قلق وترقب.. بانتظار ساكن البيت الأبيض الجديد!

قلق وترقب.. بانتظار ساكن البيت الأبيض الجديد!

56e915fac36188417a8b4579

لا شك أن انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام تاريخية وغير مسبوقة بكل المقاييس، من أول ترشيح من طرف حزب رئيسي لامرأة هي هيلاري كلينتون، إلى ترشيح حزب رئيسي أيضاً لمرشح من خارج المؤسسة الحزبية هو دونالد ترامب، إلى نفوذ وتأثير وسائط التواصل الاجتماعي غير المسبوق وتحولها إلى حلبة هجوم بين الخصمين خصوصاً موقع «تويتر». والأخطر اتهامات أجهزة الاستخبارات الأميركية وإدارة الرئيس أوباما قبل أيام لروسيا رسمياً بالضلوع في قرصنة مواقع لمنظمات سياسية وأفراد داخل أميركا، وعلى رأسها اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي. وكان من اللافت أكثر في أثناء الحملة الانتخابية طلب المرشح الجمهوري دونالد ترامب من روسيا قرصنة حساب كلينتون، واستعادة أكثر من 30 ألف رسالة إلكترونية تم حذفها.

ولهذا السبب ستكون انتخابات الرئاسة الأميركية تاريخية بكل المقاييس، حيث تبقى الكثير من أزمات العالم معلقة على نتائجها، وبانتظار الإدارة الأميركية القادمة، سواء كانت استمراراً للحزب الديمقراطي لفترة ثالثة بفوز قائمة هيلاري كلينتون ومرشح منصب نائب الرئيس السيناتور تيم كاين. أم فوز قائمة رجل الأعمال الملياردير دونالد ترامب ووصول الحزب الجمهوري مرة أخرى للبيت الأبيض بعد أعوام جورج بوش الابن الثمانية. وفي انتظار الإدارة الأميركية الجديدة الكثير من الأزمات والتحديات أبرزها العلاقة المتراجعة مع روسيا، وتحدي صعود التنين الصيني، وأزمات الشرق الأوسط وعلى رأسها ملفات سوريا وإيران والأمن الخليجي ومحاربة الإرهاب.

ولهذا السبب تتكرر في كل انتخابات رئاسية أميركية كل أربعة أعوام دعوات مؤداها أنه من المفترض أن تشارك شعوب العالم في انتخاب الرئيس الأميركي وليس الأميركيين فقط، لما للدور الأميركي من تأثير على قضايا وشعوب العالم مما تقوم به واشنطن وتتخذه من قرارات، ولما لا تقوم به وتتجاهله من قرارات ومواقف أخرى!

وتبقى انتخابات الرئاسة الأميركية هي الأهم والأعقد والأكثر تكلفة وتأثيراً على المستوى الدولي. وللتدليل على أهمية ومحورية انتخابات الرئاسة الأميركية، فقد حطمت مناظرة كلينتون وترامب الأولى نهاية سبتمبر الماضي، وهو ما يتوقع أيضاً أن تكرره مناظرتهما الثانية اليوم الاثنين 9 أكتوبر، الأرقام القياسية التاريخية لمناظرات الرئاسة بتجاوز عدد المشاهدين 81,4 مليون مشاهد، زيادة على عشرات الملايين حول العالم الخارجي، وهذا دليل آخر على محورية وأهمية انتخابات الرئاسة الأميركية.

واضح إذن أن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية ومتابعة أميركياً وعالمياً. لأن التناقض والتباين والمخاوف والهواجس كبيرة بين المرشحين. وما يزيد من حجم الهاجس الأمني الخشية من المجهول، ولذلك هناك اهتمام بهذه الانتخابات أكثر من سابقاتها.

وكانت المواجهة بين كلينتون وترامب في أول مناظرة من 3 مناظرات رئاسية لاستمالة ثلث الناخبين الأميركيين المستقلين والمترددين الذين لم يحسموا بعد قرار لـمَن سيصوّتون.. وقد شاهدها نحو ثلاثة أرباع الناخبين الأميركيين، وأظهرت استطلاعات الرأي تفوق كلينتون في المناظرة.

وأكثر ما كان مستفزاً للطبقة الوسطى هو تفاخر ترامب بعدم دفعه ضرائب، واستفادته من الأزمة المالية والعقارية، مدعياً أن ذلك يَعُد ذكاءً! وكان واضحاً الاستقطاب والانقسام والتباين الكبير بين المرشحين. ولكن المناظرة لم تحسم رأي المترددين والمستقلين. وكرّت سبحة الهفوات من ترامب، ونبش سجله المالي والنسائي. وكذلك سجلت سقطات لكلينتون التي وصفت نصف أنصار ترامب بـ«البائسين».

وترامب الذي يأتي من خارج المؤسسة الحزبية للحزب الجمهوري، يسبب إحراجاً لهذه المؤسسة.. وقد كشف ترشيحه وانتزاعه بطاقة حزبه حجم الغضب الشعبي للناخبين من المؤسسة الحزبية، خصوصاً أنه مستمر في انتقاد مؤسستي الحزبين الديمقراطي والجمهوري معاً.

ويبقى تركيز كلينتون الدائم على خطر ترامب بقلة خبرته السياسية وتهوره وازدرائه للنساء والأقليات والسود وذوي الأصول اللاتينية والمسلمين، ومخاطبة قاعدته الضيقة من الرجال البيض وكبار السن والمتقاعدين وغير الجامعيين، واتباع سياسة الإقصاء. وتذكر كلينتون في تعليق لاذع لها أن «شخصاً تستفزه تغريدة، لا يمكن أن نثق بتحكمه في الرمز السري للترسانة النووية الأميركية»، بينما تخاطب هي قاعدتها العريضة، من النساء المتزوجات والشابات والشباب والأقليات، قائلة إنها هي نصيرتهم.

وقد حسم 80 في المئة من الأميركيين رأيهم لـمَن سيصوتون. ويبقى الصراع على نحو 20% من المستقلين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، وهؤلاء هم الشريحة التي سترجح مَن سيفوز بانتخابات الرئاسة في 8 نوفمبر القادم.

وتبرز قضايا تفرض نفسها في حملة انتخابات الرئاسة عن الشأن الأميركي من حماية الأمن الداخلي، والقضايا الاقتصادية والاجتماعية والعلاقة بين الأعراق، والخطط الاقتصادية والوظائف والضرائب. وكذلك الشأن الأمني الخارجي كتهديد تنظيم «داعش»، والتدخلات الخارجية. وكان لافتاً في المناظرة الأولى أنه بعد 13 عاماً من حرب العراق لا تزال تلك الحرب محل انتقادات وتعليقات.. وكانت روسيا هي الحاضر الغائب في المناظرة. ولمحت كلينتون إلى دور روسيا في الاختراقات وقرصنة مواقع إلكترونية للحزب الديمقراطي بغية التأثير على الانتخابات.

وسأعلق على صفحات «الاتحاد» في سلسلة مقالات قادمة، إن شاء الله، على مسار انتخابات الرئاسة الأميركية، في الشهر الأخير قبل يوم الاقتراع. وأنا سعيد بكوني أقدم برنامجاً أسبوعياً «الطريق إلى البيت الأبيض» وللموسم الثالث على التوالي في تليفزيون دولة الكويت، التليفزيون العربي الوحيد الذي يقدم برنامجاً أسبوعياً مباشراً ومتخصصاً عن انتخابات الرئاسة الأميركية منذ يوليو الماضي، وحتى حسم نتيجة مَن سيكون سيد أو سيدة البيت الأبيض. لتنتهي مرحلة الانتظار والترقب التي تسود أميركا والعالم بأسره.

عبدالله الشايجي

صحيفة الاتحاد