على الولايات المتحدة التحرك -أخيراً- لوضع حد للمجزرة السورية

على الولايات المتحدة التحرك -أخيراً- لوضع حد للمجزرة السورية

F041306PM-0035.JPG

استغرق قرار إدارة أوباما تعليق الاتصالات مع روسيا بشأن سورية وقتاً طويلاً، بحيث أنه عندما جاء أخيراً يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، بدا وكأنه مجرد عرض آخر لضعف الولايات المتحدة. وكانت الطائرات الروسية قد مزقت يوم 19 أيلول (سبتمبر) اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه وزير الخارجية جون كيري، عندما قامت بقصف إحدى قوافل المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، والتي كان الاتفاق قد منحها التفويض -وهي جريمة حرب سافرة. ولم يكن سوى بعد أسبوعين حين تخلى السيد كيري نهائياً عن جهوده التي تزداد بؤساً باطراد لحث نظام فلاديمير بوتين الروسي على وقف هجومه الشرس ضد مدينة حلب، والذي شمل غارات قصف متعددة للمستشفيات، وقتل مئات الأطفال.
كان واضحاً كل الوقت أن الجهود الدبلوماسية ستفشل، لأن الولايات المتحدة رفضت استخدام الضغط العسكري ضد نظام بشار الأسد -وهو الافتقار لأدوات الضغط الذي أعرب السيد كيري نفسه عن أسفه عليه أثناء اجتماع مع نشطاء سوريين. ومع ذلك، استمرت المكالمات الهاتفية المتوسلة مع موسكو يوماً بعد يوم، وبقي النظر في خيارات الولايات المتحدة الأخرى في سورية معلقاً، حتى تم تحويل شرق حلب الى ركام.
تساءل أنصار الإدارة بأسى عن السببب في اختيار السيد بوتين عدم المضي قدماً في خطة وقف إطلاق النار التي كانت، كما وصفها المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي فيليب جوردون، “فوزاً نظيفاً” بالنسبة لروسيا. وكانت الصفقة التي تفاوض عليها السيد كيري ستترك نظام الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى، في حين تنضم روسيا والولايات المتحدة معاً في حملة عسكرية ضد خصومه -أولئك الثوار الذين يُعدون “إرهابيين”.
الجواب البسيط هو أن السيد بوتين، بعد أن سرق تلك التنازلات من الولايات المتحدة، اختار مواصلة السعي إلى تحقيق فوز سيكون أكثر حسماً: استيلاء النظام على أكبر المدن السورية. وإذا نجح الهجوم، ستتم إزالة أي إمكانية لمغادرة الأسد سُدة السلطة. وإذا فشلت، فيعتقد الكرملين أنه سيستطع العودة دائماً إلى السيد كيري المستعد للتحدث على الدوام.
يحسب السيد بوتين بوضوح أنه ليس لديه ما يخشاه من الولايات المتحدة؛ وقد أصبح واثقاً جداً حتى أنه ألغى اتفاقاً للتعاون النووي مع واشنطن يوم الاثنين الماضي، وأصدر قائمة شروط قاسية لاستعادة العلاقات، بما في ذلك رفع العقوبات وتعويض روسيا عن تكاليف هذه العقوبات. وفي الأثناء، لم يرد البيت الأبيض بعد على قرصنة روسيا للجنة الوطنية الديمقراطية أو حتى الإقرار علناً بدور موسكو في تلك القرصنة.
تمر الإدارة بطور دراسة اللجوء إلى خيارات جديدة في سورية. ووفقاً لما كتبه جوش روجين من “الواشنطن بوست”، فإن الاحتمالات التي توقع دراستها في الاجتماع الذي انعقد على مستوى وزاري يوم الأربعاء الماضي، تشمل توجيه ضربات بصواريخ كروز لإجبار سلاح الجو السوري على البقاء على الأرض، وتوريد المزيد من الأسلحة المتطورة للثوار الذين يدافعون عن حلب. ويقال أن مسؤولين كباراً في البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية يدعمون اتخاذ مثل تلك الخطوات، لسبب وجيه: إن تقديرهم هو أن سقوط حلب سيزيد من تفاقم التهديد الإرهابي القادم من سورية.
لطالما رفض الرئيس أوباما الخيارات العسكرية مرات عديدة، على أساس أنها لن تؤدي إلا إلى تفاقم النزاع. وكانت النتيجة توسعاً مطرداً للمذبحة في سورية، ونمو القوى الإرهابية، وتقلص نفوذ الولايات المتحدة، لصالح مكاسب روسيا. ولن يؤدي استمرار التقاعس سوى إلى مفاقمة هذه النتائج الكارثية.

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

صحيفة الغد