الموصل.. قبل وبعد

الموصل.. قبل وبعد

576
لم تبدأ بعد معركة تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم «داعش»، لكن التحضيرات لها جارية.
ومع أنها ليست المدينة العراقية الوحيدة التي بسط التنظيم قبضته عليها، وأيضاً ليست أولى المدن التي أريد إلحاق الهزيمة به فيها،لكن ما من مدينة أخرى حظيت بذات الدرجة من الأهمية حين دارت معارك تحريرها، وما من مدينة صوبت نحوها الأنظار المحلية والإقليمية والدولية كما هي الحال بالنسبة للموصل.
ولذلك أسبابه الوجيهة: الموصل هي ثاني أهم المدن العراقية بعد العاصمة بغداد، وفيها يمر نهر دجلة، وإضافة إلى أهميتها الزراعية، فإنها تحتوي على أهم الحقول النفطية، وهي أولى المدن التي بدأ «داعش» بالسيطرة عليها، ومن على منبر أهم مساجدها أعلن زعيمه أبو بكر البغدادي إقامة دولته في تسجيل مصور نادر لعله كان الأول له والأخير، حتى اللحظة.
و ليست هذه الأسباب الوجيهة فعلاً هي وحدها ما يضفي على معركة الموصل المرتقبة كل هذه الأهمية، ففي الجانب الشرقي من المدينة المحاذي لمدينتي تل أعفر وسنجار تسكن أقلية كردية، وهو ما يجعل من قوات «البيشمركة» طرفاً في معركة استعادة المدينة، وغاية الأكراد من ذلك ليست فقط درء خطر «داعش» عن أراضيهم، وإنما أيضاً فرض أمر واقع بموجبه يضمون جزءاً من أراضي المدينة إلى إقليم كردستان.
وكان هذا الأمر ولا يزال موضع نقاش جدي، لا بين الأكراد وحكومة بغداد وحدهما، وإنما مع أطراف دولية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، كأن لسان حال الأكراد يقول: لن نخرج من المشاركة في معركة الموصل دون ثمن.
يضاف إلى هذا التجاذب الطائفي بين المركز في بغداد الذي يمسك السياسيون الشيعة بمفاصله، وبين الغالبية السنية التي تسكن الموصل، وهو تجاذب اكتسب طابعاً إقليمياً بين تركيا وإيران.
ونشهد سجالاً عراقياً تركياً محتدماً يسبق معركة الموصل، حيث تطالب بغداد بسحب الوحدات التركية من الأراضي التركية، فيما تصر أنقرة على إبقائها للغاية أعلاه.
إذاً، الموصل قبل «داعش» قد لا تعود هي ذاتها بعده.

د.حسن مدن

صحيفة الخليج