من يرأس أميركا: إعلامي محترف في مواجهة سياسية محنكة

من يرأس أميركا: إعلامي محترف في مواجهة سياسية محنكة

_92134_trump3

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن حملتي المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية تستعينان بشبكة سرية من المغردين السياسيين على تويتر، الذين يقومون بنشر الصور المركبة المصحوبة بشعارات يطلق عليها اسم “memes” أثناء المناظرات. وأشارت إلى أن الهدف من هذا النشاط خلق “ترندات” على تويتر من شأنها أن تؤثر على انطباعات الصحافة الأميركية والعالمية.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد انتهاء المناظرة الرئاسية الثانية، انتشرت على موقعي فيسبوك وتويتر اثنتان من الصور المركبة المتنافسة. تصور الأولى المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون مبتسمة، مع شعار حملتها “أنا معها” مكتوب بخط أسود كبير أعلى الصورة، فيما تصور الثانية صورة لكلينتون مع ظل أحمر مكتوب عليها هيلاري كلينتون لديها تعهد انتخابي من ثلاث كلمات وهو “I’m with Her” أو أنا معها. وأسفلها صورة لترامب مكتوب عليها “لدي تعهد مختلف وهو أنا معك أيها الشعب الأميركي”.

وحصلت الصورتان على رقم قياسي من المشاركات على المواقع الاجتماعية. وتؤكد الصحيفة أن من ابتدعهما وروجهما حملتا كلينتون وترامب على التوالي. وتضيف “لا يكون هذا واضحا لمستخدم تويتر العادي، إلا أن معسكري كلينتون وترامب قد وضعا قائمة من شبكات المؤيدين لهما من أجل تضخيم رسائل منتقاة قبل وأثناء المناظرات”. ومساء الأحد الماضي، كانت شبكات المؤيدين السرية تعمل بشكل كامل، وتقوم بإعادة تغريد العشرات من الشعارات التي تم تصميمها إلى جانب الروابط والصور المركبة خلال المناظرة التي استمرت 90 دقيقة.

من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات على أساس كمية التغريدات الطنانة التي يحصل عليها المرشحان

وتذكر الصحيفة أن كل حملة قامت بإرسال أربع رسائل بريد إلكتروني لقواعدها نحو ما سيتم تغريده على تويتر قبل المناظرة. ويطلق المخططون الإستراتيجيون على هذا الأمر اسم “الاستجابة السريعة”، وهو الأسلوب الذي يقوم بتشكيل المنظور الانتخابي في وقت وقوع الحدث. وكان هذا الأمر يطلق عليه قبل 10 سنوات “الحديث إلى الصحافيين”، لكن الآن، يعرف الفريق الإلكتروني في كل حملة أن القصة التي ستنشر في اليوم التالي عن المناظرة تعتمد في جزء منها على ما سيكون “ترند على تويتر” في الليلة السابقة.

ويقول جو روسبارس، الخبير في الشؤون الإلكترونية، إن “تويتر هو أساس ما يتم تمريره من ‘حكمة تقليدية’ في الوقت الحالي.. هم يريدون من خلاله أن يؤثروا على الصحافة”. ورغم ذلك، قالت دراسة أميركية إنه “من الصعب التكهن بنتائج الانتخابات على أساس كمية التغريدات الطنانة التي يحصل عليها أحد المرشحين”. وأظهرت أن 40 بالمئة من الرسائل التي تبث على تويتر، هي “ثرثرة خالية من المعنى”.

وتؤكد الدراسة أن “الأحداث السلبية، مثل الفضائح، تلعب دورا هاما في عملية التقييم، بحيث تعمل على تسليط الاهتمام على حزب أو مرشح”. وبهذه الطريقة، تساهم الفضائح أو الإنجازات بطريقة أو بأخرى في التأثير على مستوى الدعم لمرشح ما بطرق مختلفة، وهذا لا يعني أن “الحصول على المزيد من التغريدات يعني الحصول على المزيد من الأصوات”.

وفي هذا السياق يوصف المرشح الجمهوري دونالد ترامب بـ”الظاهرة التويترية”. كان أستاذ الإعلام بجامعة جورج واشنطن ستيفن روبرتس، أرجع وصول ترامب إلى هذه المرحلة في سباق الرئاسة الأميركية، إلى خبرة المرشح الجمهوري الإعلامية، ومهارته في استخدام تويتر، مشيرا إلى أن ترامب يدرك منذ البداية أنه لن يربح. وقال روبرتس، إن ظهور ظاهرة ترامب بهذا الشكل يرجع في البداية إلى كونه “مقدم برامج تلفزيونية محترف”، يدرك كيفية التعامل مع التلفزيون كوسيلة إعلامية بسيطة، لا يمكنها عرض الموضوعات المعقدة.

وتابع روبرتس، الذي عمل كمدير لمكتب صحيفة نيويورك تايمز في الولايات المتحدة وقام بتغطية 13 انتخابات رئاسية أميركية، أن خبرة ترامب جعلته يحصل على ما يقدر قيمته بـ2 مليار دولار أميركي من ساعات البث التلفزيوني مجانا، وحصل على تغطية أكثر من منافسيه الجمهوريين، وأكثر بنسبة 40 بالمئة من منافسته هيلاري كيلنتون. وأضاف أن العامل الثاني الذي أدى إلى ظهور ترامب هو مهارته في استخدام تويتر، وهو وسيلة أكثر بساطة و”غباء” من التلفزيون، فلا يمكن نقل معلومات معقدة في 140 حرفا، وهو يعرف نوعية الرسائل التي من الممكن أن تثير الجمهور، وهي الرسائل الجدلية والصادمة.

ويتابع ترامب على صفحته الرسمية على تويتر 12.4 مليون متابع، فيما تحظى هيلاري بمتابعة 9.66 مليون فقط. وقال “قد لا تكون لترامب خبرات سياسية، مثل منافسته كلينتون، لكنه إعلامي محترف، استطاع أن يقود الإعلام ويحقق ظاهرة ترامب”. وأضاف “هناك نظرية تقول إن ترامب يعلم أنه غير مؤهل للرئاسة، ولم يكن يتوقع أن يصل إلى هذا الحد في الانتخابات، وربما لا يريد أن يكون رئيسا، وأنه سيعمل بعد الخسارة على تكوين إمبراطورية إعلامية باسمه، فهو رجل يعشق وضع اسمه على الأشياء”.