتي واليابان قد تم حلها في أيام الحرب العالمية الثانية، ولذلك فقد انتهت بحد ذاتها.

وكان البيانان المشتركان – السوفيتي والياباني – اللذان تم اتخاذهما في عامي 1973 و1991، ينصان على أهمية توقيع معاهدة سلام بين البلدين وحل ما تبقى من مسائل النزاع التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، واعترفت طوكيو بأن روسيا هي الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي، وما تزال المباحثات التي كانت تجرى بين الاتحاد السوفيتي واليابان في موضوع عقد معاهدة السلام مستمرة بين اليابان وروسيا الاتحادية.

في عهد فلاديمير بوتين

في عهد فلاديمير بوتين وكويدزوميو، أعرب الرئيس بوتين في عام 2005 عن استعداده لحل نزاع الأراضي طبقًا لبيان عام 1956، أو بالأحرى تسليم جزيرتي هابوماي وشيكوتان إلى اليابان، لكن الجانب الياباني لم يوافق على الحل الوسط.

في يوليو عام 2007، قبِل سيرجي ناريشكين نائب رئيس الوزراء الروسي، اقتراحًا تقدم به ياسوهيسا شيوزاكي سكرتير مجلس الوزراء الياباني، بتقديم المساعدة في تطوير منطقة الشرق الاقصى الروسية، وذلك بغية تخفيف التوتر بين البلدين.

وكان الحديث يدور حول تطوير الطاقة الذرية ومد كابل الإنترنت عبر الأراضي الروسية؛ للاتصال بين أوروبا وآسيا وتطوير البنية التحتية، وكذلك التعاون في مجال السياحة وحماية البيئة والأمن، وكان قد نظر في الاقتراح في يونيو عام 2007 خلال قمة الثماني الكبار بين شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، وفلاديمير بوتين رئيس روسيا.

وقد جرى في 1 يوليو، اللقاء بين رئيس روسيا السابق ورئيس وزرائها الحالي دميتري مدفيديف، ورئيس الوزراء الياباني تارو أسو، ولم يسفر اللقاء عن حدوث أي تحريك في مسألة الأراضي.

التقرير