تجمُّع دول شرق إفريقيا بين احتمالية البقاء والتفكك

تجمُّع دول شرق إفريقيا بين احتمالية البقاء والتفكك

26abf3406b754d598ce201cc0c5b9c85_18

مقدمة

يعتبر تكتل شرق إفريقيا (East African Community) من أقوى التجمعات والتكتلات القُطرية في إفريقيا؛ حيث نجح في تحقيق قدر من التكامل الإقليمي على مستويات كثيرة؛ فعلى عكس الجماعة الإنمائية لجنوب إفريقيا يكاد يكون التجمع منظمة متماسكة حققت العديد من الإنجازات الكبرى والتي استعصت على التكتلات الإقليمية الأخرى في القارة. ففي غضون فترة زمنية قصيرة نسبيًّا لا تتجاوز بضعة عشر عامًا، حقق التجمع تقدمًا في مجال التكامل الإقليمي على جميع المستويات لاسيما القطاع التجاري؛ مما أدَّى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة إلى 110 مليارات دولار في عام 2014.

ومع ذلك، فإن التجمع ما زال يعاني من هشاشة في تطبيق بعض البروتوكولات والتي يتحفظ عليها بعض دول الأعضاء وكذلك المشكلات الحدودية والتنافس غير الشريف أحيانًا بين أعضائه، إضافة إلى ضعف آلية الاندماج الإقليمي مع ما يسود هذه الدول من فوارق في الناتج المحلي وفي ظل التباين العِرقي والثقافي بين سكانها؛ ما يجعل التجمع يعيش في مرحلة بين احتمالية البقاء والتفكك.

وفي هذه الدراسة سنحاول أن نسلِّط الضوء على بعض ما حقَّقه هذا التجمع من إنجازات منذ تأسيسه قبل 17 عامًا تقريبًا، ومقابل ذلك سنطرح جانبًا المشاكل التي قد تمثِّل عائقًا أمام التكامل الإقليمي للمجموعة، إضافة إلى مدى إمكانية التجمع لقبول عضوية الدول الراغبة للانضمام، مثل: الصومال، في وقت وافق التكتل على عضوية جنوب السودان رسميًّا في مارس/آذار 2016 على الرغم من التشابه السائد في البنية الهيكلية بين الدولتين (الصومال وجنوب السودان).

 وأخيرًا، سنحاول استشراف آفاق المستقبل لهذا التجمع، وما إذا كان سيتخطى التحديات والعقبات الماثلة أمامه والتي تحول دون تحقيق أهدافه والمسارات التي رسمها لنفسه منذ عام 1991 أم لا.

خلفية عن التجمع

تأسَّس تجمع شرق إفريقيا عام 1967 من قِبل كينيا وتنزانيا وأوغندا لكنه لم يستمر سوى 10 سنوات؛ حيث تمَّ حلُّه بسبب انتشار النزاعات في المنطقة وتدهور البنية التحتية، فضلًا عن الحرب بين تنزانيا وأوغندا في السبعينات، ثم تمت إعادة تأسيسه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1999؛ وذلك عندما عقدت الدول الثلاث مؤتمرًا في مدينة “أروشا” التنزانية والذي تم التوقيع فيه على إنشاء التجمع مرة ثانية كمنظمة إقليمية جديدة، غير أن التجمع بدأ ممارسة مهامه وأنشطته في 2001.

ففي بداية عام 2007 طلبت كل من جمهوريتي “رواندا، وبوروندي” الانضمام إلى التجمع، وأصبحتا عضوين رسميين في 1 يوليو/تموز 2007 بموافقة من الدول الأعضاء.

يهدف تجمع شرق إفريقيا إلى توسيع وتعميق التعاون بين دول المجموعة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة بين أعضائه، كما يهدف إلى إقامة كتلة اقتصادية إقليمية كبيرة ذات تأثير اقتصادي في المنطقة.

يبلغ إجمالي مساحة دول التجمع نحو 1.820.000 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانه أكثر من 125 مليون نسمة، وإجمالي الناتج المحلي نحو 73 مليار دولار، وفقًا لإحصائيات عام 2009، كما يصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 1065 دولار أميركي وفقًا لإحصائيات 2004(1).

الإنجازات في ظل التحديات

منذ أن تأسَّس الاتحاد في عام 1999، حقَّق مجموعة من الإنجازات النسبية التي أسهمت في تحسن الأوضاع الداخلية لأعضائه، غير أن الطريق إلى تلك الإنجازات لم تعد بدون عقبات وتحديات في ظل ما تفرضه البيئة والظروف المحيطة بها، ويمكن إجمال الإنجازات فيما يلي:

السوق المشتركة والتجارة

نجح التجمع منذ تأسيسه في ترويج أنشطته التجارية في الأسواق التقليدية في أوروبا وأميركا الشمالية وكذلك في الأسواق الجديدة الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية. وقد حققت مؤتمرات الاستثمار للتجمع التي تقام سنويًّا منذ عام 2008 نجاحًا كبيرًا في رفع الإمكانات الاقتصادية والفرص الاستثمارية في الدول الأعضاء، لاسيما بعد استضافة التجمع “المنتدى الاقتصادي العالمي لإفريقيا” في عام 2010؛ ما جعل المنطقة محورًا رئيسيًّا للتجارة، والسياحة، والاستثمار العالمي.

وقَّع التجمع أيضا ككتلة إقليمية موحَّدة اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي، أغسطس/آب 2014 والولايات المتحدة الأميركية، فبراير/شباط 2015، بشأن الاستثمار ليصبح بعد ذلك في  طليعة التكتلات الإفريقية الثلاثية (تجمع شرق إفريقيا-الكوميسا-سادك) في مجال التنمية الاقتصادية؛ حيث وصل إجمالي حجم اقتصاد مجموعة شرق إفريقيا في عام 2014 إلى 110 مليارات دولار أميركي مقارنة مع عام 1999 (20 مليارًا)، فيما لا تزال الدول الأعضاء تسعى إلى إعداد خطط للبنية الأساسية عبر الحدود لجلب المزيد من الممولين المحتملين(2).

الاتحاد النقدي

ففي عام 2005، خطا التجمع خطوة نوعية نحو تعميق التكامل الإقليمي وذلك عندما وقَّعت الدول الأعضاء بروتوكول “الاتحاد النقدي” على غرار الاتحاد الأوروبي ما سيؤدي إلى انخفاض تكاليف المعاملات التجارية مع زيادة في النشاط الاقتصادي(3).

وعلى الرغم من أن العملة الموحدة لم تدخل حيز التنفيذ، وربما تتأخر أكثر من عشر سنوات، إلا أن البروتوكول يمثِّل إشارة قوية لدفع عجلة التنمية إلى الأمام في المنطقة. وهو ما اعتبره البعض بمثابة نقطة تحول من منطقة مليئة بالنزاعات والصراعات إلى وجهة استثمارية واعدة على خريطة العالم.

وبموجب البروتوكول تسعى الدول الموقِّعة إلى إنشاء مؤسسات موحدة، تشمل بنكًا مركزيًّا وهيئة إحصاءات، تهتم في المقام الأول بدعم العملة الموحدة، وكذلك تنسيق السياسات النقدية والمالية، بحيث تقدِّم الدول الخمس (كينيا، تنزانيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، إضافة إلى جنوب السودان) موازناتها السنوية في توقيت واحد، أي في شهر يونيو/حزيران من كل عام. كما حقق الاتحاد بعض أوجه النجاح من خلال سهولة تحويل عملات دول الأعضاء إلى عملات الدولة الأخرى،  ومع ذلك فإن القلق إزاء العملة الموحدة ما زال موجودًا حول ما إذا كانت الدول ستلتزم ببروتوكول الاتحاد النقدي أم لا.

الاتحاد الجمركي

أنشأ التجمع اتحادًا جمركيًّا في 2005، ودخل الاتحاد بالفعل حيز التنفيذ من 2010، لتفتح بورصة نيروبي بعد ذلك أبوابها أمام المستثمرين من تنزانيا وأوغندا، بحيث أصبح من السهل على رجال الأعمال في الدول الأعضاء شراء أسهم في شركات الدولة الأخرى.

ومع ذلك، فإن الطريق الشائك الذي تسير فيه الدول الأعضاء لخلق الاتحاد الجمركي الذي يقرر إلغاء التعريفة الداخلية وتبنِّي تعريفة خارجية مشتركة على البضائع الواردة من الدول الأخرى تعترضه تحديات كبيرة، من أهمها: كيفية التوصل إلى اتفاق بشأن التعريفة الخارجية المشتركة في ظل الاختلاف الواضح بين الدول الأعضاء في مستويات التنمية الصناعية والبنى الاقتصادية ومضامين العائدات المتفاوتة، والتنمية غير المتساوية.

الاتحاد السياسي

في وقت مبكر من عام 1999، شرعت الدول الشريكة في EAC في التعاون في مجال العلاقات الخارجية وذلك في إطار مذكرة  تفاهم  وقَّعتها الدول الأعضاء بشأن تنسيق السياسة الخارجية، وينص البروتوكول الموقع على تنسيق مواقف البعثات الدبلوماسية في المحافل الدولية، وتشمل أنشطة التنسيق في السياسة الخارجية تقاسم المرافق والخدمات القنصلية، وكذلك التنسيق في الترشيحات التي تقدمها الدول الأعضاء لشغل الوظائف الشاغرة في المنظمات الدولية؛ حيث قررت الدول الأعضاء إجراء المشورة فيما بينها قبل أن تتخذ قرارًا بدعم مرشحٍ ما لشغل المناصب في الهيئات الدولية.

وقد وضعت الدول الأعضاء تطوير هياكل ونظم واسعة حول القضايا الدستورية. وتشمل هذه القضايا: سيادة القانون، وحقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، والشفافية، والمساءلة، ومراقبة الانتخابات، ورصد وحماية حقوق الإنسان، والسياسة الخارجية للتنسيق والدفاع ومسائل السلم والأمن الإقليمي.

الدفاع المشترك

يمثِّل الدفاع والأمن الإقليميان إنجازًا آخر حققه تجمع شرق إفريقيا؛ حيث وقَّعت دول الأعضاء بروتوكولًا ينظِّم التعاون في مجال الدفاع والأمن الأمر الذي يمهد الطريق لتعزيز وتوسيع التعاون في السلام والأمن الإقليميين بهدف مواجهة قضايا انعدام الأمن الذي تعاني منه دول الأعضاء(4)، إضافة إلى الحد من ظاهرة القرصنة في مياه المحيط الهندي وانتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والتي ما زالت منتشرة في معظم أقاليم دول الأعضاء. لذلك تعتبر قوات شرق إفريقيا أحد أهم مكونات البعد الاستراتيجي للإقليم، وتتكون من الجيش والشرطة والعناصر المدنية، وخُصصت هذه الوحدات للتدخل السريع وعمليات حفظ السلام في الدول الأعضاء, كما أن من مهامها تعزيز السلم والأمن في المنطقة، ويتم تمويل هذه القوات عبر الاشتراكات من الدول الأعضاء بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة. كما أن هنالك خبراء ومستشارين مهمتهم التطوير وتنمية القدرات وإعداد الخطط والسياسات اللازمة لعمل القوات بكافة مكوناتها العسكرية. وتسعى البلدان الأعضاء في التجمع لتوسيع التعاون العسكري من خلال التدريب المشترك للقوات وتبادل التسهيلات والمعلومات الاستخباراتية.

التوظيف الجماعي

تبنَّت الدول الشريكة التوظيف الجماعي واستراتيجيات الحدِّ من الفقر في برنامج عمل يركِّز على زيادة فرص العمل، ويشير إلى أن “سياسات تجمُّع شرق إفريقيا والمشاريع والبرامج تنوي المساهمة ضمنًا وتلقائيًّا في الحد من الفقر من خلال التركيز العام على التكامل”. وقد عقد التجمع المؤتمر الإقليمي الفرعي في شرق إفريقيا بشأن العمالة للتخفيف من وطأة الفقر، في زنجبار مايو/أيار 2005، واعتمدت خطة العمل. وفي هذا الصدد، يتم تقييم المشاريع والبرامج من خلال تجمع شرق إفريقيا من حيث إسهامها في القضاء على الفقر في المنطقة.

التحديات

1- مشاكل الحدود

يمثِّل النزاع الحدودي بين الدول الأعضاء تحديًا كبيرًا أمام التكامل الإقليمي؛ فكينيا وأوغندا يدور بينهما نزاع على ملكية جزيرة مغينغي Miging بحيث تدعي كلتاهما ملكية الجزيرة، وقد فشلت جميع الجهود الدبلوماسية لحل النزاع عبر الحوار السياسي بين البلدين.

وعلى نفس المنوال هناك نزاع حدودي بين تنزانيا وأوغندا منذ السبعينات على ما يسمى منطقة “كاجيرا”، وهو شريط حدودي يصل إلى 1800 كيلومتر مربع. كما أن العلاقات بين رواندا وتنزانيا أيضًا متوترة بعد مزاعم دعم الحكومة الرواندية للصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وعلى الرغم من أنه يتم إحالة أي نزاع بين الدول الأعضاء إلى محكمة العدل والتي تأتي تحت التجمع ومقرها في مدينة أروشا التنزانية إلا أن المحكمة فشلت في الحد من تلك النزاعات.

2- التحالفات الجانبية والتنافس بين الدول الأعضاء

تنزانيا هي أكبر بلد في التجمع، فهي تشترك في الحدود مع جميع الدول الشريكةEAC ، ولديها مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والتي يمكن استخدامها كسلَّة الغذاء لدول التجمع، إضافة إلى أنها غنية بالموارد الطبيعية بما في ذلك الحياة البرية والعديد من مواقع الجذب السياحي.

ومع ذلك، ترددت تنزانيا دائمًا في تسريع عملية التكامل الإقليمي على الرغم من أنها تبدي حماسًا “ظاهريًّا”؛ فتنزانيا وبوروندي يعانيان من تهميش واضح من قِبل كينيا وأوغندا ورواندا، ويتجلَّى ذلك من خلال موافقة الدول الثلاث الأخيرة على بناء سكك حديدية جديدة تربط بينها وذلك دون تنزانيا وبوروندي؛ الأمر الذي دفع المسؤولين التنزانيين إلى طلب تفسير لذلك أكثر من مرة.

مقابل ذلك، فقد رفضت تنزانيا محاولة من الدول الثلاث أيضًا لاتفاق ملزم حول الموارد المشتركة، مثل الاستفادة من مياه بحيرة “فيكتوريا” والتي يشترك فيها جميع الدول الأعضاء إضافة إلى المحميات البرية.

علاوة على ذلك، فإن الدول الثلاث، كينيا وأوغندا ورواندا، أطلقت مؤخرًا تأشيرة سياحية موحدة والتي دخلت حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2015، مقابل تحفظ تنزانيا وبوروندي على الاتفاق، واللتين يقال: إنهما غير متعجلتين في عملية التكامل الإقليمي(5).

3- التنازع على توسيع عضوية التجمع

تظل قوة الدفع نحو الاتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي قائمة بين دول المجموعة وتلك الراغبة في الانضمام إليها؛ فالمجموعة التي انطلقت بعضوية ثلاث دول في العام 1997، هي: كينيا، وأوغندا وتنزانيا) وانضمت إليها بعد ذلك رواندا وبوروندي في عام 2007، تسعى إلى توسيع عضوية التجمع؛ حيث إن تنزانيا ترغب بتوسيع العضوية لتشمل جمهورية مالاوي وبعض الدول في جنوب إفريقيا بينما تتحفظ كينيا وأوغندا على توسيع العضوية نحو الجنوب الإفريقي مقابل سعيهما إلى استقطاب دول أخرى.

وفي هذا الإطار، فقد نجحت كينيا وأوغندا في ضمِّ دولة جنوب السودان الفتية إلى الاتحاد رسميًّا في مارس/آذار 2016 أثناء انعقاد القمة الـــ(17) العادية للمجموعة، وبذلك أصبحت جنوب السودان هي العضو السادس في التجمع.

عضوية جنوب السودان في مجموعة شرق إفريقيا ليست حصرًا على المنافع الاقتصادية ولكن لها أهمية تاريخية؛ حيث إن هناك خصائص مشتركة بين جنوب السودان وبين دول الأعضاء كالتجانس العِرقي والديانة، وغير ذلك، وهو ما يفتقره الصومال على الإطلاق ويؤجل عضويته في المجموعة.

وعلى الرغم من أن الصومال وجنوب السودان يعانيان من عدم الاستقرار والذي كان يعرقل انضمامهما إلى التجمع على حدٍّ سواء، إلا أن قبول عضوية جنوب السودان جاءت في إطار القبول الواسع الذي يحظى به من الدول الأعضاء على المستويين الرسمي والشعبي، باعتباره يشترك مع دول الأعضاء وتحديدًا كينيا وأوغندا في خصائص منها التجانس العرقي، إلى جانب أنه كان مدعومًا من التجمع أثناء سعيه للانفصال عن السودان، بل كانت جمهوريتا كينيا وأوغندا تقومان بتسليح الحركة الشعبية لمواجهة النظام في الخرطوم، وبذلك لم تلقَ عضوية جنوب السودان اعتراضًا يُذكر من الدول الشريكة وتم قبولها.

مقابل ذلك، فإن الطريق أمام الصومال للحصول على العضوية لن يكون ممهدًا بالورود، لاعتبارات كثيرة، غير أن العامل الأكثر والذي ربما سيظل عائقًا أمامه نحو التجمع هو التباين العرقي والديني بينه وبين معظم الدول الأعضاء إلى جانب ما يسود من هواجس لدى شعوب دول التجمع من العنصر الصومالي، والذي قد يُغرق السوق التجاري لهم سلعًا أكثر جودة وسرعة كما هي الحال في السوق الكيني حاليًّا. 

آفاق المستقبل للتجمع

هناك تباين واضح بين دول التجمع ومن أبرز الأمثلة على ذلك الاختلاف في الأوضاع الاقتصادية؛ إذ إن هناك فجوة هائلة في الناتج المحلي والدخل الفردي بين دول الأعضاء ومن شأن هذه الفجوة أن تعوق أي تكامل اقتصادي بين الكتلة.

هناك عدد من التحديات يقف في طريق تحقيق الفوائد المتوقعة من السوق المشتركة، وتشمل هذه التحديات عدم كفاية القدرات (المستوى المؤسسي) لتدجين السياسات الإقليمية، وتدني مستويات الوعي في البلدان الشريكة، والاختلاف في النظم والقوانين، والميول الوطنية المستمرة، وضعف القطاع الخاص، والاختلافات في النظم التعليمية والثقافية، والحواجز اللغوية، وعدم كفاية التدابير الوقائية، وضعف آليات تسوية المنازعات. كل ذلك يمثِّل تحديًا أمام التجمع في تحقيق التكامل الإقليمي.

ليس هناك نظام يعالج التزامات الدول الأعضاء حول عضوية إحداها في تكتل آخر في القارة؛ فمثلًا أوغندا وكينيا، كل منهما عضو في جماعة “الكوميسا” وفى الوقت ذاته هما عضوان مؤسِّسان في تجمع شرق إفريقيا، وهو ما يخلق ازدواجية في الخطوات اللازمة لتحقيق التكامل الإقليمي.

خاتمة

ومع أن تجمع شرق إفريقيا يعتبر ناجحًا إلى حدٍّ ما مقارنة بالتكتلات الإفريقية الأخرى إلا أنه ما زال يعاني مشاكل عديدة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية إضافة إلى التجاذبات السياسية بين أعضائه ما يجعل مسيرة التجمع في التكامل الإقليمي بين احتمالية البقاء والتفكك.

فهد ياسين

مركز الجزيرة للدراسات