مقارنة بين مشروعي القرار الروسي والفرنسي بشأن سوريا

مقارنة بين مشروعي القرار الروسي والفرنسي بشأن سوريا

501

مشروعا قرار قدمتهما على التوالي فرنسا وروسيا للتصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن الهدنة في حلب السورية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء سوريا. وبينما سقط القرار الأول بفيتو روسي فشل الثاني لعدم نيله العدد اللازم من الأصوات لإقراره.

وكان مجلس الأمن عقد يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 جلسة طارئة لبحث الأوضاع في سوريا، إثر تحذير مبعوث الأمم المتحدة إليها ستيفان دي ميستورا من أن الأحياء الشرقية من حلب -التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية– ستدمر بالكامل خلال أشهر إذا استمرت الغارات الجوية الروسية والسورية العنيفة عليها.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيروت “إذا لم نفعل شيئا فإن هذه المدينة (حلب) ستصبح قريبا دمارا، وستبقى في التاريخ كبلدة ترك سكانها لجلاديهم…، وإذا لم يستيقظ المجتمع الدولي فإنه سيتقاسم المسؤولية” عن ذلك.

القرار الفرنسي
تفاوض أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر مدة أسبوع على مشروع القرار الذي صاغته فرنسا وإسبانيا، وعُرض للتصويت في المجلس يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2016، فحصل على موافقة 11 صوتا، وامتنعت الصين وأنغولا عن التصويت، وعارضته فنزويلاوروسيا التي أسقطته لامتلاكها حق النقض (الفيتو)، وهي المرة الخامسة التي تجهض بها قرارا للمجلس يتعلق بسوريا.

ومن أهم البنود التي تضمنها مشروع القرار الفرنسي:

– الدعوة إلى وقف إطلاق النار في حلب وفرض حظر “فوري” للضربات الجوية وطلعات الطائرات الحربية فوق مدينة حلب.

– إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، وإلى مختلف المناطق في سوريا.

– التهديد باتخاذ “مبادرات أخرى” إذا لم يُحترم تطبيق القرار، لكن دون الحديث عن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة وفرض عقوبات.

لقرار الروسي
قدم مشروع القرار الروسي إلى مجلس الأمن في اليوم نفسه الذي أسقطت فيه روسيا بالفيتو القرار الفرنسي، وكانت موسكو تستهدف بقرارها هذا إحياء اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا بسوريا في 9 سبتمبر/أيلول 2016 وانهار بعد أسبوع من سريانه.

وقد أخفق مشروع القرار الروسي في الحصول على تأييد الحد الأدنى من الأصوات اللازم لإقراره داخل المجلس، وهو موافقة تسعة أصوات مع عدم استخدام أي من الدول الخمس الدائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين) لحقها في النقض (الفيتو).

ففي حين لقي مشروع القرار تأييدا من أربعة أصوات (روسيا والصين وفنزويلا ومصر)؛ رفضه تسعة أعضاء، وامتنع عضوان (أنغولا وأوروجواي).

ومن أبرز النقاط التي احتوى عليها مشروع القرار الروسي:

– الدعوة إلى “التنفيذ الفوري لوقف الأعمال القتالية وخصوصا في حلب” (على غرار مشروع القرار الفرنسي)، مع تعديلات روسية تعيد التركيز مرة أخرى علىاتفاق الهدنة الذي توصلت إليه مع الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2016.

– الترحيب بمبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الداعية إلى خروج مقاتلي جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) من أحياء حلب الشرقية، ومطالبة الأمم المتحدة بوضع خطة تفصيلية لتنفيذها وجعل ذلك “أولوية رئيسية”.

– ضرورة التحقق من فصل قوات المعارضة “المعتدلة” عن جبهة فتح الشام باعتبار أنها مصنفة “إرهابية” من جانب الأمم المتحدة، ويطالب بألا يدعم أي طرف في الصراع السوري أي “جماعة إرهابية” بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية.

– استبعاد المطالبة بوقف الضربات الجوية الروسية والسورية على حلب.

– مطالبة جميع الأطراف بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين.

سجال الفرقاء
سبق إسقاط كل من الطرفين لمشروع قرار الآخر وأعقبه سجال محموم بين المعسكرين المتباينين في مجلس الأمن، فقد استبق الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند التصويت على قرار بلاده بقوله “إن أي دولة تستخدم الفيتو ضد مشروع القرار الفرنسي ستخسر مصداقيتها أمام العالم، وستكون مسؤولة عن استمرار الفظاعات”، في إشارة لروسيا.

وحث وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت -في كلمته أمام المجلس قبيل التصويت على قرار بلاده- الجميع على التحرك فورا لإنقاذ حلب، معتبرا أن النظام السوري “الوحشي هدفه ليس محاربة الإرهاب” بل السيطرة على حلب بأي ثمن.

أما بريطانيا فاعتبرت أن مشروع القرار الروسي يكشف عدم قيام موسكو بمسؤولياتها، مشيرة إلى أن ما يحدث في حلب يعد “استهانة بالكرامة الإنسانية”.

وقال سفيرها في الأمم المتحدة ماثيو ريكروفت إن هذا القرار “محاولة ساخرة لتشتيت الانتباه عن قصف حلب”. وأضاف “إنه يوم سيئ لروسيا لكنه أكثر سوءا لسكان حلب، لأنه ما دام المجلس غير متحد فإنه لن تكون هناك نهاية لهذه الحرب”.

وهاجم ديفد بريسمان نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روسيا ونظام بشار الأسد، وقال إنهما يقفان وراء الفوضى الحالية في حلب “ويتعين عليهما وقف قتل الأطفال لأن الإرهاب لا يولد إلا الإرهاب”.

ووصف بريسمان موسكو بأنها “أصبحت أحد المتعهدين الرئيسيين للإرهاب في حلب باستخدامها تكتيكات مقترنة في العادة بقُطّاع الطرق أكثر من الحكومات”. واتهمها بأنها تستخدم مكافحة الإرهاب ذريعة لمساعدة الأسد على استعادة حلب ولو بالقوة الوحشية.

وفي المقابل، هاجم مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين -الذي يرأس المجلس في دورة شهر أكتوبر/تشرين الأول- مشروع القرار الفرنسي الخاص بسوريا، واتهمه بأنه “يستند إلى الدعاية ولذلك فإنه محكوم عليه الفشل”.

وقال تشوركين “ندرك تماما أن مشروع القرار الفرنسي ونظيره الروسي المطروحين للتصويت حول سوريا لن يتم اعتمادهما”، واصفا التصويت المزدوج على المشروعين الفرنسي والروسي بأنه من “أغرب المشاهد في تاريخ مجلس الأمن”.

وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة ليو جياي إن بعض محتوى المشروع الفرنسي “لا يعكس الاحترام الكامل لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا”، في حين أن المشروع الروسي فعل ذلك. وخاطب ليو المجلس قائلا: “نأسف لأن القرار (الروسي) لم يتم اعتماده”.

الجزيرة