الموصل بين ألغام الطائفية وتنظيم الدولة الإسلامية

الموصل بين ألغام الطائفية وتنظيم الدولة الإسلامية

_92168_ff3

كشف مسؤولون عراقيون وأميركيون أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية نشروا الشراك الخداعية في مختلف أنحاء مدينة الموصل وحفروا خنادق وجنّدوا الأطفال لأداء أدوار الجواسيس تحسبا لهجوم مرتقب لإخراج الجهاديين من معقلهم في العراق.

وستساهم تلك المعركة، المنتظر أن تبدأ هذا الشهر، في تشكيل مستقبل العراق وما سيخلفه الرئيس الأميركي باراك أوباما من إنجازات.

وحتى إذا تم إخراج التنظيم من الموصل فثمة خطر حقيقي أن ينشب صراع طائفي خاصة إذا كانت الخسائر البشرية في صفوف المدنيين كبيرة في المدينة التي يغلب عليها السنة ويتوجس سكانها من الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة ومن الفصائل الشيعية التي تعتمد عليها.

وقال أربعة من سكان المدينة، في مكالمات هاتفية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن الجهاديين الذين اجتاحوا الموصل دون مقاومة قبل عامين قاموا بتلغيم جسورها الخمسة بالمتفجّرات وأعدوا سيارات ملغومة ومهاجمين انتحاريين وكثفوا من عمليات الرصد والمراقبة.

وقال هوشيار زيباري، الذي كان وزيرا للمالية وقبلها وزيرا للخارجية، إن الجهاديين “يتحصّنون للقتال من أجل الموصل”.

وأكّد زبياري، وهو أحد كبار أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني والمطلع على الاستخبارات الخاصة بتحركات رجال الدولة الإسلامية في الموصل، وكذلك الكولونيل جون دوريان المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إن التنظيم يعمد إلى نقل رجاله وعتاده عبر أنفاق تحت الأرض.

وقال دوريان “ترى مقاتلا يدخل من مكان ويخرج من مكان آخر. وهذه المداخل مكشوفة على الدوام وهي هدف له أولوية”.

وأضاف أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أقاموا تحصينات خرسانية ويستخدمون الكتل الخرسانية في إقامة جدران لسد المداخل أمام القوة المهاجمة.

وقال سكان في الموصل إن المتشددين حفروا خندقا عرضه متران وعمقه متران حول المدينة لملئه بالنفط المشتعل لزيادة صعوبة توجيه الضربات الجوية.

وقد أبدت منظمات الإغاثة قلقها بسبب إمكانية سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين خلال القتال.

وقالت ليز جراندي، منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق، إنه من المتوقع أن يفر 200 ألف من سكان المدينة خلال الأسبوعين الأولين من الاشتباكات.

وقال أحد سكان المدينة إنه تم نشر أطفال في سن صغيرة بعضهم في الثامنة في مختلف أرجاء المدينة للقيام بعمليات المراقبة والإبلاغ عن السكان وفي البعض من الأحيان يكون هؤلاء الأطفال مسلحين بمسدسات وسكاكين. ويتولى الأطفال تجنيد أطفال آخرين للقيام بالمهمة نفسها.

وأضاف، عن طريق تطبيق “الواتس آب”، مستخدما اسما شائعا للتنظيم، “مشهد تنفطر له القلوب أن نرى أطفال الموصل يتحولون إلى إرهابيي المستقبل. أنا علّمت ابني ابن السبع سنوات كل شيء عن مرض التوحد للتظاهر بأنه مريض نفسي لتفادي تجنيده من قبل داعش”.

وقال سكان آخرون إنهم بدأوا يستخدمون هواتف محمولة قديمة لا يمكن أن تحمل عليها تطبيقات مثل فايبر واتس آب أو برنامج فيسبوك ماسنجر، لأن مقاتلي التنظيم لديهم حساسية شديدة تجاه استخدام الهواتف الذكية التي يمكن من خلالها نقل المعلومات إلى قوات الأمن.

ويجلس متشددون على أسطح المباني المرتفعة على مشارف الموصل وهم يحملون نظارات الرؤية الليلية المكبّرة لرصد أي شخص يحاول الهرب كما يحفر مقاتلون حفرا في الشوارع بأجهزة ثقب الأرض لوضع شحنات متفجرة فيها. وقال أحد السكان “إذا وضعوا القنابل في كل حفرة فسيصبح المكان أشبه بالجحيم”.

وبدأ المتشددون يستخدمون النساء في عمليات التفتيش المفاجئة للبيوت حتى يمكنهم التحقق من عدم إخفاء سكانها من النساء أي شيء عن التنظيم.

وقال مواطن من الموصل لوكالة رويترز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، “قبل يومين أسرعت إلى باب بيتي بعد أن سمعت طرقا، وعندما فتحت شاهدت ثلاث نساء يرتدين النقاب مع ثلاثة من مقاتلي داعش وراءهم”.

وقال جميع السكان الذين تحدثوا، إن التنظيم يستخدم رافعات لإنزال مقاتلين تحت الجسور في المدينة ووضع المتفجرات. وقال أحدهم “ينفذون تلغيم الجسور خلال الليل لتجنب الضربات الجوية”.

ويأمل المسؤولون في أن يؤدي إخراج التنظيم من الموصل إلى إضعافه رغم أنه قد يظل يمثل تهديدا للعراق.

وقال زيباري “ربما يلجؤون إلى العمل السري وينفذون أعمالا إرهابية. لكن ليس كحركة منظمة”.

صحيفة العرب اللندنية