الحرب الباردة 2: الغرب يستفيق على روسيا الجديدة ويخشى المواجهة

الحرب الباردة 2: الغرب يستفيق على روسيا الجديدة ويخشى المواجهة

_92162_ru3

يعترف العالم الغربي هذه الأيام بارتباكه إزاء التقدم العسكري الروسي على المسرح الدولي من خلال المنبر السوري، فالولايات المتحدة وأوروبا تموضعتا وفق قواعد الارتخاء الدولي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، فيما كانت موسكو تعد العدة لصدارة العالم من بوابة القوة العسكرية.

ويصف السير جون ساويرس الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني “أم آي 6” الأمر بحالة قد تكون أخطر من الحرب الباردة، عازيا ذلك إلى حالة الفراغ التي تركها الغرب في الميدان السوري وعدم الانتباه إلى نمو القوة العسكرية الروسية في الـ15 عاما الماضية.

وقال السير جون، الذي استقال من منصبه عام 2014، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية الأربعاء “اكتشف الغرب فجأة قدرة موسكو على الإمساك بزمام المبادرة وإنتاج البدائل وتوسيع مناوراتها العسكرية والسياسية لاستباق أيّ ردّ مقابل، وفاته أن يتنبّه لما تخطط له الإدارة الروسية، لذلك عليه الاعتراف أن موازين القوى اختلفت في عالم اليوم بسبب نمو القوة العسكرية الروسية وعزم موسكو على استخدام هذه القوة”.

ويسخر رئيس جهاز المخابرات البريطاني السابق من دعوة وزير الخارجية بوريس جونسون إلى التظاهر أمام السفارة الروسية في لندن، قائلا إنه كان عليه الانتباه إلى مصلحة طاقم السفارة البريطانية في موسكو “كلنا يتذكر ما حصل لسفارتنا في طهران، ولا داعي لهجوم مماثل على سفارتنا في موسكو”.

وكشف السير جون عن بوْنٍ بات يفصل ما بين العقلية الأمنية والعقلية الدبلوماسية، وعن فجوة مقلقة تتسم بها الدبلوماسية الغربية في مقاربة “حالة” روسيا، على ما بدا من أداء وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

ويرفض السير جون الدعوات إلى إقامة منطقة حظر للطيران لحماية السوريين من الطائرات الروسية، قائلا إن هذا الأمر كان يمكن له أن يكون خيارا قبل ثلاث أو أربع سنوات، لكنه لم يعد واقعيا اليوم طالما أن فيه مجازفة بالمواجهة المباشرة مع روسيا.

وعبّر عن قلقه من احتمالات أن تتحوّل أعراض الحرب الباردة إلى حرب حقيقية ساخنة، قائلا “لا تستطيع أن تضع قوات حلف شمال الأطلسي أو القوات الأميركية في نفس مسرح العمليات مع القوات الروسية دون المخاطرة باشتباك مباشر بين القوتين”.

و كرّر سرد رواية الفشل الغربي في سوريا، مذكراً بأن قرار مجلس العموم البريطاني بعدم التدخل بُعيد الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق في العام 2013 وقرار واشنطن عدم تنفيذ ضربات ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد، “لم يترك للغرب خيارات كثيرة”.

ويخرج سرّ المعادلة البسيطة “لقد أخلينا المسرح، والروس دخلوا إليه، بالتأكيد كان الأمر خطأً وفشلنا في الدفاع عن موقفنا”.

ويستغرب المراقبون تأخر العقل الغربي في إدراك مآلات سلوكه السابق وتخلّيه عن دوره في سوريا، لكن الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني يمعن في تشريح الحالة بما يتجاوز الحالة السورية.

ويلـمّح إلى أن العالم الغربي بات متأخرا، وربما ساهياً، عن تبدل موازين القوى، لا سيما نموّ القوى العسكرية للصين وروسيا اللتين استثمرتا الكثير داخل القطاع العسكري بشكل شامل خلال السنين التي تلت زوال الاتحاد السوفييتي.

ويرى السير جون أن “الغرب لم يعد يملك استراتيجية واضحة مع روسيا كما كان الأمر إبّان الحرب الباردة”. وفي غياب ما هو واضح واستشرافي، تبدو المناورة الغربية في أوكرانيا ثم في سوريا مجرد ارتجال صبياني يتولّى ترتيب ردود فعل موضعية على فعل استراتيجي تاريخي أصيل تعدّه موسكو وتعمل عليه انتقاماً لسقوط أطاح يوما بإمبراطوريتها.

صحيفة العرب اللندنية